22 ديسمبر، 2024 9:42 م

كسر جمود المرأة الإيرانية

كسر جمود المرأة الإيرانية

“أخشى من اليوم الذي يصبح فيه سرقة بيت المال والفقر والبؤس أمرا عاديا والقضية الحساسة في المجتمع تصبح شعرتين سوداوتين من شعر المرأة تحت الوشاح أوخارجه” الفقيد آية الله سيد محمود طالقاني.
هذه المقولة المشهورة والمعروفة والمعبرة جدا هي لآية الله سيد محمود طالقاني رجل دين إيراني شعبي ومحبوب وعظيم حيث قالها في أول صلاة الجمعة بعد اليوم العالمي للنساء موجها كلامه للضغوط والعنف الموجه ضد النساء الإيرانيات وأدرجت هذه المقولة أيضا في 12 مارس 1979 في صحيفة اطلاعات.
لقد أصبح لإثبات ذاك الكلام دليلًا واضحًا ومعبرًا جدا الآن في المجتمع الإيراني الملتهب وذلك لأن الفقر والفساد والبطالة تتوسع يوما بعد يوم. لكن الحكومة العاجزة تعتبر أن المشكلة الرئيسية هي الحجاب الإجباري، ونوع غطاء الرأس، والحرمان الوظيفي، وذلك بلهجة متطرفة متخلفة.
بالطبع هذا الأمر ليس غريبا أو جديدا بالنسبة للشعب والمقاومة الإيرانية بل منذ الأعوام الأولى بعد الثورة ظهرت بوادر الحكومة الرجعية المعادية للنساء بسرعة وأصبحت تتعرى هذه الملامح يوما بعد يوم أيضا.
لقد قام النظام المتخلف المعادي للنساء الحاكم في إيران بحماية حكمه من خلال قاعدتين أساسيتين: القمع في الداخل وتصدير الإرهاب والتطرف لخارج الحدود. في القمع الداخلي، لعب قمع النساء دوراً رئيسياً على الدوام بحجة الحجاب منذ البداية. لكن بسب عدم استسلام النساء الإيرانيات لهذه الضغوطات وعمليات الفرض وثباتهن من أجل حق انتخاب اللباس تحولت هذه القضية الآن بالنسبة للنظام لقضية سياسبة وأمنية تحت عنوان «عفاف وحجاب» النساء.
من الجدير بالذكر ان النظام الديني في قانونه الجنائي في ملاحظة المادة ٦٣٨ الكتاب الخامس من التعزيرات قد تطرق لقضية عدم رعاية الحجاب الشرعي. وفقا لمحتوى هذه المادة فان موضوع عدم مراعاة الحجاب الشرعي يعتبر جريمة معروفة ويحبس مخالفها مدة تتراوح بين العشرة أيام حتى الشهرين أو تجبر النساء على دفع عقوبة مالية ثقيلة. وعلى هذا النحو بادر النظام لأشد أنواع القمع ضد النساء في كل مكان يستطيعه في جميع القوانين واللوائح والخطط التي أقرها. لقد تحولت النساء في المجتمع الإيراني الحالي إلى الموضوع الرئيسي للقمع. بالطبع هذه السياسة الواضحة ليست محصورة في الفترة الأخيرة. فنظام ولاية الفقيه يعتبر نفسه حارس لتقاليد وقوانين المجتمع الذكوري. فالمجتمع الذكوري يبدي ردة فعل محافظة وسلسلة صعوبات قاسية في وجه التطورات الحديثة وفي وجه معرفة النساء لحقوقهن.
سبب سلسلة الصعوبات هذه ليست قلة المعرفة أو الوعي أيضا. هنا تكمن مصالح تاريخية دائمة. حكام النظام أي حراس النظام الذكوري قد تداوموا على عمل سلسلة الصعوبات الذكورية هذه بشكل دقيق. ومن هنا اعتمد النظام الديني في سياسة القمع خاصة ضد النساء على قسم من المجتمع الذكوري تحت عنوان حلفاء له ومن هنا خلال استمرار القمع يرى النظام خطر التمرد العام بمستوى أدنى وعلى هذا النحو كان أحد أهداف النظام هو ايجاد فجوة بين المجتمع الانثوي والمجتمع الذكوري. لكن الحقيقة هي أن نظرة الحكام الى النساء بهذا القدر من التخلف واسلوبهم وسلوكهم في هذا الأمر بهذا القدر من التردي والإهمال كانت مثار إدانة أغلب الرجال وقاموا بالمقاومة في وجهها. لأنهم يعيشون أيضا في العالم المتحضر.
لقد ثبتت هذه الحقيقة لجميع أبناء الشعب والمجتمع الإيراني في النهاية بأن حكومة ولاية الفقيه سعت بشكل حثيث ليتمتع نساء ورجال إيران بنفس الحقوق المتساوية والمتماثلة في السجن والتعذيب والاعدام واطلاق الرصاص والحرمان و عواقب معارضة النظام. لكن خلال هذا السعي – وفقا لفتوى وحكم وقضاء وايدئولوجية ولاية الفقيه – كان نصيب النساء أكثر بكثير من الرجال .
مطالب اسقاط هذا النظام اليوم هي أكثر المطالب الديمقراطية للشعب الإيراني وأي شخص لأي سبب من الأسباب أو التوجهات أو المقاصد يروج للنظرية القائلة بأن حصول النساء على حقوقهن المشروعة وتعزيزها في المجتمع الإيراني الذي يرزخ تحت الديكتاتورية بدون رحيل واسقاط النظام الحاكم هو أمر ممكن ماهو إلا شخص يذر الرماد في العيون. نحن يجب علينا أن نناضل بكل قوتنا من أجل فضح القوانين المتخلفة والمعادية للنساء التي تتبعها ولاية الفقيه ولكن يجب صراحة أن نقول أنه من أجل الوصول للمساواة بين المرأة والرجل في القانون يجب أن نسعى أولا نحو رفض دكتاتورية ولاية الفقيه واستئصال جميع جذور هذا النظام من المجتمع .
اليوم الذي تحطم فيه النساء الإيرانيات معقل التطرف والتخلف في إيران وتنتشر الحرية والمساواة في جميع أنحاء العالم. لذلك فإن أكبر مشروع للمدافعين عن حقوق النساء في هذه الفترة هو دعم انتفاضة الشعب الإيراني ضد التخلف والتطرف الحاكم. كل نشاط للدفاع عن النساء المعتقلات، وكل مسعى لفضح تعذيب السجناء وكل عمل يجعل الحكومات تقطع علاقاتها مع هذا النظام سيكون ذو أثر كبير جدا في المستقبل.
إن تبلور هذه الحرية والتحول يكمن في النساء المجاهدات، وفي أعقابهم النساء الثائرات في شوارع إيران، الذي يظهر مع الإرادة العظيمة تبلور المقاومة والصورة الحقيقية للمرأة الإيرانية.