مرة اخرى يثبت الغدر انه الاقدر على قتل الكملة الحرة الصادقة ، واخرى ايضا يثبت الساسة ان حتى الدماء مستباحة في سوق نخاستهم ، ومرة ثالثة بان العراق الجديد ليس فيه شيء يمكن ان يطلق عليه سلما اهليا ، في يوم فجعت بمقتل صديقي اللامع محمد بديوي الشمري ، تسربلت لحظاتي بسواد عظيم ، فلم اجد غير زواية صغيرة في غرفتي ، اذرف فيها دمعي على شاب في زهو عطاءه المهني ، وزهرة عمره الانساني وهو اب لثلاثة اطفال .. كنا ننظر اليه في جمهوريتنا العزيزة ، صحفيا طموحا ، كتب في مستقبل حياته المهنية كتابه الاول ” التعطيش السياسي” لم يكن يوما مهملا في عمله ، او متذمرا من تكليف سكرتارية التحرير له بواجبات ربما تتفقو على قدرات من هم بعمره المهني ، وكانت دائما ضحكاته تجلل في ارجاء الطابق الثالث ، يوم خفارته ، واليم نفتقدك يامحمد .. وانت في احلك لحظاتك ، تواجه الموت البائس من رجل يوصف ب” المتهور ” في بلد يبدو فيه كل شيء متهورا الا المثقف الذي عليه اني قول كلمته ويمضي في طريقه اما لينال اكاليل الغار من قراءه ومتابعيه ، او ليلاقي رصاصة كاتم صوت من متهور طائش .. لكن ان هذا المتهور ضابطا في نقطة سيطرة فذلك ما لا يحمد السكوت عليه .
اليوم ادعو دمائك ان تتقافز وهي تتناثر على اديم ارض العراق الطاهرة ، ان تكفكف دموعنا وهي تبكيك ، وتمسح عنا بما عرفته عند من طيبة وتسامح واخلاق رفيعة ، تلك الاوجاع التي تسبب بها مقتلك لجميع الاسرة الصحفية ، وهي اليوم تقف موقفا موحدا لرفض فكرة بيع روحك الطاهرة على مزاد النساخة السياسية البغيضة ما بين مقلل من اثام مقتلك ، وبين مزايد يريد ان يجعل من هذه الدماء الطاهرة موجة تعلو على صوت القانون .
المطلوب اليوم ان يقف الجميع ضد ساسة الفشل الدائم في بناء السلم الاهلي في العراق الجديد ، ويؤكدون بان الدماء لا تذهب سدى ما دامت دماء طاهرة ، ودمك لا يمكن ان يغتفر الا امام القانون .