23 ديسمبر، 2024 3:13 ص

كلما يطوف على مخيلتي وجهها .. أجهش بالوجع

كلما يطوف على مخيلتي وجهها .. أجهش بالوجع

كلما أقبض عليها تطوف بمخيلتي .. بذلك الحضور البهي ، أجهش بالوجع وأعود الى مواصلة التسكع في صحراء الضياع ناسيا تراتيل الحكمة وطقس الإحتفاء بالعقل .. ذكراها طعنة غدر الأقدار ومحنة الوجود ، والشعور ان العمر مفلسا من بركات الحظ السعيد ، المجد لمن سقط ممزق القلب يجأر بالعذاب من قساوة تكسرات الجسد وإنحناءاته ، وضحكات المحبوب ، كيف يمكن الفصل ما بين الروحي والشبقي وأنت تُحب المحبوب بكليته ومجموعه !

في الحب لا وجود للإتزان والموضوعية في الأحكام .. ومن الخرافة الحديث عن حرية المحبوب ، وما لم يصاحب العلاقة روح التملك والغيرة ورغبة إلتهام ذلك المحبوب .. لايعد حباً ، بل هو تعارف بارد لم تتوفر فيه شروط الإندماج بعد صعقة الروح ، الحب هو شراسة الإستحواذ والإندماج ، وقصور العناق عن إرواء الظمأ يديم زخم الشوق الأبدي وصرخات الروح المحتجة على الإنفصال المادي بين الحبيبين ، كان يفترض بقوانين الطبيعة ان تحدث إندماج جسدي حقيقي بين المتحابين كي تُحل مشكلة الشوق حتى في حضور المحبوب .

مذهل ان تصبح إمرأة ما فجأة هي دهشتكِ بكل كيانها ، وأن تطيح بك وتعيد صياغتك في تبلور جديد تأوي الى محرابها مؤديا طقوس الذوبان والإنسحاق ، منغمرا في روحانية الرجاء وإطلاق هتافات الروح .. من قال علاقة الحب تقوم على الندية والكبرياء والحواجز ، من قال اننا في حالة الحب نظل على طبيعتنا البشرية ، من قال في الحب لايُعتبر المحبوب هو أمير الروح والعقل وسيد اللحظة الفاتنة عندها تتراجع سجوننا البشرية ، وننطلق في جنوننا الجميل .

سارح أنا في ملكوت ذكراها ، عاشق لتفاصيل حركاتها ، ملابسها ، روحانية جسدها في سحره الخرافي ، شوارع بغداد التي سكبت عليها هلع الروح المصدومة بطوفان الحب تحولت جنة الأماكن .. من هنا مرت ، وهناك كانت تمشي حيث يسقط قلبي راكضا خلفها بينما هي تتوارى بين الجموع ، كانت لدى جاذبيتها فعل طعن سكين الأنوثة المندلعة منها .. لطالما بطشت بقلبي بعد كل رؤية لها من بعيد أتهاوى مضرجا بطعنات الإعجاب والعشق ، وجرح الشعور بالعجز ، والصراع بين قوة الأنانية وضعف الوسائل وخذلان الأقدار ، هل في الحب أطماع ؟ ..منذ متى كان الإنسان ليس أنانيا ومعطاءا .. حتى الأم هي مجبرة بفعل قهر الغريزة على مايسمى العطاء وهو في حقيقته إستجابة لتكوينها الأمومي الخارج عن الإرادة والإختيار !

إمعانا ً في تعاسة الأقدار تخلى عني حتى الشيطان ورفض ان يكون ثالثنا يوسوس في قلبها همسات الإغواء .. ياويح نفسي لست فرحها ولاحزنها تلك المرأة .. فقدها ضياع لرهان العمر .. وإنهيار امام سطوة فكرة ان الحياة غير عادلة ، وأن خريطة الوجود فوضى ، وتبديد الأوهام القائلة : ان الزمن ممحاة للقلوب .. كيف يستطيع الزمن محوها من القلب وهي لم تكن ذكرى .. بل كانت السر الأعظم في عالمي !