23 ديسمبر، 2024 2:01 م

( كرنفال الاغتصاب) : وحوش الغرائز السائبة .. انتهاك سيادة الوطن – المال – السلطة !!

( كرنفال الاغتصاب) : وحوش الغرائز السائبة .. انتهاك سيادة الوطن – المال – السلطة !!

( وقفه تضامن مع كل الذين تعرضوا لانتهاك ادميتهم في هذا العالم المتوحش)
لم يكن مستغربا أبدا خروج الآلاف من أهالي مدينه السليمانية الخميس الماضي غضبا لنشر شريط على موقع التواصل (الفيس بوك  ) يظهر (رجلا) يقوم باغتصاب ضحية شاب لا يتجاوز العشرين من العمر فيما وقف عدة أشخاص وهم يحتفلون فرحا بالتنكيل بالفريسة التي ترفس الأرض بقدميها قهرا ووجعا مثل الحمل المذبوح بسكين صدئه… فيما كان أحدهم يقوم بتصوير (كرنفال) طقوس الاغتصاب والتركيز على وجه الضحية… وتساءلت بألم قاهر مثل الملايين : من اغتصب شاب السليمانية…. ولماذا؟؟
 قطعا انها ليست ألمتعه الشاذة والنفس المريضة بل الرغبة بالقتل الأخلاقي والتشهير وتمريغ شرف إنسان ربما قال لا او تصدى لخطيئة اكبر او تطاول على عشق مستحيل مثلما تخيل سردشت عثمان ؟؟؟لا ادري ولن تعنيني المبررات التي أيا كانت فإنها لا تبيح أبدا تقطيع أوصال الإنسان لينزف ذلا حتى أخر لحظه من عمره ويكون الموت او الانتحار خيار وحيدا إمامه بينما المفترس يمشي طليقا متفاخرا بفحولته وسط  مجتمع العشيرة ألذكوري والبداوة والبر يريه.. بيد إني  واثق ان من اغتصبه  هم وحوش الغرائز السّائبة…و قطيع من الذئاب المسخ  المسعورة الذين  التفّوا حوله كما يلتفّ الرّهط البدائيّ بذبيحة بشريّة ….   واستباحوا جسده الصغير البكر… وهو يبكي ويستنجد بهم دون جدوى   كفصل أخر من مسرحيّة الانقضاض على الوطن – الأنثى -والثروة والسلطة- والقيم- والآثار والأساطير-والفكر .
 جريمة أخرى بشعة لها تداعياتها السياسية والاجتماعية بعد انتشار جرائم الإعراض في مجتمع قادر بمهارة على استيلاد الكذب الأخلاقيّ والقانونيّ والديني الممسوخ الذي يحجب الحقيقة المرة بعد ان ضاع الوطن من الجبل الى البحر في طوفان الخطايا والعقول التي تبيح اغتصاب حتى الوطن وتقطيعه لان القائد العشائري يريد الانفراد وأولاده وأقاربه بالسلطة في كردستان ولو بإشعال نار الحرب…. مثله مثل الأنثى في عالمنا العربي لان الأعين  تراها آثمة  لمجرد أنها  “متبرّجة” وجميله وحالمة لا تكتم عشقها.وهل يوجد كائن حي من البشر دون تفكير او وازع خلقي، أو ضمير، وهل هناك بين الأحياء من لا يخاف ان يتعرض شرفه وعرضه للانتهاك ألقسري والتشهير به؟؟؟؟
 
