ما يميز التجربة الديمقراطية العراقية هو الفشل …..
……. فقبل سنة 2003 كان هناك من يمجد الهيبة الردعية للقائد الضرورة ….. ويمنح القائد قوى خارقة اخرى في مجالات قد لا يفقهها القائد الرمز نفسه … ولكنه يعشعش في الذاكرة الجمعية … كرمز للقوة والهيبة والكرامة والرجولة والفراسة والذكاء والعبقرية ….وقد اكتشفنا نحن بالعراق تحديدا ….بطلان هذا الوهم …. حينما راينا القائد الرمز يخرج من الجحر الذي كان يختبأ به …بمساعده الجنود الامريكان …. ويوجد بيننا لحد الان الكثير ممن لا يصدق الصورة التي شاهدها كل العالم لانه لا يريد ان يقتنع بانه كان على خطأ ……..
ودائما الحديث عن القادة وصفاتهم الخارقة هو كلام فارغ …وكلام مليان كلام فارغ كما يقال …..ان كل ما يميزهم عن غيرهم هو اما الحظ او انهم مغامرين او جاءت بهم الصدفة او الفراغ او ظروف صنعها اخرين . واستغلها ممن كان في اخر الصفوف .و لا يحلم بالوقوف بالصف الاول من بين جماعته … وبالتالي لا يميز هؤلاء عن الاخرين الا الانجاز الذي يقدمونه لشعوبهم …و لمن قدم انجازا كبيرا لهذا الشعب يستحق بعض الامتيازات البسيطة …..مثل ما حظيت به بواسير النائب التي كلفت البرلمان العراقي 59 مليون دينار مما يجعلها من اغلى البواسير في العالم والاشهر في تاريخ البشرية منذ نبينا ادم الذي كان يشكو من قصر لحافه بسبب طوله الفارع الى الفنانة الكبيرة امل طه التي ترقد على فراش المرض منذ اكثر من ثلاث سنوات دون ان تحضى باي اهتمام من قبل الحكومةالعراقية …..علما انها صاحبة انجاز فني متميز …… ؟؟
لكنها لم ترقى الى الانجاز الذ ي صنعته بواسير النائب التي اسهمت باسيره في درء الاخطار عن البلد وكانت سببا في حل مشاكله المستعصية منذ اكثر من عشر سنوات وكذلك شفايف النائب العلواني التي دخلت التاريخ … وارست استقرارا ….وهدوءا في البرلمان المتصدع ….في حين ان اخر العلاج الكي كما هو معروف …..لا ادري لماذا استبعدت رئاسة البرلمان تحديدا هذا العلاج الناجح جدا والمجرب وتعميمه على كل من يشكو من النواب من البواسيرالهوائية والدموية على حد سواء ومن يريد ان يصلح اسنانه وشفايفه كان بافضل الاحوال بحاجة الى جراخة وسمكرة بشارع الشيخ عمر لا اكثر …..
…. وكنا قد وفرنا على الشعب كل هذه الملايين … للاستفادة منها في امور اخرى ليس اغربها مثلا في نفخ شفايف المحبطات من السيدات اعضاء البرلمان ممن فاتهن قطار الزواج او اللواتي لسن على قدركاف من الجمال .
ان هذه الاعمال تؤشر على خطورة ما يجري في الدولة العراقية وللاسف ان قائمة تخصيص الملايين لعلاج السادة النواب اطول مما تصورناه اذ بلغ مجموع الاموال المخصصة 486 مليون دينار عراقي …. ان هذا البذخ والاستهتار في هدر المال العام بهذه الصورة جعل الشعب يعبأ ضد العملية السياسية كلها من دستورها الى كل ما ترتب على هذا الدستور من خراب اصاب البلاد شرقا وغربا …. شمالا وجنوبا ….ولا يفرحن احد الان ان هو في بحبوحة …. انها ميزة مؤقتة وكذبة كبرى ….اصبحتم نوابا عن الشعب في غفلة من الزمن وفي استخدام لقانون انتخابات مفصل تفصيل لمصلحة الاحزاب الكبيرة القابضة على السلطة وصعد الى البرلمان اشخاصا لم ينالوا ال50 صوت …….. والان وقبل الانتخابات القادمة في الشهر الرابع من عام 2014 ….برزت الخلافات بين الاحزاب على قانون الانتخابات حيث المواقف اختلفت فهناك من يريد العراق دائرة واحدة ووهناك من يريد العراق 18 دائرة وهناك من يطالب بان تكون هناك 325 دائرة وبين القائمة المفتوحة والقائمة المغلقة او الترشيح الفردي … وهناك تاخير متعمد لعدم طرح قانون الانتحابات في وقت سابق لتتم مناقشته بهدوء وليحضى بالاهتمام الكافي والمشاركة الشعبية ….
ويبدو اننا في العراق لم نتمكن من انتاج طبقة سياسية تؤمن بالديمقراطية وبالتداول السلمي للسلطة …. ولم ننتج رغم كل الالام والاحباط والحروب والقتل والظلم لم ننتج قادة بمستوى غاندي او نيلسن مانديلا او بمستوى مهاتير …… وانما يسعى الماسكين بالسلطة والمال الى التحول الى دكتاتورية الاحزاب الكبيرة والى ترسيخ مبدأ المحاصصة كعرف يحول العراق الى لبنان ثاني .. ….لتتكرر نفس الشخصيات على المسرح السياسي لفترة طويلة…. رغم اكشافنا انهم لا يتمتعوا باي قدرات خارقة او لاحد منهم الكريزما اللازمة للقائد او ان يمتلك مشروع وطني واضح المعالم يوضح فيه الرؤيا للسياسة الخارجية والداخلية والسياسة الاقتصادية وهوية الدولة ومواقفها مما يحصل في دول الاقليم من صراعات …… ومن هنا نستطيع ان نفهم لماذا تعمد تاخير اقرار قانون الاحزاب ولماذا لم يدرج في الدستور قانون الانتخابات ولماذا لم تقر قوانين عديدة لها علاقة ببناء موسسات الدولة ….
ان غالبية الطبقة السياسية الحاكمة في العراق هم من قضى فترات طويلة من حياتهم في دول اوربية عريقة في انظمتها الديمقراطية وفي اقرار الحريات العامة …الا اننا نشهد عودة الى دكتاتورية الاحزاب هذه المرة والى استنساخ نفس الاشخاص الذين عجزوا عن تقديم اي انجاز ….. ولم يتمكنوا من الاتفاق على حل اي مشكلة باستثناء ما يتعلق بامتيازاتهم …… اذ يبدو ان الامتيازات الكبيرة التي يتمتعون بها والمال الذي هبط عليهم من السماء كالمطر افقدهم توازنهم وانساهم ما كانوا يدعون انهم يناضلون من اجله …. وادمنوا السلطة وتعلقوا بسحرها … الذي اغوى من جاء قبلهم وحولهم الى طغاة واعداء للشعب العراقي ….