18 ديسمبر، 2024 7:46 م

كل الدماء التي أرقتها كأنها لم تكن.. على بايدن إنهاء سياسة الكيل بمكيالين

كل الدماء التي أرقتها كأنها لم تكن.. على بايدن إنهاء سياسة الكيل بمكيالين

أشعلت الإدارة الأمريكية الأزمات والصراعات في المنطقة، وما تزال تمارس أساليب فرض الهيمنة على منطقتنا عن طريق تأجيج الإنقسامات والنفخ في نار الخلافات الإقليمية، فاليوم يشتعل الصراع ويحتدم الإقتتال في العراق مما أدى إلى إشتعال حرب طاحنة هناك، ونرى سورية اليوم التي حولته واشنطن إلى ساحة عنف وساحة مفتوحة لكل العصابات، وإشغال دول المغرب العربي بنزاعات مماثلة، ولا ننسى محاولة تفتيت اليمن ومصر وتونس والسودان ولبنان والصومال من خلال محاولة صنّاع القرار الأمريكيين بتكريس الخلافات وإنشاء تكتلات دينية مختلفة، كما عملت على عزل إيران وفرض العقوبات عليها لإجبارها على إيقافها عن تطوير التكنولوجيا النووية، والقضية الفلسطينية التي لا تزال إسرائيل تقتل الفلسطينيين، هكذا تلعب أمريكا أدواراً في إشعال الحروب، وتأجيج الصراعات ثم تأتي بصفتها المنقذ والمخلص للشعوب لتزرع قواعد لصواريخها في منطقتنا لتحقيق أحلامها بشرق أوسط كبير.

 

وظلت الازدواجية الأمريكية تجاه القضايا الدولية مستمرة، حيث تتحدث أمريكا دوماً عن محاربة الارهاب واجتثاثه وتقوم بممارسات مناقضة تماماً من خلال نشر الارهاب والارهابيين بالدول العربية لاضعافها وتمزيقها ثم الانقضاض عليها بحجة حماية المدنيين كما هو يحدث الان بسورية من خلال قرارهم الجائر بتشكيل حلف للعدوان عليها. فأمريكا تعمل بالمثل المصري “تقتل القتيل وتمشي في جنازته”، ولو كان هدفها التخفيف من معاناة الشعب السوري لما أصدرت قانون “قيصر” الذي يهدف لخنق الشعب بعد فشله عسكرياً هناك.

 

ونفس الأمر، بالرغم من تصويت أمريكا “ضد مشروع القانون” الذي قدمته دول عربية إلى الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2015، والذي يطالب بـ “مراقبة الأنشطة النووية الإسرائيلية” وإجبارها على قبول معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، إلا أنها تعاملت بمنطق ازدواجية المعايير مع المشروعين النوويين الإسرائيلي والإيراني، رغم أن الأول يحمل سمات عسكرية واضحة، والآخر يحمل سمات سلمية، رغم ذلك، تعرضت إيران للعقوبات والتضييق بقرارات أممية وأحادية، فيما واشنطن عن المشروع النووي الإسرائيلي العسكري، بل رعته، سواء دبلوماسيا من خلال منع مناقشة برنامجها النووي في المحافل الدولية، أو مادياً من خلال تجاهل الانتهاكات الإسرائيلية للقانون ذات الصلة بأنشطتها النووية.

 

وهنا فإن السياسة المبنية على العدالة هي شرط أساسي وضروري من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة . اعتقد أن إسرائيل وأمريكا تقفان على أرضية واحدة لأن الأهداف مشتركة والاستراتيجية متناغمة للهيمنة والوصاية على المنطقة العربية ، بالرغم من أن المجتمع الدولي يرفض التوجهات الإسرائيلية لاستهداف الأرض والشعب الفلسطيني ، إلا أن النفوذ الإسرائيلي داخل المجتمع الدولي قد قوَّض إرادة المجتمع الدولي للوقوف ضد المشروع الصهيوني .

 

وأخيراً فإن الضعف العربي الحالي والانحياز الأمريكي والغربي لن يغير حقيقة ولن يضيع حقًا ، إن فرطنا فيه فلن تقبله الأجيال القادمة ، قد نضعف وقد نختلف وقد نهزم عسكرياً ، ولكن الأهم من ذلك كله ألا ننهزم نفسيًا أو نقبل مما يريده لنا العدو أن نقبله ، لن نكون هنوداً حمراً كما فعل المستعمر الغربي في الأمريكيتين ، نعم لن تحرر المقاومة الفلسطينية بمفردها فلسطين ولا يطلب منها أكثر من ذلك . ولكنها ستظل رأس حربة في وجه إسرائيل تستنزفها ، وتشكل خبرة لأجيال قادمة أكثر عمقًا في النظام العربي ، فمقاومة دون ظهر قوي لن تنجح ، وعمق دون ذراع لن ينجح أيضاً . فالمقاومة تدافع عن محيطها وعمقها قبل أن تدافع عن نفسها وأمن الدولة لا يبدأ عند حدودها ولكنه يبدأ أبعد من ذلك بكثير .

لذلك يمكن التغلب على التهديدات بالمواجهة العربية الجماعية والتنسيق وإدراك المخاطر من جانب صانعي القرار ، ووضع الخطط الطويلة الأمد لمواجهتها والتغلب عليها للمحافظة على كيان هذه الأمة وأمنها وسلامتها .