كافة شعوب الأرض تتعظ من الدروس و العبر , و تطمح دائماً نحو الأفضل و الأجمل و الأحسن في شتى المجالات , و عندما تختل الموازين و تُنتهك الحرمات أو يهدد الوطن أو يتم التمادي على الوحدة الوطنية تثور و تتمرد هذه الشعوب على أعتا الطغاة و تدك صروحهم و تسحقهم , و لنا في تأريخ الأمم القريبة و البعيدة أمثلة كثيرة حصر لها , بما فيها بلداننا العربية … بالأمس القريب عندما وقف شاب تونسي شجاع وهو الشهيد ( محمد البوعزيزي رحمه الله ) بوجه الظالم و الطاغية و الدكتاتور و جعل من جسده الطاهر نوراً و ضياء تقتدي به كافة الشعوب المظلومة و المقهورة و أشعل فتيل ثورة أطاحت باعتا عتاة و جبابرة العصر , لكن على ما يبدوا في العراق تحديداً , لا حياة لمن تنادي , شعب ينام و يصحو و ينام على مذابح و مفخخات و مجازر قل لها مثيل في تاريخ البشرية , شعب غارق بدماء أبنائه منذ أكثر9 من سنوات , شعب ساكت على ظلم و قتل و نهب ذوي القربى له , أصبحنا مضرب مثل في العالم و ربما الشعب الوحيد الآن الذي تمارس بحقه أبشع و أحقر الممارسات من قبل حاكميه و هو ساكت لا حول و لا قوة له , منذ بداية الاحتلال بات العراق حقل تجارب مختبرية قل لها مثيل تشبه إلى حد كبير تلك التجارب التي تجرى على الفئران و غيرها من الحشرات و أنواع البكتريا للأسف , و من منا لم يسمع بتجارة الأعضاء البشرية العراقية و إلى أين وصلت وكم هو سعر الكلى و القلب و الكبد العراقي لدى المهربين الذين لم يكتفوا بتهريب النفط و الآثار و الأموال , بلد مستباح في جميع المجالات و الاتجاهات , ناهيك عن أنه البلد الوحيد أو على رئس دول العالم التي أصبحت حقل أو حقول تجارب طائفية مذهبية قومية , و تشابكت و تداخلت فيه مصالح و غنائم جميع دول و شعوب و مخابرات العالم , إلا مصلحة العراق و أبناء شعبه الذين أصبحوا لا يعدون على قوائم أو صنف البشر, العراقي المغلوب على أمره اليوم يوضع تحت مجهر الطائفية بمختلف أشكالها و ألوانها , عن مدى و مدة تحمله و سكوته على الضيم و الفقر و التهميش و الإقصاء و نقص الخدمات و الجوع , و أصبح الموت و التفجير يطارده و يتربص به في كل مكان , في الشارع , في المسجد , في البيت و في مقر عمله إذا كان لديه عمل , و لم يسلم أيضاً البائس الفقير العاطل عن العمل … الكادح الذي يفترش الساحات العامة في كل مكان متوسداً المسحاة أو القزمة التي أصبحت الأداة الوحيدة في قرن العرق الواحد و العشرين لتأمين رغيف الخبز له و لأطفاله , حتى هذا المسكين البائس لم يسلم من غدر الغادرين الذين امتهنوا سياسة النفاق و الدجل تحت مسميات عدة … كالشفافية و المظلومية و الديمقراطية و الحزب و المكون الشيعي و المكون السني و المكون الكردي و غيرها من المكونات التي لا تعد و لا تحصى , هؤلاء المجرمين مجتمعين مع مخابراتهم و أجهزتهم و مليشياتهم و حلفائهم و الدول التي تدعمهم و المرجعيات الدينية التي تبارك لهم و تدعوا ليلاً و نهاراً جهاراً لانتخابهم …كلما زادت نقمت الشعب عليهم . بدون أدنى شك هؤلاء مجتمعين يقفون وراء سفك دماء العراقيين الأبرياء كلما اختلفوا على توزيع المناصب و المغانم و المكاسب و الأموال فيما بينهم , و كذلك كلما لاح بالأفق بصيص أمل في نهاية هذا النفق المظلم الذي وضعوا العراق و أبناء شعبه فيه منذ أن استولوا على السلطة بقوة و غطرسة و احتلال أمريكا و إيران للعراق منذ 9 سنوات و حتى الآن .
