18 ديسمبر، 2024 10:11 م

كض اخوك لا يأسس حزب

كض اخوك لا يأسس حزب

اصل هذه العبارة ( كض اخوك لايطيح ، وهي ما تعودعلى ترديده جندي الاحتياط فالح هويدي من اهالي مدينة الثورة والذي تمت دعوته لخدمة الاحتياط وكان ينادي بهذه العبارة صوب الجنود وهم يتسلقون راقم الجبل حاملين جلكانات الماء والارزاق وصناديق العتاد الخفيف حيث اختار ان يكون دوما في الخلف يراقب الصعود الصعب للجنود ويوجههم بمقولته عندما يرى تعب احدهم او ميلانه محذرا الذي يسير جنبه من خلال مناداته بعبارة : كض اخوك لايطيح ) .

كعادة العراقيين عندما تحدث ازمة بمادة معينة سواء ان كانت مادة غذائية كما حصل في تسعينيات القرن المنصرم ايام الحصار الجائر تحول اصحاب المهن المختلفة ( حلاق ، فيترجي ، بائع سيارات ، بزاز ، انشائية ) ( مع تقديري واحترامي لهذه المهن ) الى تجار للمواد الغذائية ، وفي جائحة كورونا التي اجتاحت العالم تحول التجار الى استيراد المستلزمات الطبية والفيتامينات المتنوعة ، هذه حالة عامة تحدث في كثير من البلدان ، بالرغم من تأثيرها السلبي على اصحاب الاختصاص الا انهم يساهمون بتوفير السلع وكذلك يساهمون بكسر الاحتكار بشكل عفوي و بانخفاض سعرها ونقولها باللغة العامية ( يطيحون حظها ) .

في الاونة الاخيرة واقصد في الاشهر التي تلت انتفاضة تشرين الباسلة صار أقبال كبير على تشكيل احزاب جديدة وبعناوين تشرينية او اكتوبرية ، بعد انتفاضة تشرين وبعد رفع شعار ( لا للاحزاب ) من قبل الشباب المنتفض ، الان بعض منهم يحاول تأسيس احزاب وهي عملية جارية على قدم وساق وكأنها أزمة احزاب لكي تعالج الجائحة العراقية التي سببت الفساد والبطالة ، ولكنها بحاجة لرأس المال مثلها مثل اي مهنة تحتاج لمال ، لان تأسيس حزب ودخول الانتخابات يحتاجان للمال .

في البداية يجب ان نحترم رغبات الشباب الطامحة للقيادة وهذا حق مشروع ، ولكن هل سوف يأتون بشيء جديد ، هل اكتشفوا نظرية أقتصادية جديدة هل أبتكروا طريقة جديدة اخرى لمعالجة التردي ؟

في الساحة العديد من الاحزاب ، اسلاموية ، قومية ، يسارية ، ليبرالية ، يمينة ، يسار متطرف ، يمين متطرف ، ليبرالية متوحشة ، كل انواع الاحزاب موجودة بسوق العراق السياسي ماعليه الا ان يختار ، والاختيار سهل ماعليه الا ان يصطف ، نعم عليه الاصطفاف ثم عليه ان يستدير الى اليمين او الى اليسار وربما يسير قدما الى الامام .
في خمسينيات القرن الماضي كانت الاحزاب معدودة ،السيد محمد باقر الصدر ( الدعوة ) ، فهد ( الحزب الشيوعي ) ، فؤاد الركابي ( حزب البعث ) ، كامل الجادرجي ( الحزب الوطني الديمقراطي ) ، وعملية الانتماء سهلة ولذلك كانت الرؤية واضحة والاصطفاف واضح ، كلٌ يعرف مشربه .
بعد كل ماحدث على مدى اكثر من نصف قرن قد تبين لكم الان الخيط الابيض من الخيط الاسود ، لقد تبين لكم من هو المسؤول عن الحروب العبثية والقبور الجماعية ومن هو المسؤول عن الازمات العنقودية التي عصفت في البلاد ومن هو مسؤول عن الفساد والبطالة وسرقة المال العام ومن هو المسؤول عن الفشل والذبح على الهوية .
ايها الشباب عليكم ان تختاروا بدلاً من ان تحتاروا ، لستم بحاجة لتأسيس أحزاب بل انتم بحاجة للاصطفاف مع من تشتركون بالافكار والرؤى لكي لاتتشتتون ولكي لاتربكون الناخب اكثر مما هو مرتبك الان ، انتم بحاجة لركائز لتبنوا العراق فأختاروا ركائزكم جيدا .