وبين المغتصب( بضم الميم ) والمغتصب  تثار أكثر من علامة استفهام إنسانيه حول مسئوليه العقول التي باتت تتحكم بمصائرنا  و التي تعتبر الحبّ مثل الحرية خطيئة، والجسد العاشق عورة لابد من ستره ولو برصاصه ليوارى الثرى او طعنه بمدية حادة والتبرك بدمه…. ولا عزاء للنساء والرجال المغتصبين وسط الشعوب التي لا يردعها الله والعرف والضمير بينما عيون الناس وألسنتهم بدل مواساة الضحية ستواصل اغتصاب البرئ وأسرته مرارا ودون توقف وستدعهم ينزفون بصمت حتى لو وسدت الضحية بتراب القبر ولن ينصفها سوى الله والملائكة وحدهم … ثم نتكلم عن الحب والحرية الملونة والشعر والديمقراطية!!!
 أنه الموت الأبشع من  نوعه في مجتمعاتنا  العراقي والعربي عموما  و قد يكون أشد إيلاما من  القتل والموت الجسدي.. و اشد وحشيه من سحل العزل والأبرياء بعد التمثيل بهم من قبل قوى الظلام التي فرضت أجنحتها السوداء في سماواتنا المكفهرة أصلا بالغيوم  كسرب غربان في ظل الربيع السلفي التكفيري  و هي أصعب من لحظات الموت بالا سلحه الكيماوية او تقطيع الأوصال ومشانق الدكتاتوريات   لأنه موت  معنوي يذبح النفس البشرية، بعد ان ينزع روحها بسيخ الاغتصاب  ويهدر   كرامتها بلا تردد بل بتشف وسادية ويزرع فيها اليأس  القاتل، لأنه يصيب بسهمه أهم  نقطة  انفعال في مجتمع شرقي متناقض متشدد يصدق أحيانا القسم بالعرض أكثر من القسم بكل المقدسات السماوية وهي قسوة آدميه لم تعرفها أشرس الوحوش  الحيوانية الكاسرة رغم انها تنتهك روح الله  في أعظم مخلوقاته الإنسان الذي اسجد له الله ملائكة العرش.

تواتر   صور الاغتصاب وتتابعها  الإيقاعي من السليمانية الى الزبير- أي حدود الوطن- وسط المشهد السياسي يؤكد ما قيل مرارا وتكرارا عن احتضار منظومة القيم الأخلاقية من زاخو حتى الفاو ، كنتيجة طبيعية لغيبوبه السياسة، حيث لم يتحمل النظام بقاء قيم الماضي التي تحمي الذات البشرية من الانحدار وراء الغرائز.. كنا نعتقد في الماضي ان مثل هذه الممارسات البربرية تتم في الخفاء في ظل الأنظمة الدكتاتورية التي لا دين لها أصلا رغم أنها بحد ذاتها دين قائم له كتبه و آلهته وأصنامه وطقوسه الوثنية التي خطها رموز القمع والاستبداد الذين كانوا من خلال ضباع وغيلان وكواسج أجهزتهم الاستخبارية يمارسون هتك الإعراض والاغتصاب داخل الأقبية والزنزانات الأمنية وفي المعتقلات بعيدا عن أعين الناس لقمع قوى المعارضة الوطنيه.
…  لكن بعض هؤلاء  الجلادين  ومن كانوا وراءهم فكرا وخطابا سياسيا  وإعلاميا عادوا اليوم إلى البازار العراقي بعناوين جديدة ومبررات ساقطة بعد ان تحول جلاد الأمس الى( أمير للجماعة) يغطي وجهه بقناع ويجهز على الضحايا ويغتصب النساء ويقوم بتصويرهن لإغراض( جهادية) دفعت بعض حواضن الإرهاب الى التنصل عن سياسة دعم هذه الفصائل حين وصل الأمر الى تزويج المقاتلين العرب من الماجدات.

 لم يكن اذا من المستغرب في  أول جلسة من  محاكمته  حين دخل الدكتاتور الى قاعه المحكمة  ان يكون  مذهولا مضطربا   لكنه بعد ان اطمأن الى وجود  الإعلام لنقل دفاعه قال صارخا” ليش يكولون في الكويت ان سعر العراقية سنجعله عشرة دنانير؟”
 هو خطاب قديم طالما كرره لتبرير المجازر  فحين خاض لحرب  ضد إيران كان من بين شعاراتها الدفاع عن شرف الماجدات !!! ولم يتورع المستبد في أول صعوده على مسرح الإحداث عن تلطيخ سمعه فواد الركابي  من قبل عميل ادخل معه المعتقل وقام بطعنه حتى الموت بحجه ان ألركابي راوده عن نفسه !!!! بينما اجبر صيف عام 1979م رفيقه عضو القيادة القطرية على الادعاء كذبا بعد اعتقال زوجته والتهديد باغتصابها عن وجود مؤامرة مزعومة ضد( الحزب والثورة) ليبرر ارتكاب اكبر مجزره ضد القيادة الشرعية للبعث … وتكرر الأمر مع راجي التكريتي وغيره بينما كان نجل القائد لا يتورع عن أي فعل فيه انتهاك لشرف الكثير من العراقيات رغم شكوك الأطباء بذكوريته… ومن حصاد سنوات الحصار  في أخر مغامرة للقائد القومي أنها أجبرت حتى من لا ناموس له على ان يطاطا رأسه خجلا  بعد ان  أصبح لحم بعض (الماجدات) يباع في  أزقه عمان وبيروت والشام ودبي  بينما فضل الآلاف وهم نموذج الأغلبية من العراقيين  الشرفاء بيع أجزاء من أجسادهم وأغلى ما يملكون لحماية إعراضهم.

