لا اعرف من اين ابدأ , ولا اين اقف , عندما اريد ان اكتب عن بشاعة جرائم تنظيم الدولة الاسلامية بحق شعبنا اليزيدي الآمن , ونحن ندخل سنة جديدة , فمشاعر السخط والغضب والقلق والالم لا يزال ينتابنا في كل يوم .
عام ونيف مرعلى فاجعة سنجار, ارتكبت خلالها افظع الجرائم , قتل فيها وذبح الاف الشباب والرجال الابرياء , شردت الاف العوائل من ديارها , استرقت الاف النساء والفتيات واستعبدت واغتصبت وهتكت اعراضهن وبيعت في اسواق الرق والعبودية واصبحن سلعا رخيصة للمتاجرة والاهداءات الرخيصة , خطف مئات الاطفال من عوائلهم واجبروا على اعتناق الاسلام , اطفال يزيديون لا يقل عددهم عن 700 طفل اسرهم داعش وجندهم في معسكرات تدريبية يلقنوهم اصول القران والفقه يدربونهم على السلاح والتفجيرات. ويطول الكلام عن وصف جرائم داعش وانتهاكاتهم اللانسانية تجاه شعبنا .
صار الدم والشرف اليزيدي مستباح بسبب العقيدة والدين , ونحن نعيش القرن الواحد والعشرين , التي تتباهى بقية الامم باحترام حقوق الانسان وحتى الحيوان ,عصر المواثيق الدولية والمنظمات الاقليمية والدولية المدنية والانسانية , لكنها وقفت موقف المتفرج عاجزة امام مجرمي داعش , اشباه الرجال المتشحين بسواد الملبس والوجوه والقلوب ’ الذين لا يختلف احد على انحطاطهم ودنائتهم , حتى اصبحوا عارا على دينهم وعلى البشرية والانسانية .
سنجارحكايتها حكاية وجع لا ينتهي , كانت لوحة جميلة , افترسها هؤلاء الهمج ودنسوها بقذاراتهم , هذه المدينة الامنة باهلها البسيطين تعرضت لعدة حملات ابادة جماعية باسم الدين على مر التاريخ , من قبل الترك والفرس والاكراد والعرب , الذين يرون ان اليزيديين كفارا , يحل لهم حسب شرائعهم المتخلفة قتلهم واستباحة اعراضهم وممتلكاتهم .
ومهما تحدثنا عن معاناة شعبنا فلا يمكننا وصفها لما تحويه من ظلم وقساوة سواء في التاريخ القديم او الحديث , فلا زال التاريخ القريب يذكر حملة القائد الكردي محمد الراوندوزي او مير كوري عام 1832م التي شنها على اليزيديين , والتي اعتبرت من اقسى حملات الابادة الجماعية , عبر فتوى رجل دين كردي وبمشاركة العشائر الكردية على اليزيديين ووقوف السلطة العثمانية التركية موقف المتفرج .
مع ان ديننا غير تبشيري لا يدعو احدا الى الانضمام اليه ولن يقبل ذلك , الا ان عزيمتنا وايماننا اقوى من كل ارهابهم وجرائمهم . والى وقت قريب كانت احداث الشيخان ثم نكبة سنجار عام 2007في تل عزير وسيبا شيخ خدري واخرها فاجعة سنجار اب/2014 .
ومنذ ذلك التارخ والشارع اليزيدي بكل نخبه , وفود , منظمات ,شخصيات , يشهد حراكا اقليميا ودوليا مستمرا للفت انظار العالم الى هذه الانتهاكات ونقل معاناة اهلنا في سنجار .
الا ان احدا لم يستطع ان ينقل الصورة الحية لهذه الجرائم كما نقلتها الشابة الناجية نادية مراد , فقد تحدثت بصدق وحيادية دون ان تنحاز لاية جهة او مصلحة سياسية على حساب “الايزدياتي” . لانها عاشت الماساة شخصيا وهي لاتزال في عمر الزهور, مدة تجاوزت الثلاثة شهوراسيرة لدى داعش.
