13 أبريل، 2024 9:15 م
Search
Close this search box.

كلنا أرقام؟!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

الواقع البشع الأليم يشير بوضوح صارخ إلى أن العرب أصبحوا أرقاما على يسار رقم الكرسي.

فما تتداوله وسائل الإعلام عبارة عن “أرقام” وحسب!!

فلو قتل بضعة أشخاص من الأمة الصينية لأقامت الدنيا وما أقعدتها!!

ولو أختُطِف شخص واحد من أية أمة غربية لإهتزت أركان الدولة والحكومة!!

فالدول المعاصرة تعلي قيمة الإنسان لأنه من قيمة الدولة , فإذا ضعفت قيمته فأن الدولة ضعيفة.

وبما أن بعض دولنا ضعيفة مهزوزة السيادة والقدرة على رعاية الإنسان فيها , فأن الشعب في نظرها يتحول إلى أرقام.

وما يجري يشير وبلا منازع إلى أن المجتمع قد تحول إلى أرقام , من السهل شطبها وضربها ببعضها بعد أن تلصق بها علامة سالبة وموجبة لتمحو بعضها البعض , فتكون النتيجة صفرا أو رقما سالبا!!

نعم تحولنا إلى أرقام بجدنا وإجتهادنا المرير , وإعتقالنا لبصائرنا , وإطلاقنا لإنفعالاتنا وعواطفنا , وتمريغنا لمصادر عزتنا بوحل التفرقة والطائفية والعدوانية , والإمتهان السافر للمثل والقيم والمعايير التي بحت حنجرة السماء وهي تنادينا للإمتثال لها.

نعم نحن أرقام , وهذا هو خيارنا وقرارنا , حتى في عصر الديمقراطيات المزعومة , تبعنا مَن هم أشد أعدائنا لكي يمحوا جميع الأرقام , أو يسمونها وفقا لآليات الطرح الدامي للموجودات المبصرة , الداعية للمحبة والرحمة والألفة والإعتصام بروح الإنسانية وقيمها السمحاء.

نحن أرقام!!

فالأخبار في أرجاء الدنيا لا تتحدث عنا كبشر وإنما كأرقام!!

قتِل مئة , مئتان , الف ألفان , لا شيئ , إنها أرقام!!

تشردت آلاف العوائل , ومات آلاف الأطفال , الجوع يميتهم والعطش يرديهم , والبراميل المتفجرة تقتلهم أجمعين , ولا شيئ , ولا مَن يكترث , إنهم أرقام!!

بل أنهم أرقام تمحق أرقاما , فدعوهم في غيهم يعمهون , فهم أرقام طارئة وملوثة للوحة الحياة الجميلة المعاصرة.

نعم هكذا تحولنا إلى أرقام!!

وآمنت الكراسي المألوسة بأنها أرقام كبيرة , تبتلع جميع الأرقام , وكأنها لا تريد أن ترى بأنها ستمحى , لأنها أيضا من جملة الأرقام الواجب تصفيرها!!

كراسي تقضي بإبادة أبناء الشعب , والإجتهاد في الإستثمار بالفرقة والكراهية والتناحر , وهي ترفع رايات الدين بأحزابها وعمائمها , وتهدد بمحق المزيد من الأرقام!!

نعم أصبحنا أرقاما على يسار رقم الكرسي الذي سيُمحى بعد أن يمحوَ جميع الأرقام!!

تلك أضحوكة حضارية , ومأساة عربية , يسطرها العرب بأنفسهم , لإستشراء الغباوة والسفاهة والجهل , وسيادة الضلال والبهتان والضحك على الذقون , وعدم الدراية بمعنى الدين والإنسان!!

فهل من رقم رشيد يضع على يمينه جميع الأرقام؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب