أكاد أكون واثقاً 100% أن نوري كامل المالكي هو رئيس وزراء العراق للدورة البرلمانية 2014 – 2018.
إصطدم المسار الديمقراطي في العراق في الدورة السابقة حتى الآن بعرقلة أربعة جهات أو كيانات يقودها الأشخاص التالية أسماؤهم: اسامة النجيفي زعيم إئتلاف “متحدون من أجل الإصلاح” ، ومسعود برزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ومقتدى الصدر الذي يطرح نفسه كرجل دين “مجتهد” لا علاقة له بأية كتلة ككتلة “الأحرار” مثلاً!!!، وعمار الحكيم زعيم المجلس الإسلامي الأعلى.
كل هؤلاء، مضافاً إليهم أياد علاوي وعادل عبد المهدي وأحمد الجلبي، يريدون إقامة “ديمقراطية العوائل”.
إتفق هؤلاء على أمر واحد فقط وهو إسقاط المالكي لأنه قريب من الجماهير الفقيرة ويضع مصلحة العراق فوق الجميع لا أكثر ولا أقل.
المؤشرات تشير إلى أن تخطيطاً قد جرى الإتفاق عليه وفق الخطوط التالية:
يعلن البرزاني والنجيفي وأخرون أنهم بإنتظار تقديم مرشح التحالف الوطني لرئاسة الوزارة لدعمه دون الإشارة إلى رفض المالكي، وذلك لتخدير نواب التحالف الوطني من غير نواب إئتلاف دولة القانون. يقوم مقتدى وعمار من جانبهما داخل التحالف الوطني بمنع ترشيح المالكي.
غير أن مقتدى وعمار فشلا في منع المالكي لأن إئتلاف دولة القانون يمتلك 95 صوتاً. لذا عاد البرزاني والنجيفي وغيرهما إلى الضجيج ورسم الخطوط الحمر حتى كفخهما السيد جو بايدن.
لقد حسم السيد علي السيستاني مسألة الرئاسات جزئياً بالدعوة للجهاد الكفائي ففهم مقتدى وعمار منه رسالة مفادها بأن التهديد بإبادة ثلثي الشعب العراقي لا يدع مجالاً لهما لبناء صرح العوائل خاصة وأن هناك منها من تورط بجهد الإبادة مع داعش.
وأكمل الجزء الثاني بعده نائب الرئيس الأمريكي، السيد جو بايدن، بكفخة للرئيس مسعود برزاني وقطعة حلوى للرئيس المخرب الفاشل المهزوم السابق لمجلس النواب أسامة النجيفي.
قرأتُ بين ثنايا كلمات السيد بايدن الدبلوماسية الحلوة الرقيقة الصالحة للنشر على مسامع الناس في مكالمته الهاتفية مع مسعود برزاني وأسامة النجيفي يوم 13/7/2014 ما يلي: تخطيطنا فشل. نريد العملية السياسية أن تستمر. ليس الوقت وقتكم لمزيد من التشرط والتخريب. أعداؤنا وأعداؤكم إنتصروا. تنبَّهَ السيستاني والمالكي والجعفري للمخطط وأبعاده. أوقفوا مناكفاتكم وساعدوا على تشكيل الحكومة.
ولتطييب خاطر “حليفيه” وربما لحثهما على مواصلة التخريب لاحقاً، نبههما إلى امكانية دراسة المطالب في الحكومة بعد تشكيلها. وأشاد بخطوة النجيفي بالإنسحاب من السباق لرئاسة مجلس النواب.
في ضوء تهديدات مسعود بإحتلال الأراضي والنفط وتصديره دون موافقة الحكومة المركزية والإنفصال والإستفتاءات يسرة ويمنة، جاء كلام بايدن بمثابة كفخة للرئيس مسعود أعادته إلى صوابه فخرج علينا اليوم 15/7/2014 من أنقرة بتصريح خالٍ من غطرسته المعهودة التي، بتقديري، يمقتها الكرد قبل غيرهم. خرج بتصريح يقول سنشارك في العملية السياسية وتشكيل الحكومة.
وفي ضوء تهديدات أسامة النجيفي بإثارة حرب أهلية إذا رُشح المالكي (وكأنه لم يحاول إثارة حرب أهلية مرات ومرات وفشل لأن العراقيين وطنيون شرفاء فخذلوه) وفي ضوء تهديده بالعودة عن إنسحابه والوقوف ثانية بوجه سليم الجبوري متكئاً على تأجيج المشاعر الطائفية لدى زملاءه الطغمويين*، فقد جاءت إشادة نائب الرئيس بايدن بإنسحاب النجيفي بمثابة القول: إياك والعودة عن قرار الإنسحاب ودع سليم يذهب إلى مجلس النواب غير مقيد بشرط الإستقالة من رئاسة المجلس إذا رشح الإئتلاف الوطني الرئيس نوري المالكي لولاية ثالثة، وإلا فإن المالكي مصمم على اللجوء إلى الأغلبية التي بين يديه و”يزبلك” أنت ومسعود لأنكما لا تمثلان كل السنة ولا كل الكرد وكلاكما خارجان على الدستور وستفقدان قدرة التأثير اللاحق.
