17 نوفمبر، 2024 9:58 م
Search
Close this search box.

كلمات على ضفاف الحدث – تركيا …. تسرع بلون الغرور

كلمات على ضفاف الحدث – تركيا …. تسرع بلون الغرور

في تحليلنا متواضع عن موقف حكومة تركيا تجاه أحداث سوريا بعنوان (حسابات التأريخ وخطورة الجغرافيا ) قلنا  ‘ أنه وفي بناء العلاقات أو إلاقتراب وإلابتعاد من الأزمات ‘ يكون وضع الجغرافيا وتأثير التأريخ حاضراً بين دول وشعوب العالم  ‘ وسيكون أخذ المسألتين بنظر الإعتبار أكثر ضرورياً ‘ عندما يدرس من بيده القرار في اية بلد لبناء العلاقة وتحديد الموقف عند حدوث الأزمات ‘ وقلنا أن حكومة التركية لم تأخذ جوانب المطلوبة بنظر إعتبار في تعاملها مع أحداث سوريا ‘ و من خلال متابعه هادئه لموقف تركيا تجاه العراق أيضاً وبشكل متوازي مع موقفها تجاه أحداث سوريا يظهر أنها متسرع ونابع من عدم دقة في حسابات مستقبليه بل أن ما نطلع عليه من تصرفات وتصريحات مسؤولين في حكومة التركية تجاه ما يحدث في العراق يدل على أن تسرع في إطلاق بعض تصريحات لايعني إلا نوع من الغرور لايقترب منه من ينظر إلى الأمور في الوضع أقليمي للمنطقة نظرة ضرورة تعمق في تأثيراة الغد عند إتخاذ الموقف بالموضوعية ‘ ويظهر أن لتسرع في إتخاذ مواقف تركية هذا نابع من نتائج أحداث في تونس ومصر و ليبيا ‘ كأن مسؤولي تركيا يقولون لدول المنطقة : نحن من سهل طريق لحصول التغييرات السريعة ‘ ولكن الواقع ليس كذلكَ ! وبيحديد أن تصرفات بعض المسؤولين في حكومة التركية تجاه وضع العراقي يؤدي إلى تأزيم الوضع ويحرج المعارضة (الوطنية الحقيقية ) فيه ويدفع السلطة إلى مزيد من إصرار على عدم توجه نحو معالجة الوضع بحجة أن المعارضة مدعوم من خارج إرادة الوطنية ويسمحون بتدخل الأقليمي ‘ بإضافة أن الموقف التركي في تعامل مع الوضع العراق يشجع تدخلات الاخرين وأخطرها تدخل الإيراني لان ظاهر لاشك فية من الموقف التركي نابع بوضوح من إختياردعم طيف محدد مهمشين فعلياً بعد أن زرع المحتل الأمريكي ظاهرة محاصصة المقيتة وإدعاء بأن الحكم السابق كان يضطهد فقط طائفة دون الآخرى علماً أن جميع اطياف العراقيين كانوا تحت طائلة إضطهاد الحكم …
تقول تركيا إنها تريد ان تكون نموذجاً للديموقراطية في الشرق الأوسط. لكن أفعالها حتى الأن لا تزال متأخرة جداً عن تصريحاتها الكلامية ‘
ومن الواضح أن إنتفاضات التي حصلت في المنطقة أسفر عن كلام كثير بشأن دور تركيا المحتمل كنموذج ‘ ولعل نجاحات أنقرة الأخيرة في المجال الاقتصادي، والليبرالية النسبية في مؤسساتها، جعلت منها نقطة مرجعية بالنسبة للكثيرين في الشرق الأوسط ‘ ويبدوا أن هذه الأحداث ‘ بدلاً من يدفع حكومة التركية تستفاد منه بشكل إيجابي أختارت موقف بلون الغرور إن صح التعبير ودفعها إلى تسرع في إتخاذ مواقف متسرعة ومستفزة أيضاً ‘ وإذا تغاضينا عن المسألة ما إذا كان أهل منطقة عموماً والعرب خصوصاً ‘ بحاجة فعلاً إلى نموذج ، نجد ان هذا لا يقتصر فقط على وجود نظام ديموقراطي يعمل بشكل جيد، بل يتطلب أيضاً امتلاك القدرة على تعزيزه داخلياً وخارجياً . فهل تركيا تقدم حقاً مثالاً مفيداً للقيم الديموقراطيةولإقامةالمؤسسات؟
من المفيد، اولا، إلقاء نظرة على قدرات تركيا ‘  فبالرغم من الكلام الكثير الذي صدر بشأن دور تركيا في المنطقة ‘ ولكن واقع الحال يقول أن الوضع هذا البلد في الداخل ليس بإستقرار ثابت يدفع بمن يحكمه يتفرغ لتقديم نموذجه إلى أخرين وليس مشكلة الكوردية وحيده في هذا المجال ، بالإضافه إلى ذلك عندما نلقي نظرة متأنية على موارد هذه البلد الاقتصادية والديبلوماسية ‘ كما أشار دراسة نشرفي الأونه الأخيره نرى ان تركيا، بالرغم من انها تمتلك 25 بعثة ديبلوماسية في الدول العربية، فلا يجيد سوى ستة من افرادها البالغ عددهم الإجمالي 135 شخصاً، اللغة العربية. ولا حاجة للحديث هنا عن قدرة تركيا، او حتى عن إرادتها، في تطوير علاقات ديبلوماسية واسعة النطاق مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أضف إلى ذلك أن الكلام المضخّم عن العلاقات التجارية بين الجانبين يغفل الاعتراف بأن معظم الصادرات التركية إلى الدول العربية هي من الموارد الطبيعية، ذات التكنولوجيا البدائية (56%)، فيما لا تزيد نسبة الصادرات ذات التكنولوجيا المتوسطة عن 40%، والتكنولوجيا العالية عن 3%. وهذا يؤشر إلى ان تركيا ليست، بالضرورة واحدة من الدول الرئيسية في مجال التنافس الاقتصادي في المنطقة
لا يزال الطريق أمام تركيا طويلاً جداً كي تتمكن من تطوير مؤسساتها الديموقراطية. فهي ما زالت تواجه تحديات هائلة في مجال حماية الحريات المدنية وتطوير نظامها القضائي. وهناك أيضاً جدل ساخن بشأن حرية الإعلام، وقضية اعتقال الصحافيين، وغير ذلك من الأمور التي تلقي بظلالها على مواءمة النموذج التركي مع معايير المجتمع الدولي المتحضر ‘ أن مواطن ضعفها تعني أن قدرتها على أن تكون نموذجاً ومصدراً للالهام سوف تبقى محدودة لفترة من الزمن قد تطول ‘ لذلكَ من المطلوب لمن يحكم هذا البلد أن يضمن علاقة الثقة وعدم تدخل في الشؤون الأخرين ‘ خصوصاً مع دول المنطقة تشارك تركيا معهم عقد التأريخ وثوابت الجغرافيا .

أحدث المقالات