(ان صهر الوجود التركماني في كركوك والقضاء على اثارهم فيها يحتاج الى من 20 الى 35 سنة ) جاءت هذه العبارة على لسان احد اعضاء قيادة الحزب الحاكم خلال حديثه مع الكادرالقيادي المتقدم لتنظيمات كركوك اثناء اجتماعه بهم في 1988 ودولة احتكار السلطة صاحبة القرارات المركزية بلا معارض في اوج قوتها وجبروتها وامكاناتها الامنية والعسكرية والمخابراتية المكينة بلا منازع ، ورغم ما سبقت السنة المذكورة اعلاه من عمليات التغير الديموغرافي الا ان المخطط المعروض وفق السقف الزمني يحتاج من 20 الى 35 سنة اخرى اضافية للوصول الى نقطة النهاية واكتمال تنفيذ اجراءات التغيير اما في سنة 2008 او 2023 اذا ما اضفنا سنوات الحاجة الى سنة 1988 وهذا يعني ان المشروع التغييري المنظم لازال مستمرا غير منتهي لو كان النظام باقيا .
نستدل مما تقدم ….. ان كركوك مدينة تركمانية النكهة تاريخا وحضارة وتراث مأصلة الجذور ، ولولم تكن كذلك لما وضعت لها خطة طويلة الامد رغم ما قطعت عمليات التغييرمن اشواط في اجراءاتها الى سنة الحديث ، الا ان الملاحظ اان العملية تحتاج الى زمن اطول لصهر الوجود التركماني ( وان كان مستحيلا ، لان الشعوب لن تموت ) ربما لصعوبة المهمة وتوقعات ردود الافعال المحتملة في مقدمتها عدم تجاوب التركمان معها اوالانصياع لها بدليل لغة الشارع التركمانية وسيطرتها على الغالبية العظمى من مناطق كركوك مع تعلم القادم اليها من الاخوة العرب ناهيك عن الاسماء القديمة تداولا رغم تغييرها اواستبدالها في دوائر الدولة رسميا ابتداءا من اسم المحافظة نفسها وانتهاءا باسماء الولادات الحديثة للتركمان .
لكن المستنتج بالمقارنة والتحليل بين ماسبق من عمليات التغييرباسم السلطة الشرعية القانونية الدكتاتورية في كركوك الى ماقبل سنة 2003 عام انهيار النظام وبعده ما جرى ويجري باسم اللاشرعية اللاقانونية الدكتاتوري التعسفية نقف عند حقيقة تفصح عن عجز الحكومة المنهارة تحقيق سياستها المرسومة في كركوك بالشكل المطلوب طوال سنين حكمها بما يزيد على ثلاثة عقود مستخدمة الآتها والياتها بينما اطراف سياسية اخرى تفوقت بمأربها عليها بعد ذلك في زمن قياسي بقدرة اكثر بوسائل عشوائية غير منظمة شديدة وسريعة امكاناتها لم تكن بمستوى النظام المنهارمبرهنة فشل سياسة دولة الحزب الواحد ازاء كركوك .
هنا يجب ان ننظر الى نسبة الفشل والانجاز من ناحيتين :-
1 – ان سياسة النظام انذاك كانت تسير وفق منهج مخطط منظم تتماشى مع توفير احتياجات كل مرحلة في مقدمتها توفير الخدمات العامة تتلائم وتوسع المدينة وبشكل لا تؤثر على شكلها وجماليتها بموجب التخطيط والتطوير العمراني للمدينة المراد تغيير ديموغرافيتها .
وبما ان الايام كفيلة على كشف حقائق الامور مهما كانت سلبياتها وايجابياتها فقد برهنت سنوات ما بعد 2003 ان سياسة النظام المنهار ازاء كركوك رغم مردوداتها السلبية عليها وعلى التركمان لم تكن الا لمصلحة العراق عامة وبقائه موحدا ضمن حدود الدولة تقطع دابرافكار التقسيم والانفصال المبيتة في استراتيجية من يريدها او يريد السيطرة عليها مستقبلا وها هى الايام تفصح عن توقعات السياسة التغييرية السابقة مع الجارية الان .
2 – ان ما انجز في المدة القياسية القصيرة من عمليات التلاعب في الواقع العمراني ان كان عمرانا ، والسكاني غير المنظم وبالسرعة القصوى استغلالا للوقت واستعدادا للمرسوم المنصوص في الدستور الظالم لكركوك من ( تطبيع ، تعداد ، استفتاء ) فانها بالاضافة الى كونها الفرصة الذهبية التى لا تُفوت يجب استغلالها الان قبل ان يستعيد العراق عافيته ، اكدت صدق سياسة النظام وتوقعاته في الحفاظ على كركوك وعدم الافراط بها وان كان بظلمها والتركمان لكن المهم بقائها ضمن العراق ومنع ضمها الى اجزاء مجزئة من العراق ، السياسة التى لم يبرر اسبابها المنفذون بالشكل المباشر، ولم يدركها احد لشدة وقعتها او عدم التفكير الا باحادية الاسباب او لان سمة سياسة النظام الطاغية كانت دكتاتورية او… او … لكن التمادي والغلو في سياسة النظام العامة جعلت كركوك ان تكون لقمة سائغة للاستراتيجيات المبيتة بالنيل منها بالاضافة على التغييرظلما وقسرا واجحافا زادتها عنفا وترهيب لتجعل من كركوك مغلوبة امرها ضيقة العيش على اهلها بالاحتلال والاستعمار الوطني الدكتاتوري بمنظار احادي الجانب ولدَ الضغائن والاحقاد بتلك التغييرات القسرية تلتهم وتبتلع حقوق غيره العادلة من ابناء كركوك بلا مسوغ قانوني او رسمي عادل … ترى هل كانت كركوك حمالة الحطب … حتى تربط من جيدها بحبل من مسد التغيير …. ؟