أردت ذات يوم أن أجري إختبارا رياضيا بصفتي صحفي مشاغب – ما أكعد راحه – عن أكثر الفنون القتالية فاعلية في العراق ، وتمكنت من إقناع لاعب كاراتيه – مدرسة شوتوكان – حاصل على الحزام البني لخوض نزال مع ملاكم في نادي الشرطة ، وكل ظني بأن بطل الكاراتيه – راح يشبع الملاكم كتل واذا بالأخ يخسر من الجولة الأولى وبالضربة القاضية !!قلت ” هاي شنو ؟ لعد آآآآآآآ ايييييييي اووووووو الخابصنه بيهه وين صارت ؟ تالي مع أول ملاكم تروح بالزلك ؟!”قال ولا أنسى ما قاله ما حييت ” انه يرقص كالفراشة ، ويلسع كالنحلة ، إنه يلعب على طريقة ،محمد علي كلاي ،وبتكتيكه وتكنيكه على الحلبة فكيف بإمكاني ان أفوز عليه ؟!الخلاصة التي إنتهيت إليها وكذلك عشاق الفنون القتالية الى ، ان ” الكاراتيه لا تجاري الملاكمة باستثناء مدرستها “الكيوكوشنكاي ” التي تعتمد على القتال الالتحامي المباشرمن دون الإسهاب في الصد والضرب ، أما التايكواندو التي تعول على القدم والساق بنسبة 90% في القتال و المواي تاي او الملاكمة التايلندية التي توائم بين الملاكمة والركل بالأقدام وقصبة الساق والركبة ومرفق الذراع وكذلك الكك بوكسنك وهي ملاكمة + ركل بالساقين والكونغ فو التي تعتمد على المراوغة لتجنب اللكمات ، فكلها بإمكانها مجاراة الملاكمين، ما خلا ذلك ضربة قاضية على طريقة، كاسيوس كلاي، او محمد علي كلاي ، ألسع كالنحلة وأدور كالفراشة، على الفك السفلي ستفقدك الوعي في الحال لامحالة !! .
مرت الأيام وما قاله بطل الكاراتيه – اليد الخالية – يتردد في أذني حتى إعداد كتابي ( سراج التائبين ) فخصصت الصفحة 87 منه لبطل العالم بالملاكمة ثلاث مرات وبطل دورة الألعاب الأولمبية في روما عام 1960 .البطل الذي استهجن حرب بلاده في فيتنام فنزع عنه لقب بطولة العالم عام 1967عقوبة له على رفضه أداء الخدمة العسكرية واودع السجن ومنع من ممارسة الملاكمة ثلاث سنوات ، كما رفض حرب بلاده في العراق لاحقا ، البطل الذي اشهر اسلامه عام 1964 واختار اسم محمد علي ، بدلا من كاسيوس ،وقال في ذلك ” سأكون قويا عشر مرات اكثر اذا انصرفت الى ملاكمة الشيطان، حب الله وحده هو السعادة ، الاسلام لم يفرق بين اسود وابيض ولا بين اصفر وأحمر إلا بالتقوى” .بالأمس ودع العالم ، كلاي ، عن عمر ناهز الـ 74 عاما بعد معاناة طويلة مع مرض الباركنسون (الرعاش) في مستشفى بولاية آريزونا ،
فنعاه متحديه السابق ، جورج فورمان ، الذي خسر أمامه بطولة العالم عام 1974،بـ “ذهب جزء مني، أغلى جزء.”من أشهر اقوال كلاي في كراهية الحرب الرأسمالية التي تشنها بلاده على الآخرين ظلما وعدوانا في كل مكان ، “لماذا أطلق النار عليهم إنهم لم ينعتوني بالزنجي ولم يطلقوا كلابهم علي، ولم يجردونني من جنسيتي، أو يقتلوا أمي أو أبي، فلماذا أطلق النار على هؤلاء المساكين؟ !، نسخة الى تجار الحروب العبثية في العراق وعصاباتها وميليشياتها المسلحة الوقحة .كلاي قدم نصيحة الى المتظاهرين في كل مكان خلاصتها ” إنما تخوض الدول حروبها لتغيير الخرائط الجغرافية ، إلا أن حروب الفقر تخاض لوضع خارطة التغيير” ، نسخة الى متظاهري العراق من الفقراء والمسحوقين والعاطلين والمرضى والمساكين والمظلومين والمهمشين، أنتم تتظاهرون لتغيير خارطة توزيع رؤوس الأموال بالعدل والإنصاف وإصلاح الحال وإحقاق الحق وإقامة ميزان العدالة المعوج وليس لتقديس زيد وعبيد وتقبيل جباههم وأياديهم والتراب الذي يمشون عليه كما صنعتم ، على إيش ما أدري ؟ فخسرتم وتواروا بعيدا عن الأنظار !!.وداعا كلاي ..وداعا لقلبك الأبيض النابض الذي توسط صدرك الأسمر وستبقى رسالتك الإنسانية المحبة للسلام ، الكارهة للحروب العبثية ماثلة في الأذهان تتناقلها الأجيال كابرا عن كابر ،فأنت القائل ، ” الملاكمة هي الكثير من الرجال البيض يراقبون زنجيين اثنين وهما يضربان بعضهما بعضا ” وبمفهوم المخالفة، ساسة فاسدون وانتهازيون ومقامرون ومجرمون واحتكاريون ، يراقبون ملتين ..شعبين ..قبيلتين ..طائفتين ..قوميتين ..عشيرتين ، كما يحدث في العراق اليوم وهما يتقاتلان ويقتلان بعضهما تمهيدا لسرقة ما تبقى من خيرات بلادهما من خلال نصرة وتشجيع الضعيف منهما حتى يقوى ويقف على قدميه بمواجهة الآخر مؤقتا حتى هلاك الطرفين ..فهل من متعظ ؟! ، بالتأكيد وكما قال كلاي ” هنالك أشياء أكثر متعة من ضرب الناس ” .اودعناكم اغاتي