18 ديسمبر، 2024 8:09 م

كلنا من الحسين.. الحكيم أنموذجا

كلنا من الحسين.. الحكيم أنموذجا

جاء رجل من أقصى المدينة يسعى، قال أدلكم على ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدأ، حوزتكم النجفية الأصيلة، وشعائركم الحسينية النقية، تلك كانت وصية نطقها, وهو على مشارف قبة إمام المتقين ويعسوب الدين أمير المؤمنين.
عندما يمتلك الإنسان رؤية واضحة، وعمقا عقائديا استراتيجيا، يميز به الحق من الباطل، ويرى بوضوح ما يجب أن يقف عنده, والفقاعة التي سرعان ما تنتهي مع الزمن دون أن تبقي أثر أو تؤثر في واقع الأمر, عندها يجب أن نتيقن أن هذا قائد نسير بركابه باطمئنان..
قدم الشهيد الحكيم أنموذجا قيادياً عميقا, جمع بين القيم والمبادئ السياسية المبنية عليهما, فأنطلق على أرض ثابتة من الأخلاق والأعراف والأصول والدين, ليصنع ويؤسس لنظام جديد, يختلف عن عالم السياسية المبني على الكذب والخداع والفرقة والمحاباة.
إجتمع تحت منبره آلاف المحبين، في لقاء النجف الأول، الذي أسس لكل تلك القيم والمبادئ ،وانطلق منها نحو فرض إرادة الشعب ضد الاحتلال, والأيادي البعثية وقوى الظلام من ورائهم، وكلها كانت تسعى لتصفيته كل حين.
كان الشهيد الحكيم يرى أن الركائز الأساسية، لبقاء القوة تشمل ثلاث أعمدة يرتكز عليها كل نجاح وتفوق ونصر، للدين والوطن والمذهب.. فأولها التمسك بتوجيهات المرجعية الدينية العليا الصالحة في النجف الأشرف، ثم السعي لترسيخ الشعائر الحسينية النقية المتوارثة، والعشائر العراقية الأصيلة التي لزمت منهاج الدين والوطن, وما أنحرفت عنهما.
تلك الأعمدة التي أثبتت للعالم إنها دعامات عظيمة، حفظت العراق وحمته من جميع الهجمات, تواجه اليوم حربا كبيرة لتهديمها، والانتقاص منها، بل تشويهها والاستهزاء فيها، من خلال عمل منظم يستهدف الجيل الجديد، لفصله عن مراكز قوته, وخلق جيل من التفاهة والسطحية والانحطاط الأخلاقي والديني.
الهجمات بدأت بتسطيح عقل المتلقي، وإثارة الشكوك في العقائد, وتسويق التفاهة وتمويل مشاريع التي تنسلخ عن قيمها بدعوى التحرر والانفتاح، وهي عناوين براقة ولكنها بمحتوى سطحي أجوف، وصولا لإهانة القدوة، والعلماء وأهل الاختصاص..
اليوم ونحن نعيش الذكرى التاسعة عشرة لإستشهاد السيد محمد باقر الحكيم قدس, مازالت كلماته ووصاياه ترن في أسماعنا، وهي تؤكد على التمسك بتلك الأعمدة ، وحمايتها من أي هجمة، فضلاً عن ربط الأجيال الجديدة بها، والتسلح بالعلم والمعرفة لمواجهة الجهل والتفاهة.
كلنا من الحسين (عليها وأله السلام) نطقها وكل ذرة من جسده الطاهر تشظت, وهو يخط تلك اللوحة من العز والشموخ والقوة، في المقاومة والتحدي والصبر, ليبقى الشعب العراقي ينعم بالحرية والاستقلال, تحت راية العز والثبات, وحمل مشعل المبادئ التي قدمت الدماء الزكية ثمنا لها.