22 نوفمبر، 2024 1:30 م
Search
Close this search box.

كلية الزراعة في ذمة الغياب

كلية الزراعة في ذمة الغياب

في سنوات المد القومي وقيام ضباط الجيش في الدول العربية بانقلاباتهم العسكرية سيئة الصيت كان من أهم الأعمال التي يقومون بها بعد قتلهم الحكام واستيلائهم على الحكم وتثبيت أركان سلطتهم بالحديد والنار هو قيامهم بتاميم الشركات والمؤسسات في بلدانهم وافقار أصحاب الرساميل المحلية ليصبح الجميع تحت رحمتهم ويعملون لأنفسهم دعاية وضجيج إعلامي تحت دثار وطني وبعد تصفية التجار والصناعيين يلتفتون للمناوئين الذين يمتلكون ثقلا أو إرثا وطنيا فيوصمونهم بالخيانة والتجسس ثم يتم اعدامهم والتخلص منهم باسم الشعب ويستمر الحال هكذا حتى ظهور طامح آخر يقود دبابته ويحتل القصر الرئاسي ثم يتخلص من سلفه ويعيد الكرة حتى تفرغ البلد من الكفاءات المختلفة ورأس المال الوطني وكل أنواع المعارضة الواقعية والمحتملة لكن بعد انتهاء الحقبة القومية وانقلابات العسكر وبرنامج امريكا ( راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان ) وصلت إلى سدة الحكم أنظمة جديدة تختلف في الشكل وتتشابه في المضمون ينحصر كل همها في الإجهاز على ماغفلت عنه أنظمة الانقلابات ويتم بموجبه تدمير الاقتصاد الوطني ومرتكزات البنى التحتية وافقار البلد إلى أبعد حد ممكن وهذا ما يحصل في كل دول الربيع العربي ولنقف عند دليل واحد على هذا التدمير هو ( كلية الزراعة و البيطرة ) تلك الكلية التي أسست عام ١٩٥٢ على غرار كلية الزراعة الأمريكية في كاليفورنيا على مساحة ( ٥٥٥ ) دونم تقريبا وتبعد عن بغداد بمسافة ( ١٧ ) كم واشتملت على كل ما يتعلق بالزراعة من بستنة وزراعة محاصيل ومكننة زراعية وتربية حيوانات وإنتاج وطب بيطري إضافة لحدائقها ومكتباتها ومختبراتها والملاعب ودور إسكان العاملين فيها وعلى مدار السنوات الماضية خرجت هذه الكلية آلاف المهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين والاختصاصات والكفاءات الزراعية ومنحت مئات الشهادات العليا .. هذه الكلية العريقة بتاريخها بامكانياتها بمنجزاتها بكفاءاتها أصبحت في ذمة الغياب ليس بسبب هفوة أو خطأ من مسؤول إنما بتخطيط ودراية مسبقة وعمل دؤوب وفق رغبة راعية الديمقراطية وحقوق الانسان من لدن من استلموا السلطة وارثين ضباط الانقلابات إذ تم إغلاقها ونقلها مع كلية الطب البيطري في الجادرية وحصرها بمساحة دونمين من الأرض وتحول المكان إلى مباني مهملة يعشعش فيها الخراب ومزروعات ماتت عطشا وكل هذا يمكن تداركه وإصلاحه لكن المفاجأة غير السارة هي قيام وزارة التعليم العالي ببيع أرض كلية الزراعة وما عليها إلى وزارة التجارة ليلف وضعها النسيان والغموض فترة قصيرة حتى ظهور مستثمر يشتري الأرض من وزارة التجارة ويحولها إلى إحياء سكنية بعد أن كانت تزود البلد بكل ما يحتاجه من كفاءات زراعية وبيطرية وتعليمية وسط صمت رهيب من الذين يديرون السلطة ويمسكون بالقرار .. لا تبرير ولا توضيح أكثر لما جرى سوى أنه تدمير ممنهج رسمت خططه بعيدا ونفذه الماسكين لزمام الأمور ثمنا لما حصلوا عليه .

أحدث المقالات