23 نوفمبر، 2024 1:36 ص
Search
Close this search box.

كليجة سياسية

وصل الاسترخاء الى ذروته ,حيث كان مستلقي على أحدى الشواطىء الفلانية في تلك الدولة الفلانية التي تمتلأ بمئات السياح نسبة لجمالها , كان برفقة زوجته وأطفاله المرفهين وكان مياه الشاطىء يدغدغ قدميه وهو يحملق في سماء ليس كالسماء التي عندنا , هي خالية من دخان الانفجارات وصوت الطائرات , ذهب ليسترخي بعيداً عن ضجيج العراق لان اقرانه من أعضاء البرلمان شجعوه على ذالك , فلم يحتمل البقاء على قيد العراق وهو يشاهد سفر اغلب المسؤولين للاسترخاء كذالك  , كل شيء يسير بسهولة فائقة فلم يكلفه عناء السفر وقطع التذاكر جهداً ووقتاً لأنه يتمتع بهوية ساحرة تجعله يعلو فوق الكائنات , أوصلته الحماية الى المطار معززاً مكرماً منتفخاً متغطرساً. أدار ضهرة عن الوطن تاركاً وراءه أرصفة حمراء مغطاة بدماء الكادحين , وتارك العشرات من (السوالف الغامضة ) التي أغرقت الرعية بمئات المشاكل التي أفتعلها الراعي , العيد عندهم غير الذي عندنا , فهم أعضاء البرلمان العراقي , وهذه الكلمة ما ان تطرق مسامعك حتى يتسلل الى ذهنك المزايا والارقام العالية من النقود والرفاهية العارمة التي يتمتعون بها وكل شيء , نعم أنهم يمتلكون كل شيء . وصل معدل الاسترخاء الى ذروته ,حيث كان  ممدداً قرب أحدى الشواطىء الخلابة في احدى الدول الباهرة برفقة زوجته
أكتب في وقت كشفت فيه معلومات أخبارية عن خلو أغلب مساحات المنطقة الخضراء من قاطنيها بعد سفر عوائل المسؤولين للتمتع بعطلة العيد بعيداً عن هموم المواطن واخباره التي تعكر مزاجهم وتفسد عليهم متعة الاحتفال بهذه المناسبة التي حرم منها اغلب أبناء الوطن , فقد كشف تقرير عن سفر 60 بالمئة من المسؤولين لقضاء عطلة العيد خارج اسوار الوطن ,
نعم انهم رحلو ولم يبالو لسرقة فرحة العيد من المواطن بسببهم فهم تمتعو وحرمو الشعب من التمتع , فبغداد يمر عيدها وسط أوضاع امنية تكاد تكون الأسوء بالنسبة للأعياد السابقة , طرق مقطوعة وغزوات شرسة جديدة يقودها كائنات شبه بشرية رش على قلوبهم مبيد للرحمة .
مايجعلني أنتقد سفرهم هو ما أراه من خلو قلوب المواطنين من تلك الفرحة , فياليتهم منحو شعبهم قليل من الآمان وظروف معيشية  ملائمة  تحفزهم على الأحتفال بهكذا مناسبة .
أطفال اغنى بلد يمر على بعظهم العيد وعيونهم تراقب ملابس هذا وملاعيب ذاك من الاطفال الافضل حالاً , وبالرغم من ان العيد هو من حصتهم ان لم أكن مخطئاً لأن الكبار يقتصرون على تبادل التهاني والزيارات في أغلب الاحايين , الا ان اطفالنا أنقسمو بين ثقافة العنف المبانة من طريقة لعبهم وبين من يتحسرون على شراء الالعاب وبين من يمتلكونها ويخشون الخروج لدواع امنية .
أن لم ابدو متشائماً فهكذا يمر علينا العيد محمل بحواجز كونكريتة وغزوات ارهابية وثقافة عنف صبيانية ومنطقة خضراء هجروها أصحاب القدرة على السفر تاركين وطناً يخلو من ادنى مقومات الاحتفال بهكذا مناسبات وشعب مرهق بكل الاحتمالات , مع العلم أننا سنحتفل بطريقة تقليدية وسط عوائلنا نلعن من كان السبب في تردي الامن ونقص الخدمات ليكون في صبيحة كل عيد ماعون كليجة وشاي وطني مقدماً من امهاتنا الوطنيات وليبقو هم يأكلون كليجتهم السياسية بأنوف غير وطنية , وكل عام وأنتم ذو وطن أجمل .

* كاتب عراقي
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات