تعرض الحاج شمخي لمرض مفاجئ, وهو مجرد كاسب بالكاد يحصل على قوته يومه, أصبح طريح الفراش, وأطفاله منذ يومين بلا عشاء, فقرر ابنه الكبير(14 عاما), أن يذهب لصيدلاني الحي, فلا يوجد طبيب في حيهم الذي يعج بالفقراء, يحاول أن يستعطفه, عسى أن يأتي ليشاهد ما علت أباه, فدخل وتوسل به وامسكه من يده أن يأتي معه ويعالج أباه, فقل صفي لي ما به, فشخص علاجه لكن ثمن العلاج مرتفع, فعاد للبيت وهو يجر اذيال الخيبة, دخل للبيت يتحسر وهو يشاهد أباه يتلوى من الألم, لا أقارب يساعدون ولا جار يهتم, جلس لجنب أبيه وإخوته الصغار يبكون معا.
قضية الأدوية وارتفاع أسعار الجيد منها, من المشاكل الكبيرة التي لا يشعر بها الساسة, لأنهم لا يحتكون بها ولا تعنيهم, لكنها مصيبة كبرى لشريحة الفقراء, كان الحلم الكبير بعد زوال الطاغية, بان ينتشر العدل وتعود الحقوق, فإذا بليل جديد تضيع فيه الحقوق ويتم سحق الفقراء.
من باب الظلم في التشريعات العراقية, أن الوزراء والنواب والمدراء وعوائلهم وبطانتهم يكون علاجهم بالمجان من أموال الدولة, مع أنهم أثرياء لكن حتى شريط الصداع “البندول” يسجل على حساب خزينة الدولة, بالمقابل الفقراء ومحدودي الدخل لا تشملهم رحمة الوطن, وتغلق خزينة الدولة بابها بوجوههم, فأي عدل هذا كأننا في زمن الجاهلية من جديد.
هنا نطرح فكرة لا تكلف الدولة أي زيادة في الصرف, بل يمكن عدها لو تمت خطوة حكيمة, وهي بخطوتين:
الخطوة الأولى: غلق بعض أبواب الموازنة, مثل الضيافة والايفادات والوقود المخصص للوزراء والمدراء والبرلمانيين, مع الغاء بعض المخصصات التي يستفيد منها الرئاسات الثلاث والبرلمان والوزراء, وهي ستمثل بمجموعها رقم كبير.الخطوة الثانية: تحول أموال الخطوة الأولى لعلاج مجاني للفقراء, عبر توزيع كارت للفقراء, يتعالجون عن طريقه بالمجان مع الحصول على الدواء.
فكرة ممكنة جدا, لو كانت الطبقة الحاكمة تملك ذرة من القيم, ودرجة بسيطة من الوطنية, والشعور بمخافة الله, فهل يملكون هذا القليل من القيم فيطبقون هذه الأفكار, أم الشيطان مسخهم فما عاد يترجى منهم خيرا.