  قضيه هتك الإعراض بدوافعها التحريضية المفبركة بعناية ( فلم صابرين الجنابي ) او استخدامها بالضد( قضيه عرس الدجيل) بتفاصيلها المرعبة المصورة تكشف عن حضور بربري في استغلال مشاعر العرض والناموس من قبل أحزاب العراق المتصارعة دون رادع حين يفلس الخطاب الطائفي.
 
لكن مثل هذه الجرائم  التي مورست بالأمس ضد الرجال والنساء والأمهات  وإمام أعين ذويهن باتت  تمارس  تحت سمع وبصر العالم كله وما حدث في أبو غريب  وما فعله (المجاهدون) وما ارتكبه بعض المارينز  ضد الأبرياء اخجل الضمير الإنساني كله ولطخ وجهه بطين المستنقعات… وستبقى حاضره ابد الدهر جريمة الاعتداء على الطفلة  عبير قاسم عام 2006م من قبل ثلاثة جنود أمريكيين  تناوبوا  على اغتصابها، وقتلوا  أمها ، وأباها  ، و شقيقتها الصغرى ، ثم عادوا لاغتصاب الفتاة، التي أطلقوا النار على رأسها عند قضائهم لنزوتهم الحيوانية   إحراقوا بعدها  جميع الجثث والمنزل في محاولة لمحو آثار الجريمة ولعل ما نطق به مرتكبها  ستيفن جرين المسجون في ولاية أريزونا الأمريكية والذي نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية يفسر المتن والهامش  حيث قال “لا توجد كلمات يمكنها ان تصف مدى كراهيتي للعراقيين في ذلك الوقت، لقد عاملتهم كما لو أنهم ليسوا من البشر!!!
 
هي سلوكيات عرت الوجه القبيح ليس فقط لمن يمارسون مهمة القتل والاغتيال  والاغتصاب إنما أيضا أشرت  مدي وعمق ما خلفه الاحتلال و ما تدنت إليه  النفوس في مجتمع الارتزاق والنهب والميليشيات  واحتضار القيم.. وأزاحت الغبار عن الوجه الحقيقي للعراق السياسي في حقبه ما بعد ساحة الفردوس …. فضحايا جرائم هتك الإعراض هذه سواء تلك التي وقعت في ألبصره او السليمانية او بغداد او غيرها من المدن والقرى أصابت بالألم  كل بيت عراقي ، و كل عائلة وأسره وجعلتها ترتجف خوفا على أولادها وبناتها من هؤلاء الوحوش الذين لم يعرفوا يوما معنى الشرف او  الفضيلة  والناموس وعرت حقيقتهم وطبيعة الأفكار التي تحرضهم والأسر التي اكتسبوا منها أخلاقيه الكهوف والطلقة واكل لحوم الناس وإعراضهم.

