18 ديسمبر، 2024 8:38 م

كفى مِنْ فقه القتل والسبي والأرتداد الحضاري

كفى مِنْ فقه القتل والسبي والأرتداد الحضاري

استبشرنا خيراً بعودة العلاقات بين العراق والسعودية, بعد انقطاع طويل. وقلنا ربما هيَ صحوة ضمير سعودية تجاه العرب عامة والعراق خاصة. فقد يفيدنا هذا كثيراً ويفضي لهدوء الساحة السياسية في العراق فتخفتُ الأصوات الطائفية الذي ارتفعت في العراق والعديد من دولنا العربية. ولعلَّ الجميع ينبذ الطائفية التي خربت كل شيء ومحقت المشاعر الأنسانية فكفانا تمسكاً بالماضي وبتداعيات السقيفة وحرب الجمل. ولعل الأشقاء السعوديون يراجعون سياساتهم . ويكفوا عن التدخل في الشؤون العربية ويُنهوا حربهم الطائفية على اليمن وتدميره بهذا الشكل الوحشي المرفوض في أخلاق العرب والمسلمين.فهل سأل الأخوة السعوديون ضمائرهم هل يرتضي الأسلام قصف الأسواق الشعبية ومجالس العزاء والمدن الآهلة بالسكان, وحصار الفقراء ومنع المساعدات الأنسانية عنهم؟
يتذرع السعوديون بأن إيران وحزب الله اللبناني هم من ورَّدَ الصواريخ البالستية للحوثيين . وإن خبراء إيرانيين هم من وجه هذه الصواريخ لتضرب الرياض. لذا فمن حقهم محو حزب الله وردع ايران وتحجيم دورها في المنطقة.ولنفترض صحة هذا الأدعاء .أليس من حق الحوثيين الأستعانة بأيٍّ كانَ .وهم يرون السعودية تجيش الجيوش والتحالفات, وتقصف مدنهم, وتحاصرهم بطائرات وبوارج أمريكية وبسلاح وعتادٍ أمريكي؟فلماذا تحرِّم السعودية على الحوثيين ما تحلله لها؟.أليس بالأمكان وبقرارٍ ملزمٍ من مجلس الأمن الدولي الأحتكام لأنتخابات حرة نزيهة تشرف عليها الأمم المتحدة في لبنان واليمن لتسوية كل الأمور والعُقَد.أم إنها حربٌ جوهرها طائفي لعين؟
أليسَ لهذين الشعبين حرية القرار. فتوفر هاتان الدولتان أرواحاً تُزهق وأموالاً تُهدر لتصنيع وشراء السلاح الذي كنّا نتمنى أن يوجه الى أعداء الأمة العربية لا الى الشعوب العربية,حتى وإن كان حكامها في ضلالة فالشعوب لا ذنب لها.
ومَنْ قال إن حكام إيران والسعودية يمثلان شعبيهما .أليس من حق اللبنانيين واليمانيين التشكيك في شرعية هاتين الحكومتين؟فمَنْ نَصَبَ هاتين الدولتين حَكَماً وجلاداً, غير الغطرسة والتجبر والجبروت والتكفل الخارجي؟
تأريخ التدخل السعودي طويل من العراق وشهادة بنت سفيرها في مجلس الأمن. تلك الشهادة الكاذبة التي ساهمت في غزو العراق الى الشحن الطائفي. وتبنيها المجاميع الأرهابية التي عبثت بالعراق, الى التدخل السافر في سوريا وتمويل الحركات المسلحة والأرهابية .
لا شكَّ إن الحكم في سوريا حكماً شمولياً كبتَ الحريات وصادر الحقوق الأنسانية للشعب العربي السوري .ولكن كان الأجدر بالسعودية وإيران التدخل الأيجابي لحل الأمر سلمياً لا التدخل بالسلاح والشحن الطائفي الذي كان نتيجته تدمير سورياً أرضاً وشعباً.ولمصلحةِ مَنْ هذا!!!!!
واليوم توجهت بوصلة التدميرالسعودية للبنان ,رئة العرب البلد الوديع الهادئ .لتزعزع أمنه وتشعل النار فيه.وسؤالنا لماذا يدفع اللبنانيون ثمن التدخل الأيراني والسعودي .كما دفع الشعب العراقي والسوري واليماني .
من المؤكد إن الأشقاء اللبنانيين تعلموا الدرس بعد حرب أهلية دامت 11 عاماً. ولن يفرِّطوا بأمنهم وببلدهم الوديع الجميل.فمتى ينتهي فقه القتل والسبي والأرتداد الحضاري؟.ولماذا تشوهُ هاتان الدولتان سمعة العرب والمسلمين وتصر على رسم صورة مشوهة للعرب والمسلمين, مشوَّهَةً صورة العرب والمسلمين الحقيقية. فدين الأسلام دين السلام والتسامح والأنسانية, الدين الذي يتماشى مع الحضارة والتمدن, الدين الذي يَصلح لكل الأزمان وكل مكان. وعلى هذا الدين تربى العرب وتثقفوا .أم إنها صفحة داعشية جديدة رُسِمت لتدمير الوطن العربي لمصلحة إسرائيل؟
متى يتعقل السعوديون والأيرانيون ويجلسوا الى طاولة حوارإيجابي ليضعوا حداً لهذا التنافس المدمر لأمتهم الأسلامية والعربية؟أم إن ثقافة وفقه القتل والسبي والتهجير والأرتداد الحضاري أفضل من السلام والمحبة والأعمار ومعالجة مشاكل الفقر والجهل والمرض بأموالنا بدلاً من ذهابها لتجار السلاح و لجيوب من يريد بنا الشر لنبقَ ذيولاً له؟
وخلاصة القول والكلام موجه للشعوب العربية .فخلاصها بنبذ الطائفية وبناء دولٍ مدنية على أسس حضارية وفق مؤسسات المجتمع المدني, دول تفضل الحوار والسلام على السلاح ,دول تؤمن بحق شعوبها في الحياة وحق تقرير المصير ,لا دول تأتمر بالأجنبي وتنفذ أجنداته .نحن بحاجةٍ لدول تصطف مع المصلحة العربية لا مع أعداء الأمة العربية ,دول تشيع المحبة والعلم والثقافة لا الكره والبغضاء والجهل .ولسنا بحاجةٍ لدول تتبنى فقه الكراهية وثقافة القتل والسبي والتهجير والحرب والعنف.