على الرغم مما ضخّته ونشرته الوكالات والصحافة والفضائيات حول الأوامر التي اصدرها رئيس الوزراء السيد السوداني الى قيادات القوات المسلحة بتسليم 33 من المقرّات والثكنات العسكرية < وبضمنها المقر العام لقيادة العمليات المشتركة في كركوك > الى الحزب الديمقراطي الكردستاني , إلاّ أنّ ثلاثة أمور حدثت خلال يوم امس ” الأحد ” استبدلت طرفي المعادلة واحداً بمكان الآخر .! , فقُبيل ظهيرة امس صدرت اوامر جديدة من السوداني الى الجيش تطلب وتحدد ” التريّث في تسليم المقرات ” , لكنّ الرأي العام العراقي فوجئ بخبرٍ آخر ” لم تُعرف ساعة صدوره او نشره ” , اذ يفيد الخبر بأنّ المحكمة الأتحادية تلغي أوامر السوداني وتصدر قرارا بوقف تسليم تلك المقرات .! , أمّا ثالث الأثافي فبعدَ ساعاتٍ او سويعاتٍ من تلك ” التي واللتيا ” فتعليماتٌ جديدة تصدر من السوداني بتخصيص مبلغ 500 مليار دينار شهرياً الى اقليم كردستان مع تجديد عقد شركتي ” كار و قيوان ” المثيرتان للجدل
, وقد صدرت هذه التعليمات بشكلٍ مفاجئ ودونما ممهداتٍ ومسبباتٍ لإطلاع الجمهور عليها ” وربما حتى احزاب الإطار وفصائلها ” .
استكمالاً اخيراً وموجزاً لهذه النقاط , فإنّ الرأي العام الجماهيري يقرأ اوامر السوداني ” بالتريّث في تسليم المقرات , بأنها عملية تأجيل وربما اقرب الى التخدير المؤقت ريثما تهدأ التظاهرات الإحتجاجية لعرب وتركمان كركوك على الأقل .!
بغضّ بعض النظر عن النوايا ” النيّات ” المبيّتة او المكشوفة لمطالبة قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني لتسليمها الى الحزب , حيث كانت مكاتب حزبية تابعة لهم قبل عام 2017 اثناء تحرير واسترجاع كركوك من قوات البيشمركة من قبل الجيش , وهم بادروا للأنسحاب منها واخلائها , لكنه في الحقيقة المطلقة فهذه المنشآت تابعة وعائدة للدولة العراقية والى وزارة المالية تحديداً , وليست مُلكاً لأيّ حزبٍ او جهةٍ سياسية , وانّ السادة في قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني على دراية مسبقة بذلك , إنما ولكنما التساؤل الحاد يكمن ويتمحور حول توقيت المطالبة بالمقرات العسكرية العراقية , حالياً , ولمَ لم يكن قبل ذلك , ولا حتى في زمن ولاية رئيس الوزراء السابق الكاظمي .! , ولا شكّ أنّ هنالك شيءٌ مخفٍ قد يغدو وكأنه يرتبط بالأوضاع الأقليمية والأمريكية في المنطقة .!
إذ قضية كركوك غدت معقّدة منذ احتلال العراق , واشتدّ واحتدّ تعقيدها منذ احتلال او سيطرة البيشمركة على هذه المدينة النفطية اثناء سيطرة داعش على الموصل والتي تبعد عنها بمسافاتٍ شاسعة للغاية , ولا علاقة لها ولم تكن هدفاً للدواعش آنذاك وبعد ذلك , واذ من غير المتوقع ان تنتهي هذه التراجيديا السياسية في المدى المنظور , فلعلّ انسب حلٍ وسطيٍ مفترض هو إخلاء كركوك من مكاتب كافة الأحزاب الكردية والتركمانية وسواها وإبقائها تحت مظلة التعايش الوطني بحماية السلطة المركزية , وربما تشييد مكاتب ومقرات جديدة للحزب الديمقراطي الكردستاني قد يضحى مقبولاً لدى اطرافٍ او اطرافٍ اخرى .!