يصف الإمام الجواد (عليه السلام) الشخص الذي يتستر على الخائن بأنه خائن مثله، حيث يقول عليه السلام: كَفى بالمرءِ خِيانةً أن يكون أمِيناً للخَوَنة، حتى مع كون ذلك الشخص نزيه في عمله، لأن الناس التي تراقب تصرفاته، فتراه كيف يقوم بالتغطية على خيانة هؤلاء.
من هنا يمكن القول بأن على السياسي أن يحسب كل خطوة يخطوها، وكل فعل يقوم به، خاصة إذا ما كان هذا العمل والفعل يرتبط المقربين منه،
الخيانة التي نتكلم عنها، ليس بالضرورة أن ترتبط بخيانة الوطن، فالخيانة كما هو معلوم أنواع، فقد تكون الخيانة مرتبطة بنوع العمل الذي تقوم به، وإذا كان هذا العمل مرتبط بحياة الناس؛ فعدم إتمام العمل يكون وصف الخيانة هنا أشد، والرسول الأكرم (عليه أفضل الصلاة والتسليم) أنه قال للإمام علي عليه السلام: ((يـا أبـا الحَسَنِ، أَدِّ الأَمـانَةَ للِبِرِّ والفـاجِرِ فِي مـا قَلَّ وَجَلَّ، حتّى فِي الخَيطِ وَالمخِيطِ))، وهنا يؤكد الرسول الأكرم على ضرورة أداء الأمانة، فيما لو كانت الأمانة صغيرة أو كبيرة، والخيانة لا تقتصر كما أسلفنا على ما تقدم؛ فعدم قيامك بعملك على أكمل وجه هو خيانة، وهذا الأمر ينسحب على عمل الحكومة، التي لا تقوم بأداء الواجب المكلفة به بموجب الدستور، كما ينطبق هذا الوصف على عمل مجلس النواب الذي لا يقوم بدوره في تشريع القوانين ومارقبة عمل الحكومة.
بدأت هذه الخيانة منذ تشكي حكومة السيد المالكي، عندما لم تطبق الدستور؛ الذي يفترض بأنها حامية له، بتركها تطبيق المادة 76/ثانيا، والتي نصت على ( أن يقدم رئيس الوزراء المكلف بتقديم أسماء الوزراء في وزارته خلال ثلاثين يوما) وفي حالة شغور حقيبة وزارية ينتفي هذا التكليف، بحيث يقوم رئيس الجمهورية شخصاً أخر، وهو الأمر الذي لم يحصل، فإستمرت الحكومة تعمل ناقصة، وهو مخالفة دستورية، الذي يرتقي الى خيانة دستورية؛ فكيف يمكن ضبط إيقاع عمل الحكومة وهي ناقصة وتعمل بالوكالة؟ أليس في هذا مدخل الى الفساد المالي والإداري؟.
نحن على بعد أيام من إنقضاء مدة ولاية مجلس النواب الحالي، وهو الأمر الذي ينسحب على الحكومة الحالية، التي ستكون بعد 14/حزيران الى حكومة تصريف أعمال، وهي الحكومة التي تشهد نقص في وزرائها الأصلاء.
الأمانة تفرض على مجلس النواب القادم، أن يقوم بعمله على الوجه الأكمل، بحيث لا يسمح بتمرير حكومة ناقصة، لأن ذلك كما قلنا مخالفة دستورية، ونحن لا نريد أن يبتديء نوابنا الجدد عملهم بمخالفة دستورية، بالتالي فإن الواجب يفرض عليهم أن يضغطوا على مرشح الكتلة الأكبر على أن تكون الكابينة الحكومية مكتملة بجميع وزرائها، كما أن الواجب يفرض عليهم أن يجتمعوا بأسرع وقت لتمرير الموازنة العامة لعام 2014، وهو العام الذي يكاد أن ينتهي والموازنة لم تر النور لغاية يومنا هذا، الأمر الذي تسبب بتعطيل أعمال الوزارات والمحافظات جميعها بدون إستثناء.