ماذا ينتظر العراقيين بعد كل هذه المجازر الوحشية التي ترتكب بحقهم على مدى 9 سنوات, و كلما اختلف الذئاب و الضباع و الثعالب على من ينهش أكثر من هذا الجسد العليل المُسجى على أرض الرافدين , الذي نهشت به كلاب و خنازير الأمريكان و حلفائهم و لم يبقوا شيء إلا و نهبوه و هربوه خارج الحدود , و عاثت و لازالت إيران به خراباً و قتلاً و نهباً , أما من يدعون بالشفافية و الحفاظ على المكتسبات التي حققوها خلال هذه الفترة فهم يخادعون و يدافعون فقط عن ما كسبوه و ما نهبوه في ظل هذه الفوضى الخلاقة التي يتعمدون على إطالتها خدمة لمصالحهم و مصالح أسيادهم الذين نصبوهم لهذا الغرض , و لم يقفوا عند هذا الحد بل الهدف المنشود هو إيصال العراقيين إلى قناعة مطلقة عن طريق القتل و الترويع و الإفقار المتعمد و عدم توفير الخدمات أو توفير الحصة التموينية ,إلى حالة من اليأس والإحباط كي يقبلوا بالنتيجة و الوصول إلى الهدف المنشود و هو تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات خدمة لأسيادهم الإيرانيين و الأتراك و الكرد الانفصاليين الذين تعتبر هذه الفرصة الذهبية لهم كي يحققوا حلمهم بإقامة كردستان الكبرى , أما الدور الرئيسي الذي تلعبه علناً إيران فحدث و لا حرج , و كذلك الدور الخنيث الخبيث لآل الصباح في قتل العراقيين و تخريب بلدهم و إشعال الحرائق في كلما هدأ الوضع أو كاد العراقيون ينتفضون على هذا الواقع الفاسد , و قد قالوها صراحة في عدة مناسبات … بأنه إذا تطلب الأمر إنفاق كل ثروات و أموال الكويت من أجل تفتيت و تقسيم العراق فأنهم سيفعلون !؟.
لا يخفى على أي عراقي هذه الأدوار مهما كانت درجة ثقافته أو إطلاعه بمجريات الأمور , الكل بات يعرف بأن من يقوم أو يقف وراء هذه الجرائم البشعة هم عصابة المنطقة الخضراء و أسيادهم و مليشياتهم و حلفائهم و الشركات الأمنية الأجنبية , فعندما يتم توجيه السؤال من قبل الصحفيين و المراسلين لأي عراقي في الشارع المصبوغ بدماء العراقيين ….عن ما هو رأيكم و ما هي هوية الفاعل يجيبون بكل براءة و بكل ثقة بالنفس و بعفوية ( بأن الجماعة فيما بينهم ) , أي الحكومة و الأحزاب و المليشيات و الحمايات !؟, فإلى متى نقف مكتوفي الأيدي أمام تمزيق أجساد أطفالنا و شبابنا و شيوخنا و نسائنا , بدون أي ذنب اقترفوه أو جريمة ارتكبوها , و لازالت ترتكب بحقهم و باسمهم جرائم إبادة جماعية رغم المعانات و نقص الخدمات و الجوع و الفقر , لماذا تطبق في العراق نظرية جديدة ألا و هي … نظرية الدماء مقابل البقاء … من يدفع ثمن بقاء هذا العصابة فترة أطول في السلطة التي أصبحت لا تتحكم فقط بثروات العراق , بل أصبحت تتحكم بأرواح العراقيين في أي زمان و مكان يريدونه أو يختارونه هم , و بات الرهان أو التنازل لطرف على حساب طرف آخر هي أرواح و أشلاء العراقيين , من ينصف هذا الشعب و من يدافع عنه أين من يسمون أنفسهم منظمات حقوق الإنسان , أين سكرتير الأمم المتحدة ( بان كي مون ) , أين ( هيومن رايتس وتش ) أين دعاة الحرية , أين الجامعة العربية من ما يجري من إبادة و قتل جماعي للعراقيين و لماذا هذا الكيل بمكيالين بين ما يحدث في سوريا منذ 9 أشهر قتل خلالها 2000 سوري و بين ما يحدث في العراق منذ 9 سنوات قتل و هجر و يتم و رمل و جرح و فقد فيها أكثر من عشرة مليون عراقي ؟؟؟ …. نتهم من و نأخذ أو نطالب بحقوق هؤلاء من مَن , و نحمل المسؤولية لمن …؟؟؟ لعصائب أهل الحق …أم للتيار الصدري , للأكراد أم للصهاينة , للإيرانيين أم لبقايا الأمريكان و شركاتهم الأمنية و المتعاونين معهم من العراقيين من الجواسيس و الخونة , من يتحمل المسؤولية الأخلاقية و الشرعية و الدينية…الحكومة المنتخبة بمباركة المرجعية الدينية في قم و النجف ؟؟؟, أم الولايات المتحدة التي جلبت كل هذا الخراب و الدمار و سلطت هذه الشلة على رقاب العراقيين , لماذا لا يقف من يسمون أنفسهم المراجع الأربعة موقف موحد لإدانة حكومة المالكي و أزلامه بأنهم عاجزين عن حماية الشعب أو متورطين بطريقة أو أخرى بارتكاب هذه المجازر و الجرائم , أو على أقل تقدير بأن هذه الجرائم تحصل بسبب استبدادهم و تمسكهم بالكرسي تحت شعار ( ما ننطيه بعد ) , ألا يخجلون أو يستحون من أنفسهم بأن العراق أصبح البلد الوحيد في العالم الذي ينتشر فيه هذا الكم الهائل من حالت الفساد و الإفساد , و تنتشر فيه الجريمة المنظمة و المخدرات و تجارة بيع الأطفال و الأعضاء البشرية و تنتشر فيه الرذيلة بكل أشكالها و ألوانها والقتل بواسطة التفجيرات و السيارات المفخخة… العراق الذي أصبح لا يضاهيه بلد آخر, و على رأس الدول الفاسدة و المتخلفة في كل شيء !!!, نقرأ و نسمع و نشاهد كل يوم في الدول و الحكومات التي تحترم نفسها و تحترم دستور بلادها و قوانينها و شعوبها و صوت ناخبيها الذين أوصلها للسلطة , بأن الوزير الفلاني أو الرئيس الفلاني أو رئيس الوزراء الفلاني قدم استقالته من منصبه أو أجبره البرلمان على الاستقالة أو تم محاسبته حساباً عسيراً بما فيها زجه في غياهب السجون لمجرد أنه تسبب في إهدار المال العام , أو تسبب في مقتل طفل أو عجوز بسبب إهمال وزارته أو وزيره في مجال ما من مجالات الإهمال التي لا تعد و لا تحصى في دولة الفافون عندنا ؟؟؟ كم حكومة و حكومة سقطت في العالم بسبب خلل بسيط في الأداء أو بسبب شهادة أو إخفاء معلومة بسيطة أو بسبب سوء إدارة بسيطة , كم مئة ألف أو مليون عراقي يقتل كي تقدم حكومة المالكي استقالتها أو تحاسب قانونياً و قضائياً , و كم ترليون دولار يهدر أو يسرق في وضح النهار و نحن نموت بسبب الجوع و الفقر و تفشي الأمراض الخبيثة و غيرها , لا رقيب و لا حسيب و لا مخافة من الله ؟ ما هو دور البرلمان العراقي و رئيسه و نوابه الأشاوس الذي تسلقوا على أكتاف الفقراء و البؤساء عندما اشتروا ذممهم و أصواتهم بسبب التخلف و الفاقة و العوز و دعم هذا السيد و هذا الشيخ , بضميركم هل سمعتم يوماً ما بأن أبن أو بنت أو زوجة أو قريب أو أحد حمايات هذا المسؤول أو ذاك أو هذا الوزير أو ذاك أو هذا النائب أو ذاك أو هذا المرجع أو ذاك أستشهد في أحد هذه التفجيرات التي طالت العراق طولاً و عرضاً , لماذا هذه الجرائم الوحشية تطال فقط الفقراء و البسطاء و المساكين الذين يبحثون عن عمل شريف يكفل حماية و رعاية أطفالهم من الجوع و التشرد , في حين تسرق الملايين و المليارات أمام أنظارهم بدون أي وازع ديني أو أخلاقي , في حين عوائل و زوجات و أولاد و أحفاد السادة المسؤولين لازالوا يعيشون دبلوماسيين في سفارات جمهورية العراق تحت شعار( صخم وجهك و صير حداد ) أي فقط إذا كنت أبن أو أخ أو صهر مسؤول ما في دولة الفافون و بلمانه العتيد ..