23 ديسمبر، 2024 2:56 م

كلمة في القانون الجعفري…

كلمة في القانون الجعفري…

1. يستند تشريع القانون للمادة الدستورية (41) التي نصت على (ان العراقيين احرار بالالتزام باحوالهم الشخصية حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم وينظم ذلك بقانون).

2. ينسجم مع المادة الدستورية (17) التي نصت على (لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الاخرين) وحفظ الخصوصية الشخصية يعمق اواصر التعايش السلمي بين ابناء المجتمع على العكس من الغاء الخصوصية او طمسها يولد الشعور بالعنف .

3. لا يؤدي تشريع هذا القانون لالغاء قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 ويبقى الخيار للمواطن بالاحتكام في احواله الشخصية لاي من القانونين .

4. يتضمن القانون النافذ مخالفات واضحة للفقه الجعفري مما تترتب على حصر الاحتكام اليه مخالفات شرعية ذات اثار اجتماعية .

ولقد سجلت المرجعية الدينية في النجف الاشرف متمثلة بالمرحوم السيد محسن الحكيم (رحمه الله) اعتراضها على قانون الاحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959م منذ صدوره وعقدت المهرجانات لرفضه وبعثت الوفود لابلاغ الحكومة بذلك والف فضلاء الحوزة حينها كتباً ذكروا فيها موارد مخالفة لقانون الشريعة بل واشترط المرجع الحكيم الغاء القانون المذكور للقبول باستقبال الزعيم عبد الكريم قاسم.

ان مرجعيات النجف الاشرف الدينية بينت موقفها من خلال الموافقة على الدستور النافذ المتضمن للمادة (41) التي نصت على ان العراقيين احرارا بالالتزام في أحوالهم الشخصية وفق مذاهبهم وأديانهم ومعتقداتهم وهو ما يوفر الاصل والاساس الدستوري لتشريع قانوني الاحوال الشخصية والقضاء.

5. مع بروز مستحدثات المسائل المتعلقة بموضوعات الاحوال الشخصية فلا بد من بيان الحكم تجاهها وفق معتقد المواطن وهي غير موجودة في القانون السابق .

6. العلوم الحديثة ادخلت ادوات ومسائل اثباتية لموضوعات الاحوال الشخصية لم تكن موجودة قبل اكثر من (50 سنة) وقت تشريع القانون النافذ وهي بحاجة لبيان الحكم فيها .

7. الطرق المتصورة لتشريع قانون احوال شخصية عام تنحصر بثلاث :

أ ــ باغلبية البرلمان وهو ما يؤدي لادراج احكام مذهب بعينه دون بقية المذاهب وهو امر مخالف للمادة (41) من الدستور والمادة (17) ويخالف اعتقاد وحرية المواطن بالالتزام بعقائده ومتبنياته الفقهية .

ب ــ بالتوافق وهو يعني تخلي كل مكون عن بعض معتقداته ومتبنياته الفقهية وهو غير ممكن باعتبار استلزامه  الوقوع في المخالفة الشرعية التي يحرص اكثر العراقيين على تجنبها .

ج ــ ان تنظم احكام التزام الاحوال الشخصية للمواطنين وفق معتقداتهم وهو الحل المتيسر والاكثر قبولا لدى جميع العراقيين .

8. انشاء المحكمة الجعفرية تستند للمادة 89 من الدستور التي اجازت تنظيم محاكم اتحادية وفق القانون

(تتكون السلطة القضائية من مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية العليا ومحكمة التمييز الاتحادية وجهاز الادعاء العام وهيئة الاشراف القضائي والمحاكم الاتحادية الاخرى التي تنظم وفقا للقانون).

9. ما يثار من إن القانون الجعفري يؤدي للتوتر الطائفي غير صحيح لعدة أسباب

أ. القانون ليس هو الذي أوجد أو أنشأ التعدد الديني أو المذهبي في العراق بل التعدد موجود منذ مئات السنين وواقع راسخ ، والناس هم الذين أختاروا إعتناق دين أو مذهب بحريتهم وخيارهم.

ب. قبل صدور القانون الوضعي النافذ سنة 1959م كان العراقيون ينظمون أحوالهم الشخصية في محاكم وهيئات شرعية وفق مذاهبهم ودياناتهم ومن المعلوم ان تعايش العراقيين في تلك الفترة كانت في أعلى درجات الانسجام والوئام والاخوة فلو كان إختلاف طريقة تنظيم الاحوال الشخصية وفقاً للدين أو المذهب يصّدع الوحدة الوطنية لشاهدنا في تلك الفترة آثار التصدع وتوتر العلاقات وهو غير موجود أكيداً بل رسوخ التعايش والاندماج هو السمة البارزة في تلك الفترة.

جـ . إن حفظ الخصوصية الشخصية وتوفير الفرصة لالتزام الفرد بعقيدته ومبانيه الفقهية وحفظ الهوية الشخصية  بما لايتعدى على الآخرين من معالم الدولة المدنية والمجتمع المتحضر ويؤدي لترسيخ الانتماء للبلاد . إذ يشعر المواطن عندها إن هذه الدولة تحترم فكره وعقيدته .

