27 ديسمبر، 2024 8:14 م

كلاب ومرايا في الموصل

كلاب ومرايا في الموصل

قام ملك ببناء قصر، كانت جدران القصر مكسوة بملايين المرايا. كان الدخول الى ذلك القصر جميلا، إذ يمكنك أن ترى وجوهك في ملايين المرايا من حولك؛ يمكنك أن ترى الملايين من نفسك حولك. إذا حملت شمعة، سترى ملايين الشموع؛ شمعة صغيرة تنعكس من ملايين المرايا، من ثم يصبح كل القصر مضاء بشمعة واحدة صغيرة.
ذات مساء حدث أن دخل كلب الى القصر بالصدفة. نظر حوله، انتابه فزع شديد، بل فزع حتى الموت، ذلك أن هناك ملايين الكلاب !.
كان الكلب فزعا الى درجة أنه نسي الباب الذي دخل منه. السبب بالطبع، وجد الملايين من الكلاب حوله، بالتالي كان الموت أمرا محتما. بدأ بالنباح، أخذت تنبح معه ملايين الكلاب. أصبح الكلب عدوانيا شرسا، ومعه أصبحت ملايين الكلاب عدوانية.. ثم ارتطم بالحائط. في الصباح عثر عليه ميتا، ولم يكن أحد في القصر غيره.
هذا هو الوضع برمته في الموصل بعد دخول داعش، إنه ينبح ويقاتل، يكون أصدقاء وأعداء، كل شخص من داعش وأتباعه يعمل كمرآة.
لكن، يجب أن يكون الوضع بالنسبة للمواطن كذلك! فما لم تستيقظ، وما لم تدرك من أنت، سوف تستمر في رؤية انعكاساتك في مرايا الآخرين، وهذا ما حصل مع الكثير من الشخصيات السياسية المزيفة والأحزاب غير الوطنية.
تمارس الحب والكره مع انعكاسك، تتقاتل وتتصالح مع انعكاسك. إن (الأنا) عادة سرية بالمطلق: حيث تمارس كل شيء مع نفسك من خلال انعكاساتك.
انظر في عين الداعشي، ترى الذل والجوع والعطش والخوف في قلبه، ترى الموت قبل حلوله في قلبه لأنه يقفز على المجهول ويصطدم في كل مرة بالمرآة.