19 ديسمبر، 2024 6:00 ص

كلية الامام الكاظم (عليه السلام): النموذج الاسوء للفساد في العراق

كلية الامام الكاظم (عليه السلام): النموذج الاسوء للفساد في العراق

لم يعد الصمت ممكناُ فلقد بلغ إستهتار إدارة كلية الامام الكاظم (ع) التابعة الى إدارة ( ديوان الوقف الشيعي) بالقوانين و بالقيم العلمية و الادارية  و حتى بالقيم الشرعية حداُ لم تبلغه مؤسسة رسمية في العراق على الاطلاق. فهذه الكلية تمارس الفساد الاداري و المالي و تقترف المخالفات القانونية في وضح النهار و على مرأى و مسمع الجميع و لا من رادع. و يبدو ان هذه الكلية هي عبارة عن سفينة ركب فيها كثرة من السياسيين و من أعضاء الاحزاب الحاكمة و النواب و المسؤولين و أصحاب القرار، مستفيدين من سهولة حصولهم على شهادات جامعية من هذه الكلية (و بالاخص في قسم القانون) بلا حق و بصورة مخالفة لقوانين التعليم العالي و حتى لقوانين المنطق، بحيث ان العديد من هؤلاء المستفيدين من الذين لم ينهوا دراستهم الثانوية بل و البعض منهم لم ينهي حتى الدراسة المتوسطة. و لقد تعبأ العديد من المسؤولين الرسميين و أعضاء مجلس النواب بكل الحقائق الدامغة و بالوثائق التي زودهم بها مجموعة من اساتذة الكلية الذين مازالوا و منذ سنتين يحاولون اصلاح أوضاع الكلية و بكل الوسائل. هذه الحقائق و الوثائق تشير الى الممارسة الدائمة لادارة الكلية للمخالفات القانونية بكل اشكالها. و لكن و للاسف مازالت الاذان صماء و الايادي مكتوفة و الالسن خرساء و الكل قد إلتزم الصمت على كشف بؤرة الفساد هذه، الا القليلين من اعضاء مجلس النواب و على رأسهم السيدة النائبة الشجاعة و المخلصة (هناء الطائي) التي لم تجد من بين المسؤولين و اعضاء مجلس النواب من يقف معها لايقاف ادارة هذه الكلية عند حدها و تقديم الفاسدين فيها الى القضاء لينالوا جزاءهم العادل.
و لقد شجعت مواقف السيد (صالح الحيدري) رئيس ديوان الوقف الشيعي و كذلك تواطؤ السيد (جعفر صادق حمودي) المفتش العام في هذا الديوان اللذان ما فتئا يدافعان عن فساد ادارة هذه الكلية بلا ادنى حياء، شجعت هذه المواقف ادارة الكلية و عميدها بالخصوص على التمادي في غيه حتى راح ينكل (بمجموعة الاصلاح) من اساتذة الكلية. و لقد طالت قرارات جائرة صدرها عميد هذه الكلية السيد (رشيد الحميري) ستة من خيرة اساتذة الكلية بالفصل الكيدي، و تم نقل العديد من هؤلاء الاساتذة الى فرع الكلية في ميسان نكاية بهم و لارهاقهم ماليا و ابعادهم عن موقع المواجهة المباشرة مع ادارة الكلية، كما صدرت قرارات تنحية عن المواقع العلمية و الادارية للبعض، بالاضافة الى اصدار ما يقارب من ثلاثين عقوبة ادارية ضد الباقين منهم.
و ليس لاحد الحاجة بالاطلاع على الوثائق و الارقام التي تثبت فساد هذه الكلية الذي يزكم الانوف لان كل شئ واضح للعيان و يمكن رؤيته بالعين المجردة. فالكلية هي عبارة عن مقاطعة و شركة للعميد و عائلته من إخوته و ابناءهم و اخواته و ابنائهن. و يكفي ان يطلع أي انسان على سجل الموظفين ليرى من هم اصحاب القول الفصل في هذه الكلية من أقارب العميد. و هذا يصح على فرعي الكلية سواء في بغداد أو في ميسان.
