23 ديسمبر، 2024 11:38 ص

كلا لتصريح السيد علي الدباغ .. ومرحبا باهلنا السوريين في ارض العراق الاشم

كلا لتصريح السيد علي الدباغ .. ومرحبا باهلنا السوريين في ارض العراق الاشم

ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله (انما الكرم قلب المؤمن) صحيح بخاري.
وقال أحد الحكماء : أصل المحاسن كلها الكرم وأصل الكرم نزاهة النفس عن الحرام وسخاؤها بما تملك على الخاص والعام وجميع خصال الخير من فروعه .
وما كنا نتمنى لاخينا علي الدباغ ان يقع في المطب الذي وقع فيه وان يصرح بما لا ينبغي التصريح به ويقول ما يتوجب عدم اللفظ به اطلاقا عندما صرح بان العراق لا يمكنه قبول اللاجئين السوريين بسبب اوضاعه الامنية لا سيما وانه لا ينطق بما يعتقده شخصيا وانما باسم حكومة جمهورية العراق… وان العراق عربي وقبل ان يميز الناس اهلهم بالغنى وحجم الارصدة وكثرة البترول والسلاح والعتاد فقد ميزوهم بالجود والكرم حتى ان الباري سبحانه وتعالى قد جعل من علامات الايمان البارزة كون المؤمنين ((ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا*إنما نطعمكم لوجه الله، لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)) 8-9/الانسان.
ولا يرى المجتمعُ السعادةَ، ولا يتذوق حلاوة الطمانينة والسلام، ومفاهيم الراحة والرخاء، إلاّ باستشعار أفراده روح التعاطف والتراحم، وتبادل المشاعر والأحاسيس، في السرّاء والضرّاء، وبذلك يصير المجتمعُ كالبنيان المرصوص، يشدّ بعضه بعضاً، ومن هذا التعاطف والذي هو أسماها واخلدها، عطف المؤسرين وجودهم على من هدم بيته وفقد من فقد من عائلته وخرج من بلدته لينجو بجلده، بما يخفّف عنهم آلام الفاقة ولوعة الحرمان، وبتحقّق هذا المبدأ الأنساني النبيل ـ مبدأ التعاطف والتراحم ـ، يستشعر المعوزون إزاء ذوي العطف عليهم والمحسنيين إليهم، مشاعرَ الصفاء والوئام والودّ، مما يسعد المجتمع ويشيع فيه التجاوب والتلاحم والرخاء، وبإغفاله يشقى المجتمع، وتسوده نوازع الحسد والحقد والبغضاء، فينفجر عن ثورة عارمة ماحقة، تزهق فيها النفوس، وتمحق فيها الأموال،وتهدّد الكرامات.
ومن ذلك دعت الشريعة الإسلامية إلى السخاء والبذل والعطف على المهاجرين والمحرومين، واستنكرت على المجتمع أن يراهم يتضورون سَغَباً وحرماناً، دون أن يتحسس بمشاعرهم، وينبرى لنجدتهم وإغاثتهم، واعتبرت المؤسرين القادرين والمتقاعسين عن إسعافهم أبعد الناس عن الإسلام، وقد قال الرسولُ الأعظم (صلّى الله عليه وآله): «مَنْ أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم» [أخلاق أهل البيت عليهم السّلام: 73، عن الكافي]. وإنما حرّض الإسلامُ أتباعه على السخاء ليكونوا مثلاً عالياً في تعاطفهم، ولينعموا بحياة كريمة وتعايش سلمي، ولأن الكرم صمّام أمن المجتمع، وضمان صفائه وازدهاره.
وقوله تعالى في معرض الوعظ ((لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا* إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا*)( 29-30/الاسراء…
وقوله تعالى ((وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) 9 / الحشر.
وقوله تعالى ((وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنه عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) 133 – 134 /آل عمران.
ومن يتجول في انحاء العراق لن يرى شيخا لقبيلة او جزءا من قبيلة (فخذ) والا وله ديوان (مضيف) وان القادم ليستنشق عطر القهوة من بعيد… وان صوت (الهاون) وهو وعاء من النحاس او البرونز تسحق فيه الحبوب ما هو الا دعوة للحضور  وما هو الا علامة ترحيب….
وقال صاحب العتابة:
هلي يا اهل المحمس والبريجي
ويا كهوة غيركم علكم بريجي
هلي يا غيمة البيهة البريجي
