22 ديسمبر، 2024 7:10 م

كلمـــة حــــقّ

كلمـــة حــــقّ

بعيداً عن جميع المسمّيات التي تطغى عليها سمة التطرّف ، ولو أن الأبتعاد عن هذه العناوين في عراق ما بعد ( ٢٠٠٣ ) أصبح من المستحيلات ، لأن التجرّد بات مكروهاً من قبل الأغلبية ، أبلت الهيئة التنسيقية التركمانية بلاءً حسنا وخصوصاً في تعاملها وتعاطيها مع الأحداث الأخيرة ، في قضية الأستفتاء و تعامل الحكومة الأتحادية بحكمة رصينة ، والتي كانت حكمة القادة السياسيين التركمان جزءاً منها والتي أضافت الى لائحتها نقاطاً جديدة تثبت عمق أرتباطهم الوطني .
والذي أغاظني وأغاظ قلمي ، هو تناول بعض مواقع التواصل الأجتماعي لزيارة وفد الهيئة التنسيقية التركمانية الى الجمهورية التركية قبل أيام ، بأنتقاد لاذع ومحاولة أضفاء صبغة أتباع الدولة العثمانية ، أو التبعية التركية على الوفد !!!!!
رغم أن الزيارة جاءت بعد زيارة السيد رئيس الوزراء العراقي الى تركيا ، ضمن سلسلة زياراته الى الدول الأقليمية ، والبدأ بصفحة جديدة من العلاقات الجيدة مع دول المنطقة ، والتي حظيت برغبة وتأييد جميع الكتل السياسية على هذا التوجه . وأن ما تم طرحه من قبل الوفد هو جوهر المشروع التركماني الذي سبق أن تم طرحه في مؤتمر ( مستقبل التركمان في عراق موحد ) والذي عقد ببغداد بتأريخ ( ٢٠١٧/٥/١٧ ) بعد أنضاج المشروع التركماني من قبل القيادات السياسية ، وبرعاية مجلس النواب العراقي وبالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة ( يونامي ) والذي حظي بتأييد الرئاسات الثلاث ومعظم الكتل السياسية .
وكان من الضروري أيصال الصوت التركماني والمشروع التركماني الى الدول الأقليمية و ذات العلاقة بالشأن العراقي ، ليس من أجل الحصول على الدعم فحسب ، بل لأن المشروع التركماني هو مشروع وطني وأن القيادات التركمانية تعوّل على الحكومة الأتحادية في نجاح مشروعها أكثر من الجهات الأخرى ، ولكــن
كان من الضروري أيصال موقف أبناء مكوّن مهم يتعرّضون الى الأذى والأجحاف نتيجة تقصير وتهميش الحكومة الأتحادية وكذلك غضّ الطرف من قبلها تجاه تمادي الآخرين بحقهم ، لهذا كان من الضروري أيصال ما يجري في كركوك ، في الوقت الذي تتقاطر هذه الدول ( من أوروبية وأقليمية ) لتقديم الدعم المعنوي والمادي واللوجستي الى أربيل والسليمانية .
لقد لعب الأستعمار البريطاني والقوى الساندة له دوراً بالغ الخطورة في زرع الحقد تجاه المكوّن التركماني نتيجة مواقفهم الوطنية والمتمثلة في أنطلاق الشرارة الأولى لثورة العشرين من تلعفر وعدم تعاونهم مع الأنكليز للفترة اللاحقة ، وقد نجح في ألصاق صفة ( بقايا الدولة العثمانية ) تجاه مكوّن أساسي ووطني .
ونحن في الوقت الذي نقدّر ونحترم مواقف جميع شركائنا في الوطن تجاه تعاطيها مع القوى التي تركت أثراً في تأريخ الدولة العراقية أو التي تؤثر حالياً في مسارها ، نعارض وبشدة أن يتم إعادة تداول هذه الأفكار ، والتعامل بهذه الحساسية تجاه مكوّن أساسي أثبت طيلة الحقبة الزمنية السابقة ومنذ تأسيس الدولة العراقية أنتماءه الأصيل لتربة هذا الوطن ، رغم التهميش والأجحاف المتحقق والمتكرر له ، بل نرى من الضروري أن يتم تقييم ومكافأة هذه المواقف بأعطاء المكانة اللائقة لأبناء هذا المكون ، أمام تمادي الآخرين . وقد كان لموقف رئيس الوفد رسالة بليغة الى جميع الجهات بما فيها الجمهورية التركية ، عندما تقدّم الأستاذ أرشد الصالحي بهدية الى السيد رئيس الجمهورية التركية وكانت عبارة عن نسخة من المصحف الكريم مع العلم القومي التركماني ، وفيهما رسالة واضحة الى أن أنتمائنا الأسلامي المشترك هو الحافز لتقديم الدعم الى أخوانكم في الدين ، ومثلما تفتخر الأمة التركية بقوميتها وبعلمها القومي ، فأننا أيضاً نفتخر بقوميتنا التركمانية ونقدّس رمزها وعلمها بجانب أنتمائنا الوطني ، وأن الأنتماء القومي المشترك هو الحافز لتقديم الدعم الى أبناء عمومتكم ، كما أن لحضور مقرر البرلمان العراقي الأستاذ نيازي معمار أوغلو في هذا اللقاء متوشّحا بزيّه التركماني العراقي الأصيل فيه رسالة واضحة بتمسّك أبناء هذا المكوّن بكل الرموز التي تربطها بالوطن . وأننا بحاجة ماسة لأرسال هكذا رسائل الى جميع الدول التي تريد أن تقف بجانب العراق وتدعم أبناءها في ظل ألتفاف جميع المكونات حول حكومتها المركزية ، وألتزامها بالحفاظ على وحدة العراق ، وهــذا لن يتحقـق إلا مــن
خلال الأنصاف ، وأعطاء الفرصة العادلة لكل مواطن وحسب ألتزامه الوطني ، وقد آن الأوان لأن تخرج الحكومة المركزية من صمتها الطويل ، وتقدّر مواقف أبناء هذا المكوّن ، التي أتصفت بالوطنية طيلة ما يقارب المئة عام ، وتثمّن ألتزام قادتها السياسيين الذين أخلصوا في ولائهم ، وتضعهم في المواقع الصحيحة ، لأن قيمة القادة تكمن في قدسيّة قضيّتهم .