23 ديسمبر، 2024 11:42 ص

كلب الهرم وتامر حسني وشائعات الفيس وكوهين!

كلب الهرم وتامر حسني وشائعات الفيس وكوهين!

الى متى ستظل مشاهد الدمار الشامل، والأشلاء الممزقة، والقصف الهمجي بأعتى أنواع الذخائر الأمريكية تدميرا ،وأكثرها وحشية على قطاع غزة ولبنان واليمن تعرض أمام أنظار البشرية جمعاء من دون أن تحرك الشعوب فضلا على حكامها ساكنا قط والكل يسأل عن الجامعة العربية،ومنظمة التعاون الاسلامي، وحركة عدم الإنحياز، والأمم المتحدة ،ومجلس الأمن الدولي..وين ؟!وهل عجز الجميع عن لجم الكيان الصهيوني اللقيط وحكومته الفاشية اليمينية المتطرفة بقيادة النتن جدا ياهو ، وإيقافهم عند حدهم؟!

ولعل أشد ما لفت الأنظار وبقوة هو كم الأخبار المفبركة،وحجم الشائعات المغرضة التي تتزامن مع كل مجزرة يرتكبها الكيان المسخ بهدف تحويل الأنظار عنها وصرفها الى قضايا ثانوية لا تسمن ولا تغني من جوع، زيادة على كم الأخبار المبثوثة على مواقع التواصل والتي تتعلق بفضائح الفنانين وحفلاتهم الغنائية الماجنة و التي لا تتماهى مع أحداث جسام مؤسفة تعصف بالأمة من المحيط الى الخليج ، و بما لايراعي حقوقا ولا مشاعر البتة ، فمن شائعة سعدون جابر ،يقيم حفلا غنائيا في أربيل، الى مقاطع اصطياد حيوانات بحرية عملاقة، الى مقاطع فاضحة ومخزية مفبركة بالذكاء الاصطناعي لعدد من الإعلاميين والسياسيين المعروفين ،الى خبر مقاطعة فناني العراق لقناة MBC عراق والغاء عقودهم معها وبما نفاه موقع التقنية من أجل السلام نقلا عن نقيب الفنانين العراقيين وذلك على خلفية البرنامج المثير للجدل والدجل الذي بثته قناة MBC1 والذي تسبب بمهاجمة مبنى قناة “إم بي سي MBC” في حي الجامعة بكرخ بغداد من قبل الجموع الغاضبة تلاها وقف هذه القناة عن العمل وفقا لقرار صادر عن هيئة الإعلام والاتصالات .

إلا أن أشد ما وقع كالصاعقة على النفوس في وقت يذبح فيه أهلنا في لبنان وغزة عن بكرة أبيهم ويبادون ابادة جماعية بجرائم ضد الانسانية هو الحفل الداعر الذي أقامه تامر حسني ،بمدينة الاسكندرية بحضور مايقرب من 100 ألف ما تسبب بحالة عارمة من المشاجرات والفوضى وحالات الإغماء قبل تقليص مدة الحفل واختتامه قبل موعده المقرر غير مأسوف عليه ليظهر لنا حسني الخفيف مبررا اقامة حفله الماجن بأنه يأتي لتكريم الطلاب الجدد، والتشجيع العلمي لطلاب مصر! ومتى كان تكريم طلبة الجامعات وإعلاء شأن العلوم النظرية والتطبيقية الاكاديمية بالمجون والهز ياوز ، يا سي حسني ؟!

لتنتشر بعدها تغريدة لم أتأكد من صحتها منسوبة للاعلامي الصهيوني لبناني الأصل إيدي كوهين ،يقول فيها تعقيبا على صورة الـ 100 الف ممن حضروا حفل حسني ” هذه هي الأجيال التي ستحاربنا حسب عمر المختار!”.

سبقها بث لقطة اقتنصها السائح الاجنبي أليكس لانج، لكلب مشرد وهو فوق قمة هرم خوفو الأكبر، بينما كان السائح يحلق عاليا بطائرة شراعية لتحقق اللقطة ملايين المشاهدات بظرف ساعات قليلة وبما يحمل بين طياته أهدافا خبيثة للغاية لإحياء ما يسمى بالفرعونية القديمة، وذلك استنساخا لما يحدث في أوروبا منذ مدة لإحياء الديانات الاغريقة والرومانية والاسكندنافية والسلافية الوثنية القديمة ما قبل ظهور المسيحية هناك، حيث جاءت بعض عناوين الاخبار على نحو ” حفيد – أنوبيس – يعود من جديد ” و” حيوانات الفراعنة تعاود الظهور ” و ” روح باستيت تبعث مجددا ” وأنوبيس الذي كان وبحسب الميثولوجيات الفرعونية يحرس الأرواح والجثامين المحنطة والمقابر، هو عبارة عن هجين بين الكلب وابن آوى الفرعوني وله العديد من الرسومات والمنحوتات، ولعل أخطر ما يكتنف هذه الواقعة هي التعليقات التي رافقتها ولاسيما بعد اختفاء الكلب تماما كظهوره فجأة ومن غير أن يعلم أحد كيف صعد الى قمة الهرم وكيف نزل منها، نحو ” “الكلاب لا تستطيع تسلق المرتفعات إلا أن روح أنوبيس ترافقه!!” سبقها الحديث وإن بدرجة أقل عن ” القط الحارس ” الموجود في معبد فيلة الفرعوني في أسوان والذي روج له زورا وكذبا زاعمين بأن روح كاهن المعبد الفرعوني تسكنه وبما يستدعي اسطورة ” باستيت ” خادمة ما يسمى بالالهة الفرعونية ” سخمت ” وكان الفراعنة يخصصون للقطط المقدسة عيدا اسمه “عيد باستيت ” زيادة على ذلك فقد كانت القطط تحنط كالفراعنة تماما ومن باستيت هذه وهي مقدسة عند الفراعنة والرومان والاغريق اشتق الناس عبارة ” بست ” أو ” بس بس ” الثانية لمناداة القطط ، والاولى لطردها حتى يومنا هذا ..