بينما يؤدي إجبار المواطن للاحتكام في سلوكياته الشخصية خلاف معتقداته للشعور بالغبن والاستياء ويربك علاقته بالدولة ويراها عندئذ تسببت بغبنه وتجاوز حريته الشخصية.

د. قبل طرح القانون الجعفري كان الشيعة يحتكمون عملياً لآراء فقهائهم في تنظيم سلوكياتهم الشخصية ولا يلتزمون بمواد القانون الوضعي التي تخالف آراء فقهائهم وفتاواهم ومشروع القانون يحاول تنظيم هذا الالتزام في مؤسسات الدولة بعيداً عن الحالة العرفية ولايؤدي لتغيير واقع إجتماعي ، فقط ينظم التزاماته ضمن سياقات ودوائر الدولة ليس أكثر.

هـ . إن سبب التوتر الطائفي هو منهج التكفير الطاريء والوافد على ثقافة وإلتزام العراقيين بعد عام 2003م والشواهد على ذلك إنتشار التزاوج بين العراقيين المسلمين قبل وفود هذه الثقافة التكفيرية بينما سعت نفس تلك الثقافة لصيرورة العلاقة بين أبناء الشعب الواحد الصراع والقتل المتبادل.

و. لنا شواهد مماثلة في تشكيلات الدولة العراقية بتعدد الاوقاف الدينية الى وقف شيعي وسني وأوقاف الأقليات الدينية بأعتبار تنوع واختلاف المعالجات الحكمية لموضوعات ومسائل الوقف وفقاً لديانة اتباعهم أو مذاهبهم.

ز. ان موضوعات قانون الاحوال الشخصية هي موضوعات ذات بعد وأثر شخصي وليست ذات بعد إجتماعي عام وببيان أخر يوجد نوعان من التشريعات ، تشريعات تنظم الافعال ذات البعد الاجتماعي وتنعكس أثار أفعالها على عموم المجتمع ولاشك في مثل هذا المورد يلزم الاحتكام لقانون موحد يسري على الجميع وتلزم الدولة الجميع بالتحاكم اليه ، وتشريع آخر ينظم الافعال الخاصة أو الشخصية ذات البعد والأثر الشخصي الذي لايطال المجتمع . وفي مثل هذه الموارد لايجوز إجبار الفرد على ترك معتقداته التي تنظم أفعاله الخاصة والشخصية والتي لاتؤثر على المجتمع وتنحصر اثارها على الفرد وحده.

ح . هذه التجربة موجودة في دول عديدة وحتى السعودية التي يشكل الشيعة فيها أقلية ، وكذلك أفغانستان التي لا يزيد عدد الشيعة فيها عن ربع السكان.

10. مقارنة لحقوق المرأة  وفق القانونين .

أ. القانون الوضعي يعتبر النشوز سبب من أسباب التفريق وإذا تمّ التفريق في هذه الحالة يسقط المهر المؤجل ، فإذا كانت الزوجة قبضت جميع المهر ألزمت برد نصف ما قبضته بينما ينص القانون الجعفري على عدم سقوط المهر وإختصاص المرأة بكامله حتى في حالة النشوز.

ب. في القانون الوضعي إذا لم يبذل الزوج لها نفقتها فتعتبر ديناً في ذمة الزوج عن مدة لاتزيد على سنة واحدة من وقت إمتناعه عن الانفاق عليها بينما مشروع القانون الجعفري ينص على إنه إذا لم يبذل الزوج لها نفقتها تكون دينا ثابتا في ذمته بدون تقييد بتلك المدة .

جـ . تعدد الزوجات : القانون الجعفري يشترط القدرة المالية والعدالة كشرط لتعدده بينما ينص القانون الوضعي على جواز التعدد بشكل مطلق ودون قيد اذا كانت الزوجة الثانية أرملة

د. اذا كانت البنت او الأخت هي الوريث الوحيد فلها جميع التركة ولا يجوز إشراك غيرها من الأعمام او غيرهم معها في الاستحقاق .

11. حرص القانون الجعفري على وضع ضوابط وقيود تمنع من انهيار العائلة او انفصالها بسهولة من خلال تعداد شروط الطلاق وكثرتها وصعوبة اجتماعها وتحققها ولاسيما اشتراط الشهود العدول الذين في الغالب يشكلون عنصر اصلاح وترميم للعلاقة ويهتمون – طبقا لاستقامة سيرتهم واخلاقهم – بدفع الضرر والخلاف عن الاسرة فيتحول شرط وجودهم لعامل اصلاحي وتوفيقي يحول دون وقوع الطلاق بسهولة .

12. يسمح القانون الوضعي بالزواج في سن الخامسة عشر باذن القاضي بينما يشترط القانون الجعفري شروط اضافية كالرشد ـ النضج العقلي ـ المؤهل لتمييز النفع من الضرر والمصلحة من المفسدة ـ واذن الاب كعامل داعم في ترشيد وتنضيج قرار التزويج والحيلولة دون وقوع زواج غير مستكمل لمقومات النجاح.