23 ديسمبر، 2024 3:01 ص

كلٌ منا يحب ان يكون.. الا هؤلاء يحبون ان نكون..

كلٌ منا يحب ان يكون.. الا هؤلاء يحبون ان نكون..

لم نرى في وجوههم يوماً الا تعب السنين وشقاءها ومعاناة الفقر وبؤسه الشديد.. لا يشتكون هموهم ولا يعرفون معنى التشكي اصلاً… غايتهم واهدافهم تسير مع عواطفهم ولايوجد شيء فيها الا شيء واحد هو ارضائنا…
يخافون علينا من الحر والبرد ولا يشعرون بتقلبات الجو من حولهم.. انهم نخلة معطاة دائماً يمنحوننا المحبة والحنان فكانوا القدوة الحسنة في كل معايير القيادة…
تعلمنا منهم كل شيء مفيد وامتنعنا بسببهم عن عمل كل شيء معيب ومكروه… لم يكونوا من حملة الشهادات الجامعية لكنهم كانوا مدارس ومعلوماتهم تكفي لان تكون اطروحة للمناقشة للحصول على أعلى الشهادات..
هم كل شيء تعلمناه وبفضلهم مازلنا نباهي العالم اننا من سلالة هؤلاء العظماء الذين آثروا حتى في لقمتهم الخاصة واعطوها لنا…..
كبرنا وكبرت معنا عوائلنا ومازلنا نتذكر كل صغيرة وكبيرة عشناها في تلك الاحضان الابوية الدافئة ومازالت أيام الاسرة والفرد موجودة في داخل قلوبنا بكل حنينها وحنانها….رحلوا عنا الى عالم آخر وتركونا نصارع اقدارنا بين عثرات الحياة وبين افراحها واتراحها.وكلما تواجهنا الصعوبات ونحن نعيش في عصر مختلف كلياًّ عنهم اتذكرهم وتعود بي الذكريات الا فرحتهم عندما يجلبون الا منازل عوائلهم علبة المعجون او تنكة الدهن من نوع الراعي والتي كانت تدوم ببركتها لعدة اشهر لكون استخدامها قليل ولايوجد طبيخ منوع مثل يومنا هذا….
كم كانت فرحتهم بنا وتفاخرهم امام المجتمع بأعمالنا التي نقوم بها رغم انها تعتبر بسيطة جدا ولكن محبتهم لنا والتباهي بنا يجعلها من الاعمال الكبيرة….
لقد حملوا معنى الابوة والامومة بعيدا عن انانية النفس وبعيدا عن مغريات الحياة وكانوا راضين بما قسمه الله لهم مقتنعين بالبساطة ولايعنيهم الملبس الفاخر او الاكل الدسم شيئاً لا من بعيد ولامن قريب… همهم الوحيد معيشة عوائلهم وصراعهم مع الزمن من اجل تحقيق افضل الموجود لهم…
وبهذه البساطة التي يمتلكونها كنا جميعا متساوون في واقعنا الريفي بملبسنا ومأكلنا وكل الفوارق بين ابناء العوائل بسيطة جدا ومتفاوتة من حين الى آخر….

كانوا يقضون اوقاتهم بحكايات عن الطبيعة ويتمجدون ببطولات اسلافهم وكانوا يستمعون لكل حكاية ويقولون ويحفظون الشعر دون كتابة….
انهم الاباء والامهات الذين كان يتمنون ان نكون افضل من الجميع وكنا جميعا نحب ان نحقق أحلامنا وطموحاتنا وان نكون شيئاً مهما في حياتنا بفضلهم وتوجيهاتهم ومازلنا الى يومنا هذا نعيش على تلك التعليمات النابعة من الفطرة الربانية ومازلنا نعلمها لأبنائنا وبناتنا رغم اختلاف مظاهر الحياة في كل الجوانب ورغم قلة التواصل والترابط الاجتماعي وضعف صلة الارحام الواضحة والبائنة معانيها في يومنا هذا…

فاين نحن من هؤلاء وهل سوف يذكرنا الاجيال من ابناءنا مثل ذكرنا لمن سبقونا…اسئلة مبهمة كثيرة… واين….. واين… واين؟؟؟