23 ديسمبر، 2024 3:34 م

كريم جخيور بين مخاوف الكتابة و حواجز الصور الشعرية

كريم جخيور بين مخاوف الكتابة و حواجز الصور الشعرية

( المخيلة تعاود مرورها الصعب )
قراءة في مجموعة ( ربما يحدق الجميع )
كتابة القصيدة في عوالم مجموعة ( ربما يحدق الجميع ) للشاعر الصديق كريم جخيور ، تتبادل من خلالها المقاصد و الافعال و حركية مسارات الدوال ، بغية ايجاد نوعا ما من خاصيات مؤشرات المعنى التسويقي في الواقعة الكلامية ، المنصوصة في حالات التشكيل الخطابي في القصيدة ، و القارىء لقصائد هذه المجموعة الشعرية ، لربما سوف يلاحظ مدى تطورات علامات الموضوعة و خصوصيات النقل التوصيفي ، المنضود في مستوى معاينات المتكلم في علامات سؤال الاستجابة المقصدية المنعكسة في حدود خلجات المواضعة التأويلية و التأثيرية في صوت و قناع النص الشعري .. ان معيارية التعقل الشاعري و التمريري في افعال قصيدة مجموعة كريم جخيور الجديدة ، ربما تقودنا نحو أفعال و دوال و مداليل و مؤشرات ، يمكننا تسميتها في حدود منطقة ( الايماءة / القصد / العلامة / التصريف ) و بالتالي يمكننا أيضا مشاهدتها ، و هي منفصلة الاحتمال التفعيلي في فضاء أوليات الوجه التحكمي ما بين واقعة ( شيء ما ) أو من خلال واقعة مغزى خارجيا دالا ، يكون قابلا و معرفا ، لأحتواء أمكان فعل تصوري ما ، أو بعبارة أدق ، أقول ان

وسائلية و عاملية صورة هذه القصيدة ، تتطلب من الشاعر نفسه ، أبحاث خاصة في نواة الدرك الاسفل من اللغة المقاربة لمجريات المادة الدلالية المحملة بفيوضات هيئة محاورات الرؤى الواصفة في منطقة داخلية النص الكثيفة و المتشعبة .. من هنا سوف ندخل عوالم قصيدة ( ربما يحدق الجميع ) حيث القصيدة نجدها متشكلة ، قاب مركزين من ثنائية

( قناع / رسالة شفرة ) . مما يجعل فعل القراءة و التلقي لتلك القصائد ، أكثر تعقيدا و أكثر انكشافا في أماكن متفرقة :

ليس لنا ما نعشقه

فأفرش قلبك للعزاء

غربان كثيفة

تسفح على أفئدة المدن

ما يكفي من السواد

و الوطاويط تسد منافذ الشمس

و تشرب المطر.ص10

من هنا لعلنا سوف نفهم الآن ، ما يحاول الوصول أليه الشاعر من قبل عنونة المركز ( ربما يحدق الجميع ) كذلك أيضا سوف نفهم من جهة أخرى صلة الدلالة المؤولة ، و هي تسير خطوات نحو ، ما يدلل بأن هناك ( ظاهر / فعل / أثبات / عنصر / صوت / شرود ) وهذا بدوره ما يحدث في جملة النص الأولى ( ليس لنا ما نعشقه ) حيث تدفعنا نحو فسحة أضافية من دال جملة ( ليس لنا ) لتنطلق بنا نحو المغزى الاساس الذي هو فاصل احتمالي ( ربما ) فنحن هنا نفترض مشروعا تخارجيا في رسم و تصور شرط وجوب واقعة العلامة الداخلية ( صوت / عنصر ) لكن جدل المغزى بعبارة

( ما نعشقه ) راح يصور لنا ثمة احالة تنقل صورة كوننا

( نراقب / نحدق / نتربص ) في مهيمنات المطابقة المتمثلة بموقف دال ( فأفرش ) لتتجسد لنا بهذا الأمر ، لحمة كيانية الواقعة المندرجة في خارج وظيفة و صفة ( ليس لنا + ما نعشقه = قلبك = ما يكفي من السواد = ترابط = تعالق ) . و لكن بهذه الترسيمة وحدها ، سيظل الادراك القرائي بحاجة الى معرفة العلامات و الصور و الفائض الاختزالي ، الناتج من الافعال و حضورية هوية المقصود ، و بمثل طبيعة هذا الحضور في تجربة برهان الموضع الدلالي في النص ، سوف نعرض وحدة الاندماج الكلي في النص ، حيث سوف نوضحها في هذه الترسيمة ( التركيب / النقل / القول ) لنحاول من خلالها بث امكان التواصل مع الآخر المحض من طرف دال زمن اقامة الدليل العضوي ( غربان كثيفة / ليس لنا / افئدة المدن / ما يكفي / للعزاء / منافذ الشمس ) ان التمييز العام بين هذه الجمل الفعلية ، قد نفترضها تواصلا في هذا الحيز السريع من زمن الخطاطة ، كما حاولنا سابقا في مواضع دوال أخرى : و لكن يا ترى ؟ هل سوف يمكننا استمالية دال لغة خارجية مثل ( غربان / أفئدة ) داخل مجريات دليل ذات تواصل فعلي ما بين ( ليس لنا ) و بين

