كم ( خوسيه موخيكا ) يحتاج عالم اليوم ؟

وخوزيه موخيكا هذا هو اشهر من نار على علم هذه الايام ..وهو الرئيس الحالي لجمهورية الاوروغواي ..البلد الامريكي اللاتيني الصغير الذي يقع في الوسط بين البرازيل والارجنتين بملايينه الثلاثة والنصف .. وسبب شهرة الرجل ليس لانه لاعب كرة قدم في دولة تتنفس هذه اللعبة بعد ان فازت بكاس العالم مرتين عامي 1930 و1950..وحلت ثالثة في اخر بطولة ؛ بل لشان اخر مختلف تماماً ..وهو منذ ان وصل الى الحكم قبل عام  في انتخابات نزيهة مئة في المئة وهو يخطو خطوات متوازنة لاسعاد شعبه والمحرومين والفقراء منهم بشكل خاص ..فقبل موسم الشتاء الحالي ( في الاوروغواي طبعا..وعادة ما يكون الشتاء بارداً قارساً ) نزل الرئيس موخيكا ؛ كعادته الى الشوارع يتفقد احوال الفقراء والمشردين ومن لا مأوى ولا مسكن لهم..فوجد ان عدداً كبيراً منهم سوف لن تستوعبه دور الدولة الخاصة ..فقرر على الفور تهيئة غالبية اجنحة القصر الرئاسي ( كاسا سواريث ) لايواء هؤلاء الناس معلناً : ان المشردين والفقراء هم جزء من هذا الشعب ..وهم اولى مني ومن ضيوفي بالقصر !!..مكتفيا بجناح واحد لتمشية امور الدولة واستقبال ضيوف الدولة..ثم اتخذ خطوة اخرى بأن تنازل عن تسعين من المئة من راتبه الشهري للجمعيات الخيرية الخاصة بالفقراء ليصبح راتبه عداً ونقداً 1250 دولارا امريكيا فقط لاغيرها وهو راض عن ذلك ..ويقول ان راتبي يكفيني كأي موظف حكومي !! ثم انه يرفض ان يرافقه في جولاته موكب سيارات رئاسي ..مكتفياً بقيادة سيارته الفولكس واكن التي كان قد اشتراها من ماله الخاص بمبلغ الفي دولار فقط يجوب بها شوارع عاصمة بلاده مونتيفديو دون حماية ولا رتل يطلق افراد حمايته النيران بالهواء بمناسبة او بدونها ..حتى يصل الى شقته المتواضعة في الضواحي.. وهو الذي ذهب الى الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك برفقة وزير خاجيته..واثنين فقط من السكرتارية او المرافقين على متن رحلة طيران تجارية ( في حين ان غيره كلف خزينة دولته واستلب من مال الفقراء والمشردين مليوني دولار فقط لا غير لنفس المناسبة ) ..ومن اندر الطرائف ان احدى المجلات العالمية الشهيرة صنفت موخيكا على انه افقر زعماء العالم لانه ببساطة لايملك دولاراً واحداً ..رصيدا في بنوك بلاده ولا بنوك الدول الاخرى..ولا يملك عقاراتٍ ولا اطيان ولا اراض على شواطئ الانهار ولا هم يحزنون..وتصف المجلة موخيكا بانه اقرب حكام العالم الى شعبه ..وتُذكِـّر بانه ضيّق على الاعلام الحكومي نشر اي نشاط او صور او افلام له ..وهو يعيش حياة الناس البسطاء مع اسرته ..ولم يشاهده الناس منفعلاً او مقطباً ويتسوق ويشتري حاجيات بيته بنفسه ؛ او مع اسرته..ونادراً ما يغير زيّه المكون من بنطلون من الجينز وسترة مختلفة اللون من دون ان يرتدي رباط العنق !!.
ومما يزيد من اعجاب العالم بهذه الرجل ان اقتصاد بلاده ينتشي بخطوات واثقة..وان دخل البلاد وناتجها القومي يضطرد ..اضافة الى سجلها الجيد في النزاهة والشفافية واستغلال موارد البلاد الطبيعية والتوزيع العادل للثروة والدخل القومي ..والتداول السلمي السليم والسلس للسلطة بالاطر الديمقراطية الصحيحة وكفالة الدولة لحرية الراي والتعبير . 
لقد سارع بعض الكتاب العرب ( ومن باب فاقد الشئ لا يعطيه ) الى تشبيه موخيكا بالخلفاء الراشدين..او الزاهدين او الخالدين في التاريخ العربي مع فارق التشبيه..ممنين النفس بان يجدوا حاكماً او مسؤولاً عربياً بنصف او ربع مواصفات هذا الرجل ..ولكنهم نسوا او تناسوا عمداً ان الرجال والرجولة سلوك وسيرة وتربية وبساطة وصدق وافعال وعدل وزهد وقناعة وشجاعة ..وهذه الموصفات ؛ كلها او بعضها يندر ان نجدها في سياسيي عالم اليوم ؛ ربما الا عند خوزيه موخيكا !!
[email protected]