تصلح أن تكون دبلماسي من الطراز الأول حتى إذا لم تجيد اللغة الأجنبية أو حتى العربية ؟, أو لأنهم لازالوا يعيشون لحد الآن كلاجئين أو مواطنين يحملون جنسيات البلدان التي كانوا فيها أبائهم بالأمس القريب لاجئين يعيشون على الرعاية الاجتماعية في تلك البلدان ؟, يا أهلنا في العراق المنكوب , يا أصحاب الأقلام و الضمائر من مفكرين وعلماء و سياسيين و إعلاميين و مثقفين و ضباط جيش … إلى متى ستستمر هذه المهزلة التاريخية … و إلى متى تبقى هذه الأشلاء المتناثرة في شوارع بغداد و باقي مدن العراق أوراق انتخابية بيد هذه الأحزاب العميلة التي لا هم لها سوى التشبث بالسلطة أو الوصول إليها بأي ثمن كان , حتى لو تم إبادة الجنس البشري في العراق , إلى متى تراق دمائنا و تنهب ثرواتنا لأن ننتظر الإشارة و التوجيه من المرجعية الدينية في النجف أو ظهور الإمام المهدي الذي أخشى أن يخرج عندما لا يبقى عراقي واحد في العراق يحارب معه كي يملئ الأرض قسطاً و عدلاً بعد أن ملئت ظلماً و جوراً كما يقولون الروزخونية من على المنابر الحسينية ؟؟؟ كيف نصدق و نثق بمن قبض ثمن السكوت و تخدير و تغيب العقول مقابل 200 مليون دولار , ليتم احتلال و نهب و تدمير العراق و قتل الملايين منا بدون أي ذنب … فقط لأن من يحكمنا هم لصوص و جهلة و مزورين شهادات , و لأننا عراقيون بؤساء نعيش في أغنى بلد في العالم و أصحاب حضارة عمرها 7 آلف سنة ؟.
للأسف أصبح هم العراقي و شغله الشاغل هو الترقب و الانتظار لحدوث تفجيرات مروعة وراء كل أزمة سياسية أو معركة انتخابية برلمانية أو تنازع على نفوذ بين الخلفاء و ليس الحلفاء و بين الأخوة الأعداء المتربصين دوماً لبعضهم البعض , و مشغولين بتوثيق الجرائم و انتزاع الاعترافات من جماعة أو حراسة هذا الوزير الخائب أو ذاك النائب المجرم أو نائب الرئيس الهارب ؟؟؟ , أصبح العراقي البسيط يعرف بأن وراء كل مشكلة أو أزمة تفجيرات و مجازر و قتل طائفي بشكل و حشي و غبي و إيصال رسائل لهذه الطائفة أو هذا الحزب على حساب طائفة و أحزاب أخرى بأنها مستهدفة و زرع سياسة الرعب و الخوف و التخوين و التحذير بأن … إذا و صلت هذه الكتلة أو ذاك الحزب للسلطة ستقوم بذبحكم و تهجيركم , و ما هذه التفجيرات التي حصلت اليوم في مدينة الصدر و مدينة الكاظمية إلا دليل صارخ على ما يحصل من مهاترات و مزايدات و تهديدات و اتهامات بين أطراف في ما يسمى بالعملية الإجرامية و ليس السياسية بين هؤلاء الضباع و القتله الذين أمعنوا و تمادوا بشكل قل له مثيل في العالم , بحيث أصبحت دماء و أرواح الإنسان العراقي بضاعة رخيصة يتاجر بها حفنة رخيصة من مصاصي الدماء الذين تسيدوا على هذا البلد في غفلة من الزمن .