( تشرب المطر ) و بين ( الوطاويط ) و بين ( منافذ الشمس )

ان البدء في عملية انشاء محددات أعادة التأويل ، بين هذه المنطقة من القول ، و تلك الأخرى من تجربة الدال ، قد تقودنا الى نوع من ( المتأمل الوهمي ) و الى نوع خاص من سريالية الفهم و المعنى ، لاسيما أننا في بادىء الأمر لاحظنا بأن بدايات القصيدة ، عبارة عن أطلاق محايد في جهة العلامة و الحضور المحدد .. إذن سوف نحاول فهم المقاطع

بهذا الصدد ، من كيفية لعبة مقومات وجود صورة تماهي معنى قصدي متماثل في دلالة المعنى العام لمدلول خطاب

( ليس لنا / ربما يحدق / ما نعشقه / ما يكفي من السواد ) .

ان الدال المركزي و المقصود به هنا هو ( الجميع ) بدليل ان جميع الاشكال المقطعية باتت متصلة به ، و دون أدنى افتراق في انجازية دال المركز الآخر ( يحدق ) ، و بهذا يمكننا القول ، بأن خطاطة حركة ( ما نعشقه ) ما هي ألا اعتمادا مناصفا لدليل الفعل المركزي العام ( الجميع / غربان / منافذ / الشمس ) و تبعا لهذا صرنا نستدرك وجود الحركية المقامية الاولى في النص مع موقف و دور ممارسة جملة ( تشرب المطر ) لأن جميع ملكات المركز بهذا الشأن ، أضحت تابعة لنواة مؤشر ( الجميع / يحدق ) حيث ليست مجرد توليدا ذاكريا ، بل هي ملكة انقطاع و تحول ، لذا سرعان ما ندرك ، حجم هوية الموضوعة و هي في دائرة الفعل الاستحضاري الأول ، الناتج من مفعول توالدي داخل النص .. فأذن الاحالة الموقعية أضحت لنا بهذا الشكل ، عبارة عن صوت و زمان و عنونة و مساحة ، حيث راحت تقودنا نحو علامات أشارية و قولية و ضمائرية و فعلية و أسمية ، لأهداف و مقاصد حفظ حدود جنس العلامة الحاملة لدلالات

( المكانية التوسطية / تواصل احتمالي / أقناع لا مرئي ) كما الشأن يبدو واضحا في هذه الخطاطة المرسومة اضطرارا

( ربما = مقصد / يحدق = ظهور / الجميع = عنصر ) و من خلال هذه المجموعة من جملة التسلسل الاحداثي في القصيدة تبرز لدينا معاينات وظيفة العلاقة التبادلية بين عناصر النص ، مع وضع ظاهرية علاقة ( اخفاء + تضاد تحتي ) و أخيرا سوف تتبين للقارىء ، مساحة التقاطع الداخلي في لغة و رموز احالة الانتماء العضوي و الاستبدالي في خطاب

القصيدة ، الذي يجعل من لغة الخطاب ، كلاما مقصودا في بنية البداية و عتبة سياق الجاذبية الختامية في بنية القصيدة العامة .

( الدلالة معنى لأمكانية قولية جاذبة )

في ضوء منطق ( جاك دريدا ) النقدي و آلياته المنهجية ، قد لا يتسنى لنا أدراك دلالة الليل مجردة ، و أنما هي مقترنة بدلالة النهار . و في ضوء قراءتنا لمجموعة ( ربما يحدق الجميع ) نلاحظ بأن ليس هناك في مركبات النص القولية لدى الشاعر جخيور ، ما هو مشكل لمعنى واحد و محدد في عالم الدلالة التأويلية الشعرية ، بل أننا وجدنا الدلالة الشعرية في قصائد المجموعة ، عبارة عن سلسلة أمكانيات قولية متعددة في حلقات لغة النص نفسه .. إذن كيف لنا ان نفترض طبيعة السياق الدلالي في نص الشاعر تحديدا ؟ طالما ان المحتوى الدلالي لديه ، مجرد قوليات مرصوصة من الاسقاطات الاحوالية ، الراسخة في ضمير العشرات من المحوريات الساهمة في قلب الدال النصي .