لذا فالإشادة بالنجيفي هي بمثابة قطعة حلوى للطفل المدلل مقابل الإمتثال للأوامر.
لكن هناك أمر أخر وجَّه لطمة أخرى للنجيفي وهو موقف كثير من النواب وخاصة نواب ديالى وصلاح الدين وكركوك والأنبار للسببين التاليين:
أولاً: إن معظم هؤلاء النواب أصبحوا وجهاً لوجه أمام قوات السيد مسعود البرزاني في مناطق من ديالى وصلاح الدين وكركوك وهي مزودة بتعليماته “العراق ما بعد 10/6/2014 يختلف عن عراق ما قبله” وغيرها من التعليمات ذات القصد المفهوم الذي يثير أي مواطن عراقي تعز عليه وحدة العراق ودستوره.
ثانياً: أصبح واضحاً للجماهير ولهؤلاء النواب بأن التطورات الأخيرة في العراق وخاصة التآمر الذي أسقط الموصل بيد داعش، هو جزء من تحرك أوسع يقصد منه تقسيم وتفتيت العراق وفق المخطط الإسرائيلي. أعتقد أن هذا الأمر يشكل خطاً أحمر بالنسبة للعراقيين عموماً ولجماهير المحافظات الغربية والموصل وكركوك خصوصاً.
قلتُ مراراً وأكرر إن أمريكا لا تريد “العنتكة” الواضحة من جانب الطغمويين والعنصريين لأن ذلك يستفز الجماهير الديمقراطية الواسعة وقد يدفع بإتجاه تحالف عراقي إيراني مقاوم، وجنوب العراق يضم 81% من نفطه وهذه مصيبة كبرى لأمريكا وإسرائيل.
واقع الحال يقول إن السيد علي السيستاني الذي لعب دور المؤلِّف بين قلوب جميع العراقيين قد أجابه الطغمويون “النجباء جداً” بتقديم داعش إليه لتقول له “سنأتي إلى كربلاء والنجف لنبيد عبدة الحجر والبشر” فقرأ الرجل، بتقديري، في قولهم أمرين:
أولاً: أنهم كانوا عاقدين العزم على إطاحة النظام الديمقراطي على يد داعش لإحداث حملة إبادة جماعية للشيعة مرفوقة بحملة نزوح جماعي لهم إلى خارج العراق وإحلال غرباء بدلهم لتغيير ديموغرافيا العراق وتحويل الشيعة إلى أقلية.
ثانياً: لا يمكن أن تُقدم داعش على جريمة بهذا الوسع ما لم تكن طبقات رعاتها حتى أعلى مستوى وهي دول في المنطقة وخارجها، موافقة على هذا المخطط الرهيب.
لذا فعل السيد أمرين طبيعيين:
أولاً: دعوة كل العراقيين للجهاد الكفائي لأن ثلثي الشعب مهدد بالإبادة على يد مخطط عالمي، وواجب كل شريف درء ذلك.
ثانياً: إنه لأمر متوقع أن يدعو السيد السيستاني أطراف التحالف الوطني إلى أن يحافظوا على وحدتهم وضم الشرفاء إلى جانبهم من جميع المكونات للدفاع عن الجماهير المهددة بالفناء وليس العكس أي لايذهبون إلى الشريرين؛ وهذا هو المقصود، بتقديري، بالمقبولية الواسعة للحكومة القادمة.
حكام تركيا والسعودية وقطر هبط رصيدهم لدى أمريكا وهم معتَمَدوها في مجال إدارة الإرهاب في سوريا والعراق، بعد فشل مخطط الإبادة الواسع، لذا ضغطوا على “حلفائهم” داخل العراق بالإتجاه الذي أرادته أمريكا وكرره السيد بايدن كما ذكرتُ سلفاً إنتظاراً لتخطيط جديد وجولة جديدة في وقت ما.
أما إيران، صديقة العراق الحقيقية، فقد دفعت بإتجاه عدم التفريط بوحدة التحالف الوطني خوفاً على الشعب العراقي وعلى نفسها من الإرهابيين وذراعهم السياسي داخل العراق ومن يدفعه من الخارج لإفتعال حرب عليها لتدمير منشآتها النووية ومواصلة المساهمة في تدمير الدولة والجيش العربي السوري وتصفية القضية الفلسطينية.
أعتقد أن هذا الموقف الإيراني من شأنه أن يحد من إندفاع مقتدى وعمار وراء أوهامهما ومفهومهما الخاص الخاطئ عن “المقبولية الوطنية الواسعة”. كيف تكسب مقبولية من يصر على الإصطدام بك إذا كنتَ ملتزماً بالدستور؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181