23 ديسمبر، 2024 3:40 م

كلام في الستراتيج

كلام في الستراتيج

لا يمكن لأي صاحب ذي لب أن ينكر أهمية وضع خطة أو خطط ستراتيجية، لأي عمل كبير ينوي القيام به، ونعني بالستراتيجية التي سيضعها لتنفيذ عمله ذلك، هي الخطوات العملية لتنفيذ البرنامج الذي ينوي تنفيذه، والمديات الزمنية لتحقيق كل فقرة من فقرات هذا البرنامج، مع وضع تصور كامل لما يمكن أن يعترضه من عقبات أثناء التنفيذ، ومع أن الأخيرة هي مجرد توقعات قد تتحقق أو لا، فإن واضعوا الخطط الستراتيجية، يضعونها في الحسبان.
تتخلل هذه الخطط الستراتيجية، خطط قصيرة ومتوسطة المدى، يمكن لمنفذي الخطة المناورة من خلالها، بما لا يؤثر على المسار العام للخطة الستراتيجية، بل تعد جزء منها.
في العراق نجد وزارة للتخطيط، بنايتها الفارهة تقع على نهر دجلة، لكن مع هذا لا نجد لها دور في التخطيط لإقتصاد البلد تحديدا، والسبب في ذلك، أن النظام السابق قد جعل دور هذه الوزارة هامشيا يقتصر فقط على حساب معدل التضخم ـ لا يعبر عن الواقع الفعلي ـ وكذلك في تعداد عدد سكان العراق، فيما عدا ذلك لا نرى تخطيطا ستراتيجيا، مع أن هذه الوزارة تملك طاقات هائلة من الخريجين والخبراء الذي بإمكانهم وضع خطط تستطيع النهوض بالواقع الاقتصادي للعراق، ليكون في مصاف الدول الكبرى.
بعد سقوط نظام صدام، إستبشر الناس خيرا، بأن القادم من الأيام سيكون أفضل من سابقه، لكن مع مرور ثمان سنوات، إزداد البؤس والقهر والإحباط لدى المواطن، بسبب تخبط الحكومة في قراراتها التي لم تكن تعبر عن واقع الحال العراقي، خاصة مع وجود موازنات إنفجارية تجاوزت كثيرا مبلغ المائة مليار دولار، ومع هذا لم نجد ما ينهض بواقع الاقتصاد العراقي، حيث بقي إقتصاد ريعي في أكثر من 90% من ناتجه الإجمالي، يعتمد على تصدير النفط، وحتى هذا القطاع لم ينل الاهتمام الكافي من لدن الحكومة، التي بقي همها الأكبر هو، كيف تجني أموال أكثر بدون أن تطور هذا القطاع، وتجد منافذ أخرى للإفادة من النفط، خاصة مع وجود الصناعات التحويلية التي يمكن أن تعود على البلد بواردات تفوق تصدير النفط الخام.
مع مجيء حكومة الدكتور العبادي، وتولي الوزير عادل عبد المهدي، وزارة النفط، وجدنا حركة دؤوبة في مفاصل هذه الوزارة، ولا تقتصر هذه الحركة على مباني الوزارة، بل تعدتها الى مختلف المحافظات المنتجة للنفط، تمثلت في زيادة الإنتاج والوصول به الى مستويات قياسية، لم يصلها العراق حتى في زمن النظام السابق، بالإضافة الى التفكير بإيجاد الطرق الكفيلة بإستثمار الثروات الموجود لأقصى حد، للنهوض بالواقع الاقتصادي للبلد.
إن هذا يدل على أن الوزير عبد المهدي لديه خطة ستراتيجية لهذا القطاع، وهو ينفذها بحسب ما وضعها وبهدوء، مع توقعه لما قد يحصل في قادم الأيام.
في واحدة من خططه، يحاول إستثمار ميزة في إستخراج النفط العراقي، ألا وهي كلفته المنخفضة نسبيا، مقارنة ببقية النفوط المستخرجة في دول العالم، حيث يقول: ((الوزارة ستضيف شرطاً تطالب به الدول المستهلكة والمتعاقدة والشركات العالمية العاملة في العراق، بتنفيذ مشاريع خدمية وبنى تحتية وحسب طبيعة وإحتياجات المنطقة التي يتم الإستثمار فيها)).
في قراءة متأنية لقول الوزير، ترى أنه يعرف من أين تؤكل الكتف، وبالتالي فهو يضغط بهذا الإتجاه في محاولة لأن يعود النفع على الواقع الخدمي للبلد، من خلال إلزام الشركات العاملة في القطاع النفطي، بإنجاز مشاريع تؤسس لبنى تحتية متماسكة تعود بالنفع على العراق.