23 ديسمبر، 2024 6:08 ص

” كلمة ” تستفزني  لغويا ..!

” كلمة ” تستفزني  لغويا ..!

قبلَ او منْ قبلِ أنْ اعرض واستعرض مداخلات وملابسات هذه ” الكلمة ” التي تسبّب إستفزازاً لمشاعري واحاسيسي على كلا الصعيدين الإعلامي واللغوي , فأنه يتوجّبُ عليّ الإقرار والأعتراف بأني ” على أو  في ” درجةٍ عاليةٍ منَ التقصير الطويل وليس القصير في عدم الإفصاح والتصويب < كتابةً و نشراً > عمّا سأذكره ادناه بشأن هذه < المفردة الأستفزازية الغير عربية الأصل والعِرق والجذر > , ولعلَّ ما يخفّف منْ حدّةِ و وطأةِ تأسّفي عن ذلك , هو لماذا لمْ يتفضّل او يتفضّلوا السادةُ اساتيذ كلّ من ْ ” اللغة الأنكليزية + علم الإجتماع + علم النفس + الطب , وغيرهم ايضا من مثقّفي هذه الأمّة , في أن يسبقوني في هذا التصويب المتواضع و المتأخّر جداً لِما نتعرّض ونعرضه هنا : – فلا شكَّ أنّ معظمنا قد مرّت على مسامعه كلمة < شيزوفرينيا – إنفصام الشخصية > وهذه الكلمة غدت كمصطلح عالمي يجري تداوله علميا وثقافيا وطبياً أيضا , لكنّ ما كان وما برح يستوقفني منذ سنين طوال هو هذا التلفّظ الخاطئ لكلمة < شيزوفرينيا > دون ان يبادر ذوي الأختصاص  وغير الأختصاص بتصويب نطقِ وتلفّظِ هذه الكلمة بالشكل الصحيح , إنّ هذه الكلمة اساساً هي المفردة الأنكليزية < SCHIZOPHRANIA > ولفظها السليم هو < سكيزوفرينيا > , واجد أنّ سبب هذا التلفظ الخطأ يعود لإعتقادٍ وتصوّرٍ سابقَين بأنّ الحروف الثلاثة الأولى ” SCH ” تُلفظ كحرف ” ش ” ولمْ يجرِ التفريق بين نطق ” SH ” و ” SCH  ”  التي يجب لفظها بِ ” سكي ” , وقد استمرّ ذلك ليغدو خطأً شائعا طوال السنين . ولتوضيحاتٍ اخرى للقرّاء وذوي العلاقة , نأخذ هنا المثالين المتشابهين في هذا الشأن :
<  SCHEME – مخطط , مؤامرة , مكيدة > حيث يجري لفظها بِ < سكيم > , وكذلك < SCHISM – انفصال , انشقاق , انقسام > ويكون لفظها : ” سكِزم ” ..
ومنَ المفارقات أنّ بعض الأخطاء الشائعة تكون لها القدرة على ” العدوى السريعة ” او سرعة الأنتشار.! واتذكّر بهذا الصدد انّي في احدى زياراتي الى بيروت قبل سنواتٍ طوال , كنتُ قد التقيتُ ببعض الأصدقاء الأعلاميين اللبنانيين , وعن طريق المصادفة تطرّق أحدهم في حديثه وذكر كلمة ” شيزوفرينيا ” , وحين ابلغته بوجوب لفظها بِ ” سكيزوفرينيا ” , فأستغرب وقال أنّ الشعب اللبناني برمّته يلفظها بهذا الشكل ! وشكرني على ذلك , وهذا ما يدعوني للأعتقاد أنّ دولاً او شعوباً عربيةً أخرى ” لا اعرف عددها ” تتعامل بهذا التلفّظ الخاطئ , ولعلّ اولى هذه الدول هي ” سوريا ” الملاصقة للبنان ولهجتها المقاربة كثيرا للّهجة اللبنانية .
  وعلى الرغمِ منْ أنّ الكلمات التي تبدأ بالحروف ” SCH ” في اللغة الأنكليزية هي قليلة العدد , ومنها ايضا < SCHEDULE – جدول زمني > والتي لفظها هو ” سكيجوَل ” وكذلك كلمة < SCHADENFREUDE – شماته > وتلفظ ” سكادينفرويد ” , إلاّ أنه من الضرورة القصوى في توخّي الدقّة في تلفّظ الكلمات الأنكليزية بالرغم منْ أنّ البعض لديهم تصوّراتٍ مسبقة بأنه مهما وكيفما جرى نطق الكلمة الأجنبية فسيجري فهما عند المقابل في ذلك البلد , وبقدر ما أنّ ذلك صحيحٌ نسبياً لكنّ للأمر ابعادٌ اخرى ايضا .! , واستميح القرّاء هنا لأعرض مثالاً آخراً يجسّدُ ماهيّة هذه الأبعاد < فمنذ زمنٍ مضى , واثناء دراستي الجامعية في ” الإعلام ” كنتُ قد كتبتُ بحثاً عن ” العلاقة بين اللغة والإعلام ” وكان عليّ عرض ومناقشة بحثي أمام الأستاذ المختص والطلبة , ومّما اشرتُ فيه هو كيف أنّ العديد من مذيعي نشرات الأخبار يخطأون في تلفّظ اسماء بعض رؤساء الدول ووزراء خارجيتهم او غيرهم التي تتردد كثيرا في وسائل الإعلام ” وخصوصاً في اللغة الفرنسية التي غالباً ما تحتوي على بعض الحروف في نهايات كلماتها والتي لا تُلفظ اصلاً ” , لكنَّ الأستاذ المختص لمْ يكترث لهذه النقطة ! وقال ” ومَنْ سينتبه على تلفّظ هؤلاء المذيعين سواءً كان دقيقاً او لم يكن .! ” , ردّي كان تلقائيا وعفويا وفورياً وقلت ” لماذا نجعل السفارات والدول المعادية تشمت بأدائنا الإعلامي .! ولماذا نظهر أمام العالم كجهلة لا يجيدون تلفّظ اسماء اشهر الرؤساء في العالم .!
 ما مقصودٌ هنا من هذه الأمثلة او الإطالة هو عدم التركيز على اللغات الأجنبية في المجال السياحي .! وضرورة المتابعة الصوتية الدقيقة للمفردات الأجنبية حتى في مجالات الفن المختلفة … والآفاق مفتوحةٌ أمام جيل الشباب في مختلف الصُعُد ..

[email protected]