لا أعتقد أن الكلام وحده يكفي ولا الشعارات لوحدها تجدي ولا تسويق الوهم والأماني يبني ولا الدعاء لمجرده يغني ، يبقى الواقع العملي هو الذي يظهر الأمور على حقيقتها وعندها تسقط جميع الشعارات وتعري كل الكلمات وتمحو الاوهام والغفلة وتسلط الضوء على حقائق لا مناص من الإعتراف بها مهما غلفت بأغلفة النفاق وتلبست بهندام القداسة الوطنية والدينية ولن يجدي نفعآ العزف على ماضي الجهاد المبهم فالحضور الوطني هو الذي يكسب المرء شرف حمل الهوية . وكما أن الخير والشر والنور والظلام والليل والنهار وو.. لا يجتمعان فلا ينبغي للعاقل أن يوهم نفسه أن الخائن والأمين والسارق والنزيه يجتمعان وعلى هذه الشاكلة ليس للعاهر أن تتكلم عن ماهية الشرف وتبين مناقبه وأخلاقياته ومن يسرق قوتك وقوت عائلتك لا تنتظر منه أن يطعمك أنت ومن في الأرض جميعآ حتى لو ملأت الدنيا صراخآ بالدعاء والإستغاثة مالم تقرنها بخطوات عمل ومبادرات للتخلص منه ومما أنت فيه تلك هي فلسفة الحياة وجرت عليها مقادير الدنيا . بالرغم من إنتشار الفساد وسرقة المال العام في وضح النهار وأمام الملأ من قبل ساسة العراق بجميع إنتماءاتهم وأسماءهم وكل حسب موقعه وما وقع تحت تصرفه إلا أن هؤلاء المفسدين هم أنفسهم يسارعون في كل هيجان شعبي للمطالبة بمحاربة الفساد والتخلص من الفاسدين وكأنهم في معزل عنه أو من المتظلمين منه بل ويتباكون من تأثيره على الوضع المتردي في البلد ويحاولون في كل مرة أن يركبوا موجة التظاهر ضد الفساد وإنتزاع غضب الشارع بهتافاتهم السمجة ليرموا الكرة بعيدآ عنهم ويتسابقون فوق المنصات وخلف المايكروفونات وأمام الكامرات ليستنكروا ماحل بالبلاد من فساد ومن هيمنة المفسدين على مقدرات الوطن ويعيدوا الكرة تلو الكرة ولا يعرق لهم جبين ولا يهتز لهم أي خلق نبيل ، ويبقى المواطن في حيرة من أمره وهو يرى هؤلاء الساسة بلا ذمة أو ضمير أو نقطة من الحياء وهم يتكلمون ليلآ ونهارآ بلا كلل او ملل عن الوطنية والدين والأخلاق الرفيعة والأمانة والإخلاص حتى تصدعت الرؤوس من تفاهاتهم وإشمأزت النفوس من أشكالهم وملأت القلوب منهم قيحأ وعلى إثر ذلك ضاعت حقوق هذا الشعب المغلوب على أمره ولا يعرف كيف الخلاص مما أبتلي به .