زادت المخاوف في الآونة الاخيرة من ان تتعرض مدينة كركوك الى هجوم مغولي من قبل تنظيم داعش الارهابي الذي يتخذ من جنوبها وجنوب غربها حاضنة دافئة تلبي من رغباتها الشيطانية الهادفة لزعزعة الاوضاع فيها بما يتناسب مع حجم المهمة الملقاة على عاتقه وفق مخطط مدروس للسيطرة عليها والاستحواذ على ثرواتها ، واضافتها جغرافيا الى دولتهم المزعومة شانها شان مدينة الموصل والمناطق الاخرى الخاضعة لسيطرتها ، بعد أن عجزوا خلال الفترة الماضية عن احداث شرخ في علاقات مكوناتها بغية تمرير مخططاتهم العدوانية لضرب حالة التعايش والتكاتف المشترك بين ابناءها .. واليوم في خضم المعارك البطولية الكبيرة الدائرة على اطرافها التي تخوضها قوات البيشمركة مع هذا التنظيم المعادي يحاول من تاهت بهم السبل من الموبئين بداء التكفير والترويج لهذا الهجوم المرتقب على المدينة بهدف التأثير على الحالة المعنوية العالية التي تتمتع بها اطيافها ومكوناتها القومية والدينية والمذهبية ، ومن ثم زرع الهلع والخوف بين نفوس ابناءها تمهيدا لشن هجمات ارهابية منظمة بالتنسيق مع الخلايا النائمة وتنظيمها بهذا الاتجاه ….
لذا فان تلك الجموع الضالة المتخفية تحت مسميات عدة في جنوبي كركوك التي تتلقى يوميا اقسى الضربات من قبل طائرات التحالف الدولي وقوات البيشمركة المدافعة عن المدينة قد ادركت اخيرا ان اللعبة التي تورطوا بها قد اوشكت على نهايتها بعد أن عدت دول التحالف عدتها صوب القضاء على تنظيمهم المتطرف بالتنسيق مع قوات البيشمركة التي تحظى فعالياتها الميدانية المبرمجة باهتمام دولي واقليمي كبير التي قصمت ظهر عناصر هذا التنظيم ، بمعنى ان هجومهم المرتقب على كركوك يأتي من باب اللعب بالورقة الاخيرة ((كما هو الحال عند المقامرين حين يخسروا كل الرهانات، لا ينشدون هدفا سوى الاستمرار باللعبة)) دون اية معرفة لنتائجها الميدانية على الارض … وهذا يدفعنا الى القول ان هزيمتهم محتومة في اية محاولة للتقرب من كركوك لان الخصوصية التي تتمتع بها المدينة عن باقي المدن العراقية تتلخص في انها كانت و لاتزال عصية على اعداءها بالاستناد الى الروحية الاجتماعية والثقافية التي تتحلى بها ابناءها منذ امد بعيد ، فضلا من الدور البطولي لقوات البيشمركة التي دابت على ممارسة دورها الوطني والانساني في المدينة ، وأصبحت درعا حصينا وندا قويا امام محاولات زرع الفتن والنعرات الطائفية حتى غدت اسمها وعنوانها من المفاخر الوطنية التي تنظر اليها كل المكونات باستثناء البعض من الموتورين والمتشنجين الذين يتسترون تحت عباءات مختلفة الالوان ….
لقد كشف تنظيم داعش الارهابي الستار عن تلك الوجوه القبيحة التي ادعت حرصها على كركوك ولكن سرعان ما ولوا الادبار بعد ان انكشفت زيف ادعاءاتهم بحق البيشمركة والدور الكوردي في حفظ الاستقرار والسكينة فيها ، والتي استطاعت وبمباركة من كل القوى السياسية الخيرة ان تتعامل مع كل الاحداث التي عصفت بكركوك بمهنية عالية التي قطعت بها الطريق امام الفوضى والتخريب بهدف عرقلة اعادة اعمارها وبناءها على اسس عصرية حديثة …
ومن هنا وما نعتقده انه ليس مستبعدا ان يجرب تنظيم داعش حظه العاثر بشن هجوم مباغت على المدينة بهدف عزلها عن اقليم كوردستان ضمن مؤامرة تركية واضحة لتضيق الخناق عليها من خلال امتداداتها الجغرافية التي تمنح التنظيم القدرة على فرض المزيد من الضغوطات السياسية والاقتصادية على الاقليم في وقت وكل الدلائل تشير ان تركيا تسعى هذه الايام باتجاه اقامة منطقة عازلة بينها وبين كوردستان العراق وسوريا لامتصاص زخم التأثيرات السياسية الكوردية من جهة التي قصمت ظهر الدولة التركية منذ ثمانينيات القرن الماضي ، واتاحة فرصة أكبر لتنظيم داعش ان يعيد من حساباته العسكرية من جهة أخرى بعد فشل محاولاته للاحتفاظ بالأرض في العديد من المواقع التي احتلها في السابق ، متجاهلة ان الحرب القذرة التي اشعلوا فتيلها في المنطقة قد كسرت باب العزلة والتفكك السياسي والجغرافي عند الكورد ، وباتت مسالة الدفاع عن اية بقعة كوردستانية وصد هجمات داعش وادواتها من اهم المهام الوطنية والقومية الملقاة على عاتق الانسان الكوردي اينما وجد نفسه في كوردستان بأجزائها الاربعة في هذا الوقت بالذات حيث بدأت تركيا تلملم مجدداً من مخططاتها باتجاه المزيد من الضغوطات السياسية على الاقليم من خلال افشال اية محاولة لدرء خلافات الاقليم مع المركز ، ومضيها قدما باتجاه توسيع رقعة هذه الخلافات لضمان وجودها كورقة ضاغطة على المركز والاقليم على حد سواء….
اذن .. ان المجريات على الارض قد ازاحت الستار عن اهداف اللعبة التركية ، والتي تحتم كل مكونات كركوك ان تكون على قدر عال من الحيطة والحذر للمخططات الرامية لضرب حالة الاستقرار والسكينة في المدينة ، والوقوف بوجه الاشاعات المغرضة التي تسعى اصحابها لزعزعة الاوضاع بهدف الانقضاض عليها كما حدث في الموصل وصلاح الدين ، والاهم من كل ذلك ان يدرك الجميع ان السلاح الوحيد الذي يمكن ان تفشل تلك المخططات هو التكاتف والعمل على صياغة لغة مشتركة لمواجهة الاعداء والحاقدين على مدينتنا مدينة التعايش والتأخي والسلام …