23 ديسمبر، 2024 6:43 ص

كلمن ايحود النار الكرصته       

كلمن ايحود النار الكرصته       

الملاحظ من خلال التحركات التي نراها في الساحة السياسية وخاصة بعد الفضائح التي كشف عنها وزير الدفاع خالد العبيدي والتي لاتمثل إلا جزء يسير من مزايدات الفساد على الخزينة العراقية والتي سببتها الطائفية السياسية.
يبرز الى  وجود خلل كبير وغير صحيحة في ادارة الدولة ولعله مقصود في نشأته والذي يؤيد الى ان  النظام قد أُسست  على قواعد  خاطئة و استهوت من يَدَّعون تمثيل المكونات ليتحول الأمر بعدها إلى طغيان طائفي فاق كل التصورات وليحمل بين ثناياه الحقد التاريخ للبعض على البلد ولتواصل هذه القوى استثمارها لورقة نزيف الدم العراقي بعد ان امتلكت القيادات السياسية السيطرة على مقدرات البلد ابتداءً من مجلس الحكم وما تلت من حكومات تعاقبت على ادارته وعجزت في فك عقدة نهم الاموال على اسس التوافق وهدر الخزينة دون وجع قلب .
 فظهورالفساد واستمراره مرتبط برغبة المشاركين في ادارة الدولة للحصول على مكاسب مادية أو معنوية بطرق غير مشروعة و واضحة للعيان بشكل كبير في مجتمعنا وخاصة في المؤسسات الحكومية و سبب الازمات الخانقة وتخلف الدولة عن مسيرة التقدم . ولم يكف المعنيين عن ذلك رغم ان إيرادات العراق اخذت بالتراجع بشكل كبير على خلفية الفساد والأزمات السياسية والحرب على الإرهاب و تراجع أسعار النفط التي تعتبر المشكلة الاكبر التي تزيد أزمتة الاقتصادية وتنذر بانهيار مالي في وقت يشهد ارتفاع الانفاق الحكومي وارتفاع الدين العام والازمات الامنية والاجتماعية والسياسية التي تعصف بالعراق الذي مازال يدفع فاتورة الحرب ضد داعش واستمرار انخفاض الموارد النفط الى مستوياتها القياسية هذا العام  . رغم زيادة الانتاج الى ما يقارب اربعة ملايين برميل يومياً…
 والذي اطال عمر الخيبة هي ان الحكومات المتعاقبة لم تستطع من فك معادلة الفساد  ووضع الحلول للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي تنهش وجود الامة اذا لم تكن هي طرف فيه اساساً . الفساد يقف عقبة امام التطورالسليم والصحيح للمجتمع ،و تفشيه في مؤسسات الدولة يعتبر من اشد العقبات خطورة في وجه الانتعاش الاجتماعي و يظهر في  استغلال السلطة لأغراض خاصة ، سواءاً في استغلال الوظيفة او الابتزاز او المحاباة او اهدار المال العام او التلاعب فيه وسواءاً اكان ذلك مباشراً أم غير مباشر. مما جعل المواطن والوضع العراقي يعاني من تهشم واضح في تركيبته البنيوية وعلى  الصعيد الاجتماعي فلم يشهد العراق من قبل تشتتاً وانقساماً وتشظياً للهوية الوطنية كما حدث بعد سقوط النظام عام 2003 .
 فقد تعرض النسيج الاجتماعي العراقي إلى التمزق على أساس طائفي ولم تبذل الدولة أي جهد يعيد الإندماج بين الطوائف والقوميات والإثنيات المختلفة وللمحافظة على اصالتها  وصارت الامور في غاية التعقيد (لان كلمن ايحود النار الكرصته ) بل ومرعباً في جوانبه السياسية والاجتماعية والأمنية و يؤشر على صياغة منظومة سياسية هشة ولحكم بمستوى الخيبة .
ومتى ما كان هناك حراك وتغيير سياسي من قبل بعض الساسة العراقيين بين الفينة والأخرى يعني خلق جواً من العراك الإعلامي بين مختلف الأطياف السياسية التي تسارع إلى إلقاء اللوم على منافسيها، ومتى ما تتسع الهوة ويتأخر التوصل لاتفاق والاحساس بالخطر على المصالح سرعان ما تغيرت هذه الخارطة للتألف بعضها وينشق البعض الآخر أو قد يختفي بشكل غير مسبوق له في تاريخ السياسة .
 المأزق السياسي في العراق يزداد انغلاقا يوما بعد يوم فهل سأل احد من هؤلاء السياسيين عن ماهية السبب في هذا التدهور الحاصل في العراق امنياً وخدمياً لابل افتقاره الى ابسط مقومات الحياة . وتجد أن هناك تصورا ً مشوها ً لمفهوم الديمقراطية والحرية والمساواة وما تعني المواطنة ومن هو الآخر وما هي الهويات الفرعية وكيف يمكن الحفاظ عليها . على هذا نستطيع أن نقول أن تجربة الحكم في العراق كانت تجربة فاشلة، وبعيدة عن الوصول الى النجاح لا اقل في المستقبل القريب .
ممارسات  حكومة الأغلبية السياسية في العراق هو منعطف يعكس فشل في عملية التوافق التي بنيت عليها العملية برمتها للاختلاف الكبير في الايدلوجيات المؤسسة عليها. و تبقى بداية والبدايات دائما محفوفة بالمخاطر مع الافتقار لروح الاخلاص. المشكلة الحقيقية في ان القوى السياسية الحالية  لا يمتلكون مشروعا ً أصلا وقد خلت الساحة السياسية العراقية من التوجه الوطني العراقي الخالص باستثناء اعداد قليل منها التي طالبت بوحدة العراق ولازالت تطالب في انطلاقاتها السياسية وتوجهاتها الوطنية.
 وان بعض قادة هذه الأحزاب وبعض الشخصيات السياسية العاملة في الساحة السياسية أخذت تستخدم بعض المصطلحات السياسية في مداولاتهم الإعلامية وخطاباتهم السياسية وبعض المفاهيم لم نكن نتعود عليها سابقا .
 فعلى كل من يعتلي المنابر الإعلامية عليه أن يتحدث بمهنية عالية وبسلوك سياسي مهذب يليق بسمعته وسمعة حزبه أو طائفته أو قوميته أو كيانه السياسي ويسعي للتوجه نحو المفاهيم الوطنية العراقية العريقة التي تهدف إلى وحدة العراق وشعبه الأصيل ويبتعد عن الأفكار العنصرية والقومية المتطرفة ويقترب من التعقل والاعتدال.
فلا يمكن بأي حال من الأحوال خلق نظام تعددي من دون التحول نحو ثقافة الحداثة التي تحترم المكونات الانسانية ضمن الوطن الواحد .