وبيها الروض وافطر وجمة
و(المحمس هو المقلاة التي تشوى بها حبات القهوة قبل ان تسحق (بالهاون) لتتحول الى (بن) اما (ألبريجي) في ابريق القهوة الذي يسمى محليا (الدلة) (وريجي) في الشطر الثاني هو الريق (والبريجي) هو البرق الذي يساعد على تحلل المركبات النايتروجينية فتتحول من نبات (الكماة) والفطر هو المشروم…)
وهناك نار القرى وهي شعلة توقد لتدل كل مسافر او عابر سبيل ليهتدي الى المضيف… وقد قال شاعر عربي جاهلي:
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا
   نحن الضيوف وانت رب المنزل
وقال زهير بن ابي سلمى يمدح:
تراه اذا ما جئته متهللا
   كأنك تعطيه الذي انت سائله
وقال اخر يمدح الامير ابن الخصيب :
فما جازه جود ولا حل دونه
   ولكنه يسير الجود حيث يسير
اما النجدة في الاسراع في تقديم الغوث عند الملمات… فقد قال شاعر عربي بدوي:
كنا ما جاءنا طارق فزع
   كان الصراخ له قرع الضنابيب
والمعنى اننا اذا ما سمعنا صوت من يطلب النجدة فاننا نقرع (نضرب) بالعصي سيقان الخيل (الضنابيب) لتسرع في النجدة…
والآن فان عذر السيد علي الدباغ اكثر فضاعة من ذنبه فهو يبرر عدم استقبال اللاجئين السوريين بالحالة الامنية في العراق وهو نفسه الذي طالما تحدث عن تحسن الوضع الامني وكما تحدث عن الاستقرار الذي يسود البلاد هذا اولاً.
وثانيا فان من يطلق عليهم لاجئين سوريين هم ليسوا لاجئين وليسوا جيشا غازيا وليسوا اعضاء في منظمات ارهابية.
وكنا نتمنى على السيد علي الدباغ ان يشعر بما يشعر به كل عراقي في اي جزء من الوطن ايا كانت عقيدته او مذهبه هو ان السوريين الذين لجأوا الى الدول المجاورة ومنها العراق هم بالنسبة لنا بين ام واخت وابنه، وبين ابن وعم وخال وهم اهلنا وليسوا بالغرباء عنا فاذا كان العربي والعراقي بالذات مبسوط اليد للغريب فكيف يغلقها بوجه اهله وذويه؟
وسيكون عارا علينا يضاف الى عار فلسطين اذا ما تركنا حرائرنا ورجالنا يلجأون الى الدول الاجنبية ونغلق نحن بوجهم الابواب وهبوا ان الوضع الامني لا يساعد فهل هذا مدعاة لترك نسائنا ورجالنا في العراء؟ جياعا عطاشا تحت نيران الشمس وفوق جمر الرمال وهجير الريح السموم.
وفيما يخص الارهاب فان القضاء عليه ليس لكي نحمي العراقيين وحدهم بل لنحمي اهلنا السوريين معهم والذين لا يصح ان نقول عنهم (لاجئين) في حين انهم ذوو اهل واصحاب دار في العراق… نحن لا ندعو حكومتنا وحدها واجهزتها المختصة لاستقبال السوريين حتى لو كانوا بالملايين بل ندعو رؤساء القبائل وشيوخها ايضا الذين ما برحوا يكرمون الضيف بل ويفرحون بمجيئه وندعو الموسرين من التجار ورجال الاعمال بل ندعو المواطن الذي لا يملك قوت يومه الا بالكاد في ان يشارك السوريين في لقمة العيش فالعربي ينام على الطوى لكي يطعم ضيفه او يسقيه وقد قال عروة بن الورد وهو من اجدادنا الكرام وان كان قد برز قبل الاسلام:
اوزع جسمي في جسوم كثيرة
   واحسو قراح الماء والماء بارد
وهكذا فاننا لا ننادي الحكومة الموقرة وحدها وفي مقدمتها السيد رئيس الوزراء ولكننا ندعو ايضا الكرام من شعبنا وكله من الكرام ولكننا نخص رؤساء قبائل الانبار والموسرين من مواطنينا في المحافظة ان يكونوا في طليعة من يمد يد العون فتلكم هي عاداتهم التي ورثوها عن آبائهم واجدادهم وانهم الوجه الذي اول ما يراه الزائر  وانهم صلة الوصل بين العراقيين ومنشأهم صحراء العرب بكل قيمها وانهم الاقرب الى مداخل العراق فمن حقنا ان ندعوهم لان يقدم كل منهم ما في قدرته لنصرة اخوانه السوريين وان يلبوا ما يحتاجونه من غذاء وماء ومن ظل يحميهم ومن دواء يقيهم شر المرض ومن كلام يرحب بهم ويبشرهم بالخير العميم.

حركة القوى الوطنية والقومية (حقوق)
25/ تموز/ 2012