23 ديسمبر، 2024 4:32 م

كلنا في (التهكير) شرق

كلنا في (التهكير) شرق

قبل قرن من الزمن قال الشاعر احمد شوقي )كلنا في الهم شرق( في توصيف حال الامة العربية ايام الاستعمار ونوائبه اليوم تنطبق مقولته علينا بعد ان جاءت حكومات وطنية كما تدعي لاتقل قمعا ونهبا واستبدادا عن الاستعمار التقليدي ، ونحن نعيش على اعتاب الالفية الثالثة بعد الميلاد حيث وصلت البشرية الى اعلى درجات التطور وبدات الحياة اشبه بالخيال في استخدام الانترنيت ووسائل الاتصال الرقمية وتطبقاتها في كل مفاصل الحياة وصولا الى تقنية (النانو) وابعد من ذلك وبدلا من تطوير جامعاتنا واستخدام الفضاء الافتراضي والحكومة الالكترونية من اجل تقليل البيروقراطية والفساد اخذت الحكومات بالقمع ومحاربة مواقع الانترنيت التي تكشف الفساد ومحاربة الراي الاخر عبر (تهكير) تلك المواقع حتى التي ترفد مستخدمي الانترنيت ببعض المواضيع العلمية والمعرفية تاركتا مواقع التسلية والجنس والقمار  والمراهنات مفتوحة على اوسع ابوابها تنهش فئات عمرية مختلفة  من الاطفال والشباب ولاتستثني الكبار . وبخطوات يائسة صرفت الاموال من اجل حجب تلك المواقع بشراء شركات متخصصة بالتجسس على مواطينها من مستخدمي الشبكة العنكبوتية كما اتضح وكشف المستور عن مخابرات القذافي وافعالها المشينة بهذا المجال اوقطع شبكات الانترنيت كما حدث ابان الثورة التونسية والمصرية وفي اليمن ، وتبذل السعودية جهودا مضنية من اجل محاربة المدونيين ومستخدمي الشبكة العنكبوتية وحتى الصين لها مشاكلها مع   google والفيس بوك وحدث اكثر من صدام وتعمل معظم حكومات المنطقة العربية بنفس العقلية الاستبدادية في ملاحقة هذه المواقع دون هوادة ويقابلها اصرار وتصدي لاصحاب الفكر الحر والعدالة الاجتماعية والثوار من شباب الفيس بوك وتويتر من اجل حياة محترمة ومساوات بين البشر بغض النظر عن الدين والجنس واللون والعرق او القبيلة والنسب والمنطقة كماهو حاصل في بعض البلدان العربية
كان الاجدر بتلك الحكومات ان تخوض حربها الالكترونية هذه في الحفاظ على سرية معلومات الدولة الاقتصادية والعسكرية وتطوير الزراعة والصناعة والمواصلات . وبعض الدول المتطورة بهذا المجال  بدات تفكر بحروب استباقية  كما حدث مع ايران في تعطيل مفاعل بوشهر او محاولة السيطرة على الاتصالات والتجسس على الدولة البنانية  برمتها  .   
وعجز حتى من أوجد وطور تلك الوسائل أمريكا وأخواتها بالغاء الراي الاخر او شطبه من على الخارطة الافتراضية بعالم بدا يتجه مرة اخرى الى متعدد الاقطاب افتراضيا وعلميا وليس تقليدا ونجاح ويكيليكس وصاحبه جوليان اسانج في نشر ملايين الوثائق السرية والفضائحية ازعج معظم حكومات العالم في كشف المستور وظهور حركات مناهضة لهيمنة الشركات المتعددة الجنسيات واباطرة المال واذيالهم وضرب جزء من تمددها المريح غربا وشرقا وبدات تغير اللعبة لكن بكلفة وليس مجانا كما تعودت سابقا في النهب والسلب باسترخاء دون مقاومة تذكر من قبل قوى الضغط ومنظمات المجتمع المدني التي تستخدم الشبكة العنكبوتية في حشد انصارها المرة تلو الاخرى والمستقبل مفتوح على ثورات وهزات اخرى في ظل الازمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب العالم باسره
في ظل الفيس بوك وتوتير يبدو حروب (تهكير) المواقع التي تلامس بعض الفساد المستشري بالمنطقة   العربية على وجه الخصوص امر مضحك للغاية ويؤشر على غباء تلك الحكومات وعدم تكيفها مع العالم الجديد الذي اصبح قرية بفضل وسائل الاتصال الرقمية وتقانة اجهزة الاتصال المحمول (الموبايل) المذهلة في الصورة والصوت وحفظ الاف الملفات وبرامج متعددة الاستخدام في جهاز بحجم كف اليد او اصغر .
والعراق احتل مرتبة متدنية  جدا في الشفافية وهدر المال العام والفساد بكل انواعه لذا اصدرت الامانة العامة في مجلس الوزراء اوامرها وتعليماتها بمتابعة وسائل الاعلام الالكترونية وبعض الفضائيات التي تقوم بنشر الفساد الحكومي وملفات النزاهة وكشف المخفي من الصفقات الوهمية والفاسدة بمنع تلك الوسائل وحجبها بحرب الالكترونية و(تهكير) المواقع الالكترونية وتدميرها ان امكن وبلغ عدد تلك الوسائل قرابة 70 فضائية وموقع درجت على القائمة السوداء المستهدفة من قبل الحكومة ورصدت اموال طائلة لهذه العملية الخاسرة سلفا لانها لاتستطيع ان تحجب الاثير ولاتقدر على متابعة المواقع التي تظهر اسرع من الفطر او الحاق بها و(تهكير) موقع لايعني شيء بالنسبة لمستخدمي شبكة الانترنيت وستنفتح حروب وحروب مضادة والخاسر الوحيد هي الشعوب بدل التنمية ونشر العلم والتقانة اصبح هدر المال والطاقات والقمع هو البديل لغباء اصحاب القرار وفسادهم ولايريدون ان يبصروا اويسمعوا لمايدور من حولهم  .
[email protected]