ولا يفوتنكم بأن هذه الواقعة – المفبركة – قد تم نشرها وترويجها بعيد سويعات من الافتتاح التجريبي للمتحف المصري الاكبر في العالم قرب اهرامات الجيزة وبما يتسع لـ 3 ملايين زائر سنويا بحسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي …وما خفي كان أعظم .

وأضيف إن لم يكن فينا شجاع ليخترق فلا أقل من توفير خيام نزوح لا تحترق فالمطلوب اليوم من قادة العالم العربي القلق،ومن قادة العالم الغربي الرأسمالي المدنس النزق،ومن قادة الشرق المشتت ، الممزق ،المهزأ، المجزأ الزلق إما التحرك الجاد والفوري وعلى أعلى المستويات لإطفاء الحرب وإخماد النيران كليا أو الرد على مصادر العدوان الغاشم بالمثل فوريا أو توفير أمان ودواء وغذاء ووقود وخيام للنازحين والمشردين والمهجرين بفعل العدوان لا تحترق !

لأن شعب الجبارين ونتيجة لكثرة المآسي التي طاولته على مدار 100 عام حيث مأساة النزوح والتهجير القسري والعيش في المنافي والشتات قد تفرد بـأدب خاص به أطلق عليه اسم”أدب المخيمات”وقد أبدع في وصفه شعراء أمثال ،عبد الكريم الكرمي ، معين بسيسو،محمود درويش، فدوى طوقان ، وغيرهم، ولعل من أصدق ما قيل بشأنه وبرغم الحزن القاتم الذي يعتريه ، والجرح الغائر الكامن فيه ما جادت به قريحة الشاعر راشد حسين :

في الخيام السود في الأغلال ..

سجنوا شعبي وأوصوه بألا يتكلم

هددوه بسياط الجند ،بالموت المحتم ..

أو بقطع اللقمة النتنة، إن يومًا تألم

ومضوا عنه وقالوا

عش سعيدًا في ..جهنم !!

وإذا أردت أن تفهم جليا دورة الحياة وتقلب المجتمعات علاوة على فهم طبيعة ودوافع وأسباب صِدّام أو حوار أو انهيار أو ازدهار الحضارات فلابد لك من قراءة الفنون الأدبية الآتية :

أدب المخيمات، أدب السجون، أدب المنافي، أدب اللجوء،أدب المهجر ،أدب الرحلات ، أدب الحروب، مضافا لها”اليوميات والمذكرات والسير الذاتية ” لتكتشف بعد جولة شائقة وشائكة في آن واحد بأن كل ما يجول في خاطرك، وجل ما يحار فيه عقلك ، ومعظم ما يشغل بالك ويضيق به صدرك قد سطره أناس من قبل ومن بعد سبق لهم وأن عاشوا ذات التجارب أو بعضها نفسيا وحسيا وماديا عن كثب !

بل وستكتشف بأن”سير الرسل والأنبياء والصالحين” وقد نبهنا القرآن الكريم الى أهمية البحث فيها واستنباط العبر والعظات والدروس المستلهمة منها لا تخرج عن سياق واحدة أو مجموعة من تلكم الآداب مجتمعة أو منفردة ..فسيرة ابراهيم عليه السلام = هجر وإقصاء وتهميش وتضييق وتكذيب عاشها بين أهله وقومه ، تلتها حقبة الهجرة الى ديار بعيدة عانى خلالها ألوانا من الغربة والوحدة والاختبار والعذاب، يوسف عليه السلام = حسد وتكالب أشقاء وجب وسجن واضطراب ..سيرة موسى عليه السلام = نفي ولجوء ومواجهة استبداد واغتراب …سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم = دعوة وهجرة وحصار وصبر ومصابرة واصطبار وفتح وصعاب، وهكذا هي سيرة بقية الرسل والانبياء عليهم السلام وكلهم قد عاشوا غربتين”أحدهما داخلية وسط أهليهم ومجتمعاتهم وأقوامهم ، وأخرى خارجية عاشوها بعيدا عن ديارهم مع خصوم دعواتهم وأفكارهم ورسالاتهم . وألفت عناية الجميع الى أن أعظم الروايات الأدبية،وأجمل المجموعات القصصية ، وأروع الدواوين الشعرية كذلك المذكرات والسير الذاتية هي تلك التي كتبت بأقلام من عاش واحدة من تلكم التجارب المريرة أو بعضها .اودعناكم أغاتي