 مسخ السليمانية او الزبير  وليد حقبه تاريخيه طارئة مشوهه لم يعرفها العراق من قبل ضاع فيها كل شئ في خضم انفلات الوحش الآدمي وتشوه منظومة القيم الاجتماعية وخطاب التبرير اللاخلاقي بحجج واهية بعد ان تحول الغالبية ( الا من رحم ربي ) ا لى مجرد لاهثين وراء النفع والمتعة واللذة والمال السحت بعد قرون من القمع والكبت والتجويع … مجتمع انتشر فيه فايروس حمى المال والسلطة والفر هود الذي استباح الموروث الأخلاقي لأعرق شعب في التاريخ    في ظل أيديولوجية الارتزاق…..
 وحش كردستان او وحش الزبير الذي اغتصب من قبله طفله عمرها أربع سنوات فقط  جاءت مع ذويها لحضور حفله عرس وقام بخنقها وتهشيم رأسها نموذج على الانحطاط الخلقي  الذي وصلت اليه بعض شرائح المجتمع العراقي المعزولة وهؤلاء لم يعرفوا غير مهنة واحدة هي الاغتصاب  ربما لأنهم تعرضوا له   في طفولتهم فلم يعد لديهم من متعه سواه  كرد فعل انتقامي هدفه الوحيد قتل الأجساد والنفوس الطاهرة والبريئة تحت وطاه هذه العقدة النفسية.. ومثل هذا المسخ لن يتواني عن تقديم محارمه قربانا، و لن يتردد من ان يستبيح أعراضهن بشكل مهين. 
سادته  ومرجعياته الخلقية ومن عاشرهم وتعلم منهم  قتلو مع عرضه  المغتصب أي  إحساس  بالنخوة و والشرف و الرجولة والناموس،  لكنه  تناسى ان من  ينتهك عرضها او عرضه أو يتم  التشهير بها بتسجيل يبث على قنوات التواصل او أجهزه الهاتف النقال قد تكون ذات يوم  أمه او أخاه او ولده البكر أو أخته أو زوجته (الزنى دين توفوه من إعراضكم )، لكن ما يحرك مثل هؤلاء الوحوش ويسيطر على روحهم يجعلهم لا يتورعون حتى عن انتهاك أعراض محارمهم هو الشيطان والنفس الإمارة بالسوء وغياب الردع وانعدام الضمير.
 ،   ، في المقابل يظهر الرفض الشعبي الواسع والتظاهرات  والغضب الجماهيري في جميع مدن الوطن عن القدرة الكامنة في قوي التغيير علي التحدي، و الوجه الحقيقي للوطن والناس الذين لم يجرفهم الطوفان……. ومنهم ولهم وبهم نراهن على دحر الباطل ونواصل ألكتابه.
 
ليس الأمر كله بهذه الصورة وما يحدث مجرد حوادث منعزلة  فلا يمكن ان يقبل الجميع بحز الرؤوس وهتك الإعراض وهناك من مات دفاعا عن رؤوس لا يعرفها وإعراض سترها بدمه وهي غريبة عنه تماما لكننا جميعا متفقون ان  من لا عرض له لا وطن له ولا مبدأ ولا قيمة تردعه عن الفعل الحرام بهذه الوحشية وانعدام الخلق؟
 والسؤال  الذي أثيره هنا  وسبق ان  تحاورت فيه مع  صديق الروائي حمزة الحسن  الذي اعتز بآرائه وانأ أهم بكتابه هذا المقال  هو : لماذا لم نضع سرقة المال العام ورغيف الفقراء والاحتيال واستغلال السلطة  والمنصب الوظيفي والرشوة وتزوير الشهادات الدراسية و الانتخابات وغياب الحرية والعدالة والاستقواء بالداخل على الخارج في خانة انعدام الشرف التي تستحق غسلا للعار وخروج الجماهير الاحتجاجي أسوة  بالجرائم الجنسية والاغتصاب؟؟؟؟
ان الشرف ليس في العرض وحده بل أيضا  في العلم والمعرفة والصدق والوضوح والنقاء والبراءة واحترام الوقت والامانه الوظيفية والإبداع والمغامرة الفكرية وفي التضامن البشري مع المضطهدين وفي العفوية والبحث عن الحقيقة ومنع محاولات تقطيع الوطن كالأضاحي كما يفعل بعض نخب العراق اليوم …. والشرف موجود أيضا في الاعتذار والتجاوز المعرفي وفي الصفح والعفو والتسامح او اللا قصاص او اللا انتقام او اللا  انتقاص من الكرامة الإنسانية حتى وان كان عدوا لدودا لان الكرامة بتعبير برتراند راسل أهم من الحقيقة…. والقانون الانكليزي يحجب حقائق تتعلق بحياة المواطنين إذا تعارض نشرها مع كرامتهم.

 وإذا كان الشاعر العربي قد قال قبل  قرون (لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم) فان مفكرا عربيا آخر  رد عليه بقوله ( لأخير في قوم شرفهم في فرج نساءهم فقط )!!!!!

بوخارست