حتى لا تظمأ شفاهك

و تبقى أقدامك

رافلة بالعشب

سأحرض الانهار على الجريان

وأهز عذوق الغيم.ص82

2

من خلال صوت النص التناصية في هذه المقاطع و من عمق المخالف ، تنحسر لدينا أشكالية الافعال الدلالية ، بموجب فسحة مركز شعرية ( الملاذ الوصولي ) حيث يظهر لدينا سؤال النص في حوارية تصادية مخالفة مع تخريج الدال المتعين في تصاعدية لفظة ( شفاهك ) حيث نلاحظ بأن الدال الذاتي هنا ، ينكشف في زمن الراوي المتكلم و هو يؤثث لذاته تواصلا تجسيديا في علاقة ( لا تظمأ / شفاهك ) في حين نجده يتواصل في آلية مشهد المعاين الآخر في جملة ( و تبقى أقدامك ) و لهذا المشهد الجسدي وحده ، راحت البرقيات الصورية في جملة القول ( سأحرض / الأنهار ) تشكل توجها ظاهرا ما بين المكتظ الحلمي ( و أهز عذوق الغيم ) لتستمر لدينا بذلك باطنية الخطاب الاستحواذي في التواصل العضوي

( لا تظمأ + شفاهك + أقدامك + العشب = يقضة الرغبة = مشهد = استنطاق = علامة = المسافة الانبثاقية = تفاعل =الباث المستقبل = حضور و غياب ) ثم بالتالي نشاهد بأن الذات الشاعرة في فضاء القصيدة ، باتت تشكل اكتمالا دراميا في مقولات دوال ( سأحرض / الانهار / أقدامك / شفاهك ) في حين يظل التوحد التوصيفي ملاقيا للرؤية التلاحمية في دال التقابل

( الانهار.. وصول = حالة =الأنا = أقصاء و كشف =خفايا دائرة = قراءة = فاعلية بحث ) على النحو الذي نجد فيه دال

( العشب ) متوحدا مع صورية ( الجريان ) و فردية مشهد

( و أهز = موجهة = ذاكرة = أقفال = نقطة متصور = حقيقة) و يبدو أن موضع دال ( الغيم ) في اللقطة الختامية يشكل مقتربا مع مساحة حدود الفعل الانتمائي الدال على حقيقة الفعل الموقوض الى أفق صفر الكتابة المتمركزة في ذاكرة ( ربما يحدق الجميع ) .

( منظومة الأنا و الرؤية التلاحمية )

أنا بأنتظار النار

تمنحني حكمة الأزل

و عفة الاشتعال

مزامير و صحائف

كلما قلبت أوراقها

أخذتني أليك

مدفوعا

برغائب العشق .

ان النار رمزا دينيا معروفا ، أي أن لها دلالة معينة ، يوصف من خلالها مرجعا وظائفيا ، ليؤدي دلالة مغايرة لمصادرها المرجعية ، و معنى التوظيف الشعري لدى الشاعر بهذه المقاطع الشعرية من القصيدة ، قد جاء ذات دلالة مرجعية قد أصابها تحويرا أو انتهاكا على نحو ما ، فأصبحت النار في قصيدة الشاعر ، ذا ملائمات دلالية خاصة و خاضعة لمقترحية الخطاب النصي الراهن : ( أنا بأنتظار النار / تمنحني حكمة الأزل ) . ما يحفزنا أكثر على معاينة هذه المقاطع من النص ، هو حجم ذلك التأويل المفترض في النظر الى منطقة العلاقة ما بين ( بأنتظار / أنا ) ثم بالتالي الانشطار التصوري في جملة دال ( النار ) ان المستوى التقابلي الدال هنا ، أضحى آلية مزدوجة ، تسير في مهام متعلق ترقبي خاص ، من شأنه أخضاع المقصود التأويلي الى جهة الامضاء نحو المعنى التراتبي المعاكس ( تمنحني حكمة

الأزل) أي بمعنى وضوح الخط القرائي و هو يستقر داخل تقانة العلامة و قراءة صورة الفاعل الدلالي في النص

( النار + الأنتظار = أنا = منظومة رؤية = سياق ظني )

غير ان صورة الفاعل الدلالي في مقاطع القصيدة ، يستبدل حركية الرؤية بحضور مرحلة ( الأشتعال ) حيث يمكننا على هذا ان نستشعر الفعل ذي دلالة زمنية و على نحو خصيصة سلسلة علاقة ( أفق مدار / متكرر / شفرة ) .

( كريم جخيور و قصيدة الفضاء المتحول )

في مجموعة قصائد ( ربما يحدق الجميع ) لاحظنا بأن القصيدة تتشكل بموجب ضديات اساسية و بموجب علاقات

اسلوبية وبنائية

أبرزها ( الفضاء الداخلي ) و ( المواقف المخالفة ) و

( الذات المغايرة ) و ( جملة حالات الآخر ) . في حين نشاهد بأن معظم قصائد المجموعة ، قد جاءتنا عبارة عن سياقات شعرية ذات انطلاقات مقولة مرحلة الكشف و التقويم ، و بما تجول به حركة دائرية الفضاءات المتحولة في متن الذاكرة ، و مفاصل طرائق الاستشراف القولي و حساسية الادوات الشعرية الفاعلة في مصير النص الشعري .. هكذا على كل حال وجدنا مشروع قصيدة ( ربما يحدق الجميع ) للمبدع

كريم جخيور ، كأنها تجليات مشهدية عالم من ( الخطاطة المنحوتة ) فوق جدران مخيلة ( مخاوف الكتابة ) و حواجز

( الصورة الشعرية ) المتراكمة داخل تكوينات الذات الشعرية المقدرة و العارفة لماهية اهتزازات رؤى الدلالات الطليقة في فضاء التحول و الوحي و اللغة المؤثرة .