26 نوفمبر، 2024 12:35 م
Search
Close this search box.

كل يوم الهرجه اببيت العرجهْ

كل يوم الهرجه اببيت العرجهْ

لا اعتقد ان الضوضاء في العراق لها مثيل في العالم، وانا تفاءلت جدا بمجلس النواب حين يصدر تشريعا يطلب فيه السيطرة على الضوضاء، لكن للأسف هناك بعض الناس الضوضائيين يحاربون توجهات كهذه، وهذه كارثة كبرى، في العام 1966 اصدر عبد السلام عارف قانونا يمنع الضوضاء ويعاقب من يتسبب فيها بالغرامة المالية او السجن، وكان وزير الداخلية في حينه عبد اللطيف الدراجي، قد قدم طلبا لمجلس الوزراء بمنع مظاهر الضوضاء التي تسببت بكثير من المنازعات والمشاكل، فوافق المجلس بالأجماع، وأقول جازما ان مجلس النواب قد صوت على اخطر وأحسن قانون خلال فترته التشريعية.

لقد ذقنا الأمرين من الضوضاء ومكبرات الصوت والأ طلاقات النارية ومسجلات السيارات، وشهر محرم يجبر اي مريض على الحجر، أو السفر خارج البلاد، اذ لا يكاد اي بيت من البيوت ان يضع قدر الطعام على النار، حتى يهرع الآخرون ويضعون مكبرات الصوت وتصبح حالة هستيرية لدى أهل العزاء والمنطقة بأجمعها، ومناطقنا الفقيرة أكثر المناطق تضررا من هذه الناحية، والباعة المتجولون لم يعودوا كالسابق، يصيحون بأصواتهم، لقد جلبوا مكبرات صوت أيضا، حتى المتسولين باتوا يصطحبون مكبرات الصوت ويقرؤون الشعر ورغما عنك تسمع ما يريدون.

حياتنا مع المولدات مستحيلة، فكيف بها اذا اضيفت عوامل مساعدة أخرى، انه تشريع يخص الشعب وهو من أكثر التشريعات مساساً بحياة هذا الشعب، أما المعترضون فهم أبطال هذه الضوضاء، لأنهم صدعوا رؤوسنا بأحاديثهم المكررة وبذرهم لبذور العداء والتفرقة في المجتمع، ومن هنا أنا احيي المتظاهرين لأنهم لم يصطحبوا مكبرات الصوت وهذا دليل رقي وحضارة ومدنية، اعترض، تظاهر، ادلِ برأيك، ولكن بهدوء ، احزن، افرح ، أقم شعائرك، ولكن بهدوء، صدقوني في ليلة العاشر من محرم نصل الى حدود الجنون، ألفاظ سوقية، وشباب مستهتر ومشاكل كثيرة، والطرقات تمتلىء بالضوضاء، ولم يكن الحسين هكذا، لقد قضى تلك الليلة بقراءة القرآن.

للأسف اننا في عام 1966 أحسن منا في عام 2015، وربما في عام 2015 أحسن منا من عام 2020 وهكذا، لأننا نسير عكس العالم، بيوتنا صارت عبارة عن

ضوضاء مستمرة، لا تطاق وهي كبيت العرجه، حيث يحكى ان امرأة عرجاء تسكن احدى المدن، كانت تحب الكيف والطرب، فكانت تقيم الافراح لاتفه الاسباب، وأضجرت جيرانها، فنزح قسم منهم هروبا من هذه المرأة، حتى صارت مضرباً للمثل، فقالوا: ( كل يوم الهرجه اببيت العرجهْ)، وقريبا سيضرب المثل في العراق لكثرة الضوضاء والصخب فيه، وهذا لعمري يحتاج الى متابعة وقوانين، ومجلس النواب هو المسؤول الاول عن هذا الامر، فتحية له لانه لامس جراح المواطنين اخيرا، وعرف ماينفعهم ومايضرهم.

كل يوم الهرجه اببيت العرجهْ، نعم هذا مايحدث في العراق، فصار عاملاً منغصاً لحياتنا المحفوفة بالمخاطر، مخاطر البيئة والتفجيرات، فمالنا ننتفض اذا حارب احدهم مظاهر الصخب والضوضاء، ونخرج نسخر منه ومن قراراته، اصبحنا للاسف لانفرق بين الجيد والرديء وننتفض من كل عمل حتى وان كان مفيداً للآخرين، وصارت السخرية منهجنا لأسقاط الآخر، وهذا هو السقوط بعينه، تشريع رائع وعلى المنصفين من الكتاب والمثقفين الوقوف الى جانبه، اما هؤلاء الذين يريدون انتشار الفوضى، فعلينا الوقوف بوجههم، النظافة والهدوء محددات المجتمعات الراقية، اما الهرجه التي يقيمها يومياً بيت العرجهْ، فهي مرفوضة، وان دافع عنها الآخرون.

أحدث المقالات