ثم إن هذه الكلية تمارس التمييز الطائفي بكل رداءة حتى انها تحقق في انتماء الطلبة الجدد الطائفي من خلال اسمائهم و ألقابهم و تحرم العديد من هؤلاء لمجرد الشك في إنتمائهم الى المذاهب السنية من خلال إنتمائهم لقبائل ينتمي اليها أبناء المذهبين الشيعي و السني. و عميد الكلية صرح و مازال يصرح بانه يقوم بهذه الاعمال المخالفة للقوانين بحجة (خدمة الطائفة الشيعية) التي نالها الحيف في ظل الانظمة التي حكمت العراق قبل عام 2003. و هو يدعي بحلية و شرعية عمله هذا و أن ما يقوم به من مخالفة للقوانين مسدد و مؤيد من قبل (المرجعية الشيعية) و اصحاب الفتوى الشرعية و علماء الدين الشيعة.
هذه الكلية لا تمارس اي عمل علمي على الاطلاق، و يكفي أن يدخل المرء الى صفحتها على الانترنت ليعلم ان هذه المؤسسة لا تهتم اطلاقا بالسياسة التعليمية و ليس لها اهداف علمية اطلاقا، بالرغم من وجود ما يسمى بـ (قسم الانترنت) في هذه الكلية و الذي هو مملوء بكدس من سيدات و سادة موظفين (شبه أميين) من ذوي العميد و ذوي اصدقاءه و معارفه. كما أن الكلية لا تمنح الترقيات العلمية و قد حرمت الاساتذة من هذه المكاسب لان الكلية لا تعير ادنى اهتمام لهذا الجانب، و اهتمامها الرئيسي هو في منح الشهادات لاصحاب القرار و المسؤولين و النواب و الموظفين و خصوصا ضباط وزارة الداخلية و وزارة الدفاع، و بالاخص من من حصل على رتبة عسكرية دون الدراسة في الكليات العسكرية من من شملهم إجراء ما يسمى بـ (دمج المليشيات) بوظائف دوائر الدولة، حيث ان البعض منهم لم يحصل حتى شهادة الدراسة الابتدائية.
و رغم الاموال الطائلة و الارقام الفلكية التي تحصل عليها الكلية من تمويل ميزانية رئاسة الوزراء و من الاقساط التي تجبيها الكلية من طلبة الدراسة المسائية و من أولاءك الذين يؤدون الامتحانات النهائية فقط  أو ما يسمون بـ (الدارسين بالانتساب) و البالغة اعدادهم بعشرات الالاف، فان مقر الكلية و مقر العديد من اقسامها مازالت (تحتل تجاوزا) بناية لمدرسة تابعة الى وزارة التربية في (حي جميلة). و مازالت البناية المزمع انجازها في (حي اور) طور الانشاء البطئ جدا. و حينما عرضت (مجموعة الاصلاح) من اساتذة الكلية اقتراح شراء بناية مؤقتة لاستيعاب اقسام الكلية و طلبتها بالشكل المطلوب ريثما ينتهي انجاز بناء الكلية الجديد، قام عميد الكلية بوضع (كونتينرات من صفيح) لاستيعاب الاعداد الهائلة لطللبة الكلية و صرفت الكلية أرقام مبالغ فيها جدا لانجاز هذا العمل.
إن أغلب رؤساء أقسام هذه الكلية هم من حملة (الماجستير) بالرغم من وجود اساتذة في هذه الاقسام من من يحملون درجة (الدكتواره)، الا انه و بسبب أن المقياس في منح المسؤوليات في هذه الكلية لا يقوم على أساس الكفاءة العلمية و الادارية بل على أساس طاعة العميد فأن كل رؤساء اقسام الكلية هم للاسف من من يشاركون العميد في جناياته القانونية و مخالفاته الادارية.
إن معالجة قضية كلية الامام الكاظم يتطلب شجاعة لا ترهبها تهديدات عميد الكلية و لا تهديدات الاحزاب و المليشيات المستفيدة من بؤرة الفساد و المخالفات الحاصلة فيها، هؤلاء الذين يلوحون بالمسدسات الكاتمة و المتفجرات اللاسقة لكل من يريد ان يقوم الوضع في هذه الكلية. قضية هذه الكلية هي قضية كل عراقي مخلص و يريد لهذا العراق و للعملية التعليمية التخلص من الفساد و الفوضى و الاستهتار بالقوانين و بالقيم و بمصائر و ارزاق الناس. فأين هم هؤلاء المخلصون؟

(احد أعضاء مجموعة الاصلاح في كلية الامام الكاظم عليه السلام)
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات