كل شيء عندي من الله
استطيع ان افعل ذلك بأذن الله
هذه العبارات كثيرا ما كنا نسمعها منه يقولها بثقة وايمان تضفيان على ملامحه جلال وجمال.
ما زلت اذكر تفاصيل مطولة عما كان يتحدث به بل انا اذكر الاماكن التي كنت اسعى جاهدا كي تجمعني به رغم انني لست بصاحبه ولم تجمعني اياه روابط قربى او جوار او صداقة.
ربما ستوجهون لي سؤالكم العتيد الذي تتضمنه عبارة:-
وكيف تذكر كل تلك التفاصيل وتعرف كل الكلمات…؟
سأوضح لكم الامر ببساطة ويسر اذ تم ذلك من خلال ابن عمي (ميسر) فهو صديقه الحميم ولذا كنت أؤكد عليه اي على (ميسر) ان يدعوني لمرافقته حين يجتمع بالسيد فاروق الذي يعمل محاسبا في شركة الحياة لإنتاج الاسمنت وهو اضافة الى ذلك يواصل دراسة الماجستير في الاقتصاد .
هو بحق انسان مثابر وكفؤ يشهد بنزاهته زملائه ومسؤوليه وهو بحق محط احترام وتقدير من الآخرين .كان بابتسامته الطيبة وكلمته الصادقة يأسر القلوب فتفيض بحبه دونما غاية وبذلك فهو محظوظ بهذا الحب الصادق.
…..
رأيته اليوم مختلفا … اجل رأيته مختلفا فقد فارقته تلك الابتسامة الطيبة ولم يعد وجهه طافحا بالبشر ولم يبادر المشاركة في اي حديث او حدث كعهدنا به ,لقد اكتسى وجهه بغلالة من الحزن ونظراته تائهة كانه في شرود دائم …عجبت اذ بدى بهذه الصورة …بل وثارت في نفسي تساؤلات وتساؤلات همست بها الى ابن عمي( ميسر) الذي اخبرني بدوره ان صاحبنا يعيش ازمة اليمة بسبب فقدان شقيقه بسبب عجز كلوي .
وحين اتم ابن عمي عبارته التفت الينا قائلا:-
سأصحح لكم المعلومة فليس هذا الحزن بسبب فقدان اخي وهذا امر الله وامره نافذ فينا وهو على العين والرأس لكن الذي يحز في نفسي قانون حرم اخي من فرصة للحياة من خلال تبرع احدهم بكليته وان كان مقابل مبلغ ليس زهيد ولا قليل رغم مطابقة الانسجة ونجاح كافة الاختبارات.
لماذا اذن لم يتم اجراء العملية …؟
القينا هذا السؤال في لحظة واحدة انا وابن عمي…..
اجابنا لم نكن نعلم ان القانون لا يسمح بالتبرع الا لمن يحملون جنسية وقومية واحدة………………………؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
…………….
الرصاصة التي تنطلق من فوهة المسدس او البندقية لا تفرق بين جنس وآخر والقنبلة التي تقتل هي الاخرى لا تبحث عن هوية والصواريخ التي تزهق الارواح لا تدقق في الصفحات الشخصية .
الارهاب ضد الجميع وليس له دين ولا قومية لا يفرق بين صغير وكبير بين مريض وصحيح بين رجل وامرأة بين شاب وشيخ هدفه قتل الانسان وسلاحه ظاهر للعيان ………………………
القوانين ايضا تكون سلاح وهي ايضا تفتك بالإنسانية حينما يغمط الحق في ظل القانون .حينما لا يمنح الغجري حقه وهو ابن الوطن الذي ولد على ارضه وتربى في ربوعه وكد في سبيل بناءه علما ان بعض الدول تمنح الطفل المولود على ارض طائرة تعبر اجواء تلك الدولة جنسيتها.
هذا هو الفرق بين ان يكون القانون انساني او لا اريد ان اقول لا انساني فتلك كلمة كبيرة ورهيبة اتحفظ عن نطقها او ادعائها.
دائما هناك وجهات نظر لمن يضعون مثل هذه القوانين وهي تنظر الى ابعاد قد تكون خافية على من ليس له اطلاع عليها لكن ما اريد قوله هو اننا جميعا بني آدم وحواء وان اختلفت جنسياتنا واختلفت انتماءاتنا وافكارنا وظروفنا والواننا …..كلنا لآدم وآدم من تراب.