يوم امس الأول , كنتُ اتناول الغداء على متنِ سفينةٍ سياحيةٍ تركية , وهي تجوب مضيق البوسفور في جولةٍ نهارية .كانت صالة المطعم في تلك السفينة شبه ملآى بجنسياتٍ مختلفة من عالم الغرب والشرق وما بينهما ! وكانت اللغات واللهجات المتداولة للركاب تتداخل في ايقاعٍ غير متناسقٍ , عازفةً سمفونية التشويش بأبهى صوره .!
من باب الفضول الصحفي ” وربما غير الصحفي ايضاً ! ” , كانت عيناي تتأمل وترصد وتتفحص وجوه جميع الجالسين ومن كل الإتجاهات والزوايا . في احدى الطاولات كانت تجلس امرأةٌ مع زوجها وهي مُنقّبة و ” باليونيفورم – الزي ” الأسود الكامل , ولا يظهر منها ايّ ملليمترٍ مربع سوى نظارات طبية صغيرة الحجم , لكن اللحظة شبه الستراتيجية لي , هي اني اشهد بأنّي لم اشاهد مثل ذلك المشهد من قبل ! ولتوصيفٍ دقيقٍ للحدث ” خارج الأطر الصحفية ” فكانت السيدة المنقّبة ترفعُ نقابها الى قربِ أنفها وتُدخِل ملعقة الطعام في فمها , وتُتزل النقاب ثانيةً وتعاود رفعهُ وإنزاله في كلِّ لقمة .!!!
صباح اليوم وعند تناولي الفطور في صالة المطعم في فندق ” كراند اوزتانيك ” في اسطنبول , لاحظتُ وجود ثلاث فتياتٍ او سيّداتٍ منقبّاتٍ ايضا وهنَّ يتناولن الفطور , مّما ذكّرني بما شهدته في ذلك المشهد , مّما حفّزني ورفع من درجات فضولي الصحفي لمراقبة حركة وكيفية إدخال وإيلاج الطعام في افواهِ تلكنّ المنقّباتِ الثلاث , إنتبهتُ اولاً أنّ نقابهنّ اكثر طولاً من تلك السيدة الأولى في السفينة , لكنّ العرضَ اختلف في هذه المرّة .! فما أنْ بدأنَ بالشروع في تناول الفطور , فلم ترفع ايّ واحدةٍ منهنّ نقابها لإدخال شوكة او ملعقة الطعام في فمها , بل كانوا يقومون بأدخالِ كلّ ” لقمةٍ ” من تحت النقاب ويرفعوها الى افواههنَّ , ويعاودنَ الكرّه في كلِّ مرّه .!
وعن هذه المسخرة , التي اراها لأولِ مرّه , كنتُ اتبادل اطراف الحديث في الهاتف مع أحد الأصدقاء من الصحفيين العرب , ورويتُ له ما شاهدته عن السيدات المنقّبات ! , لكنّ زميلي فاجأني عن سبب دهشتي واستغرابي مما شاهدت ! , وذكرَ لي انها حالةٌ اعتيادية وطبيعية منذ سنينٍ طوال لدى المنقبات في معظم دول الخليج العربي .! وفعلاً خجلتُ من نفسي لجهلي عن هذه المعلومة السخيفة , بالرغم من اكثر من زيارةٍ سابقةٍ لي لدولتين خليجيتين , لكني لم الحظ ذلك حينها .وهنا , لا انتقص من التزام الفتيات والسيدات اللواتي رأيتهنَّ , لكنّي ايضاً لا اجد ايّة دواعٍ للتعليق الذي لا يتطلّبُ ايَّ تعليقٍ عن مثل هذه الظواهر المتخلفة بين النقاب وتناول الطعام ” على الأقلّ ” .!!!