بعدَ بَحثٍ طويلٍ بَينَ الأزقةِ والطُرقات، والسُعال لا يفارقُ صدريَّ المُلتهب، أبحثُ عمَنْ يَقطعُ ضرباتهِ المتواصلةِ على أضلاعي، التي تَكادُ أن تَفتكُ بها، بإنفجارٍ هائلٍ للرئة؛ لَمْ أجد ضالتي، بالرغمِ مِنْ كوني كُنت سأُعطي كثيراً مما أملك، من أجل الحصول على شريطٍ مِنْ حبوب(سيدار).
حبوب(سيدار) لا يتجاوز سعر الشريط منها النصف دولار، وهي من إنتاج معمل أدوية سامراء، ولكن مفعولها عظيم، كما جربتهُ، حينما تنتابني موجه من السعال، إثر إلتهاب القصبات، فما هو سر إختفائها من الصيدليات؟ هذا ما بدأت أبحثُ عنهُ بعد أن فقدتُ الأمل بالعثور عليها.
جلست لأستريح في إحدى الصيدليات، كون صاحبها من الأصدقاء، وسألتهُ عن سبب إختفاء هذه الحبوب، فأجاب: إن مدمني المخدرات لم يبقوا لنا شيئاً، فهم يقرأون النشرة الدوائية لكل دواء، فإذا وجدوا أن هناك نسبة من المخدرات فيه، أي المهدئات، بدأوا بإستخدامه على الفور، وكل حسب الكمية التي يستطيع إستخدامها، بعد ذلك تصل المعلومات إلى وزارة الصحة، فتمنع تجهيزه للصيدليات.
يروي لي صديقي الصيدلاني، ويقول: ذات مرة حضرت عندي إمرأة جميلة جداً، وتوسلت أن أبيعها دواء السعال(توسيرام)، وبعد أن إمتنعتُ عن إعطائها الدواء، إلا بوصفة طبيب، قالت: أتذكر الرجل الذي حضر عندك قبل قليل؟ فقلتُ: مَنْ؟ قالت: الذي طلب منك هذا الدواء ورفضت أن تبيعه؟ قلت: بلى، ما به؟ قالت: هو زوجي، عاد من عندك غاضباً، وكسَّر أثاث البيت، ثم قال: إذهبي للصيدلاني وأعطيه ما يريد وأجلبي لي الدواء، وها أنا ذا أتوسل إليك وأقول لك خُذ ما تريد حتى جسدي وأعطني قناني الدواء؛ ولكي أتخلص منها، أخبرتها أني لا أملك الدواء أصلاً فأنصرفت!
إلى هذا الحد وصل بالمدمنين الحال، بل وأسوء من ذلك! أفتهلكونا بما فعل المدمنون؟!
ما ذنبنا نحن المرضى يا وزارة الصحة؟! أنموت ونتألم بسبب هؤلاء الحثالات؟!
كنتُ كتبتُ فيما مضى مقالاً تحت عنوان ” الظواهر الإجتماعية والتقنين” وحاولتُ من خلالهِ عرض المشكلة والحل، لأن من غير الممكن أن يتذى الصالحون بما فعل المفسدون.
بقي شئ…
إن أثر فتك المخدرات في المجتمع العراقي اليوم، أشدُ من فتك التفجيرات، وعلى الدولة أن تنظر بعين الجد لما أقول.