ذكريات لا تُنسى، تلك الصباحات المشرقة للأعياد الملونة بألوان السرور والبهجة، رغم الفقر المُدقع الملتصق بأجساد” المكًاريد” من العراقيين، صغاراً يتواثبون الى اللعب، وكباراً يتبادلون الزيارات لغرض المعايدة، ونساء تصنع الحلوى”الكليجة” أنها تقاليد ربما لا تتوفر في بلدٍ أخر، لما فيها الإنسانية، والُرقي المجتمعي، فالإبتسامة ترافق العراقيين في أعيادهم، حتى وإن بكت قلوبهم.
ودعنا عيد فطر2014، ولازلنا بحياة النكبات، نُعايد بعضنا البعض، ونشافي جِراحاتنا بِجرح؛ فلا جديد يطرأ على الواقع المرير بعد الغرق في قاع الموت، حتى وإن نجونا؛ فهناك زعيق ودم، وأجزاء وطن مغتصبة، ودكتاتورية ملتصقة بجلباب السلطة، ومراقد أنبياء تُفجر، وأضرحة مقدسة تُهدم، وتراث حضاري إنقرض بفعلِ برابرة العصر، وشعبٌ حائر.
مضى من الوقت الكثير، ولازالت الموصل تعاني وطأت داعش، يقابله سُبات حكومي عميق جراء ما يحصل في هذه المدينة التي إنعدمت فيها الحياة في ليلةً وضحاها، ورجع بها حيف الزمان إلى عصر الخلافة، ولربما ترجع الى مرحلة العصور البدائية!
قد تُطرح تساؤلات؛ كيف يمكن أن يعيش سكان نينوى في زمانٍ ليس بِزمانهم، وكل شيء خاضع للإستأذان، والقبول؛ فالحريات مُكبلة بالقيود، والكل يجب أن يعلن البيعة للخليفة الجديد، وألأ سيُقطع رأس من يرفض دون أن يرف له جفن، وكأن البرابرة عادوا من جديد، لِيغتصبوا بلاد الرافدين، ويقطعوا الرؤوس، ويسلبوا المقدرات، ويطبقوا قوانيين شنيعة بحق العراقيين.
لسخرية القدر، أن يحُسد النازحون من الموصل، لأنهم فروا من عتمة المدينة، وقوانين الخليفة، وأن يعيشوا بين أسلاك مخيم” خازر” أهون عليهم من العيش تحت نظام داعش، والحياة البائسة بين وحوش بربرية كاسرة، تنهش بأجسادهم. أما ممتلكاتهم؛ فهي لا شي أمام رقابهم، وحرياتهم في العيش؛ لذا فأنكم محظوظين أيها النازحون..!
قد نستغرب من أحدى القنوات الحكومية، برفعها شعار” النازحون مسؤوليتنا” فهل المسؤولية جاءت بعد النزوح، أو بعد أن مكث الدواعش في المدينة وإغتصبوها، أم بعد إعلان الخلافة، والكل يجب أن يخضع للبيعة، أين هي مسؤولية الحكومة ياترى؟!
ما دام هنالك نعاس حكومي جراء ما يحصل من مهزلة تأريخة ، فيمكن القول أن الدواعش كل أيامهم أعيادٍ، ومسرات..!