فكانت افضل من اوصل مأساتها ومأساة رفيقاتها السبايا للعالمية وللراي العام الدولي والاسلامي بكل جرأة وشجاعة . وفضحت الذين تسببوا بكوارث انسانية بشجاعة لا يمكن السكوت ولا الصمت عنها ولا ابتلاع الاهانة او الغض عنها ولا التساهل فيها .
نادية من قرية كوجو في سنجارالتي تعرض سكانها لابشع ابادة جماعية , فتاة بريئة دمر وحوش داعش كل شيء جميل في داخلها , هي احدى الضحايا التي ذاقت ظلمهم وشهدت جرائمهم المروعة التي هزت كل القيم والمبادىء الانسانية والاخلاقية .
نادية ليست حالة فردية , هي واحدة من الاف الفتيات اللاتي استعبدهن اعداء الله واستباحوا اجسادهن بالاغتصاب الجماعي بالقوة وتحولن الى سبايا لاشباع شهواتهم وغرائزهم الحيوانية . والكثير من الفتيات فضلن الانتحار حتى لا يدنس هؤلاء الوحوش اجسادهن الطاهرة .
فتصوروا حجم الصدمة الانسانية المؤلمة التي عاشتها نادية ورفيقاتها من اثار همجية وحشية لم ترحمهم , وماذا تصنع السبية الاسيرة امام وحوش مدججين بالسلاح لا يخشون احدا؟
رغم ذلك وقفت نادية بكل شموخ وجرأة وشجاعة دون خوف او تردد تتحدث في المنابر الرسمية والاعلامية في مجلس الامن الدولي في نيويورك وفي القاهرة من المقر الرئاسي , وفي الازهر الشريف وجامعة القاهرة , تفضح همجية وحوش تنظيم الدولة الاسلامية داعش في ارتكاب جرائم القتل الجماعي للابرياء والاغتصاب الجماعي للفتيات والمتاجرة بهن وكيفية بيعهن في مايسمى بالمحكمة الاسلامية في الموصل وعرض صورتها وصور رفيقاتها السبايا الاسيرات في المحكمة للبيع او للايجار , وهناك العديد من القصص التي تترجم المعاناة والذي غفل مسؤولي وقادة العراق في الحكومتين المركزية الاقليمية عن معاناتهن .
اي عار وخزي ارتكبه هؤلاء المجرمون باسم الدين الاسلامي وفي ارقى وارفع مكان يفترض به ان يكون “محكمة الموصل” الذي كان صرحا قضائيا ورمزا للعدالة والنزاهة والمساواة, والذي سبق ان عملت فيه بحكم مهنتي كمحامية على مدى سنوات عديدة ادافع فيه عن الحق وعن المظلومين , ليتحول الان الى رمز
للتمييز الديني العنصري والظلم والاستعباد يضفي صفة الشرعية لممارسات لا انسانية ولا اخلاقية .
لقد شوه هؤلاء الرعاع حتى صورة الاسلام لدى الاخرين وشطحت جوارحهم وتعطلت مداركهم بافعالهم المشينة تلك التي يندى لها جبين الانسانية منها خجلا .
فيا لقذارتهم وقذارة افكارهم .
حتى اصبحت العقلية الدينية الجاهلية المتخلفة هي السائدة والرائجة وتعيش عصرها الذهبي في محكمة الموصل, لتحكم وفق شرائع لا علاقة لها بالقانون , وفي تعصبهم وتكبرهم وتطاولهم على كرامة الاخرين حتى يتاجرون بالنساء وبانسانيتهن في سوق النخاسة واستغلالهن لجهاد النكاح .
فالمشهد القادم لا يبدو انه يبشر بالخير, فهناك خشية من الصقيع القادم, لان تنظيم الدولة الاسلامية لا تستطيع ان تتجاوز الفكر الاسلامي تجاه اليزيديين , وستظل المشكلة باقية , وربما تثار مشاكل اخرى مستقبلا . فلم يعد العراق بلدا امنا لنا ولا يمكننا العيش فيه بامان ولا سلام . وقدرنا ان نتشتت ونتغرب كي نعيش الامان
هم ارادوها لنا هكذا .
فكل عام وانتم …ترذلون .
لا بل في كل يوم , وكل ساعة.