23 ديسمبر، 2024 3:26 ص

كركوك الى الواجهة من جديد

كركوك الى الواجهة من جديد

يبدو أن حلم “كركوك قدس كردستان” مازال في مخيلة بعض الساسة الكرد على الرغم من مرور اكثر من اربعة اشهر على دخول القوات العراقية للمحافظة “الغنية بالنفط” لفرض “هيبة الدولة”، وانهاء حكم “العصابات” التي اتخمت جيوبها بأموال سرقات الحقول النفطية، ووزعتها على جميع مصارف الخارج والداخل، لكن ما حصل شكل صدمة لم يتمكن هؤلاء من تجاوزها حتى الان.

فمتابعة ما يحدث في كركوك يرسم صورة حقيقية عن حجم المؤامرة التي تحاك ضدها من قبل اطراف ومسميات مختلفة، تسعى جميعها لهدف واحد وهو جعلها “بعيدة” عن الاستقرار الامني، والعمل على اعادتها “لاحضان الانفصاليين” بطرق ووسائل عديدة كان اولها “الرايات البيض” ولن تنتهي بكمين السعدونية، الذي افجع سبعاً وعشرين عائلة كانت تنتظر عودة ابنائها بعد تطهير المحافظة من تنظيم (داعش)، تلك الحادثة اوضحت الحقائق وكشفت معلومات تؤكد تورط “الجهات المتضررة” من اعادة “هيبة الدولة” بجميع الخروق الامنية التي شهدتها المحافظة خلال الايام الماضية، وباعتراف العديد من قادة الصف الاول في كردستان، واخرها ما ابلغنا به مستشار الامن القومي لدى سلطة الاقليم مسرور البارزاني وهو يتحدث من العاصمة الاميركية، قائلا “بأن هجمات داعش ستستمر في كركوك حتى تغير بغداد سياساتها”.

الرسالة واضحة ولا تحتاج لتفسير، وبالعودة قليلا الى الوراء وتحديدا اثناء عملية تحرير قضاء الحويجة التي فر منها ثلاث مائة وخمسون عنصرا من تنظيم (داعش) بينهم قيادات بارزة وانتحاريون باتجاه اقليم كردستان، واقرت حينها وزارة البيشمركة باحتجازهم، نحصل على اجابة دقيقة لحديث البارزاني الابن، والذي يعد تهديدا صريحا يتطلب الوقوف عنده وجعله دليلا على تورط كردستان باي عملية تستهدف القوات الامنية والمدنيين في المحافظة التي انهكتها الصراعات القومية منذ اشتداد عود الحركة الكردية بعد خمسينيات القرن الماضي، لكن تلك المعطيات لا تنفي وجود جيوب “لا تتجاوز اصابع اليد” لعناصر (داعش) وخاصة في المناطق الجنوبية من المدينة والتي وثقت علاقتها جيدا ببقايا الاجهزة الامنية الكردية التي كانت تسيطر على تلك المناطق قبل تشرين الاول من العام 2017.

البعض سيتهمني بتزييف الحقائق ونقل صورة مشوهة لما يحصل في كركوك، ومحاولة خلق عداء بين مكونات المحافظة، لكن الحقيقة دائما كالشمس “لا تحجب بغربال” وسترونها عبر احد المطلوبين للقضاء العراقي والذي يدعى “كوران جوهر” الذي كان عضوا في الاتحاد الوطني الكردستاني، وهو اليوم يقود 1000 مقاتل يتوزعون بين قضاء طوز خورماتو وبعض مناطق كركوك، لتنفيذ عمليات تستهدف القوات الامنية من الجيش ومكافحة الارهاب والحشد الشعبي، وبعلم بعض قيادات الاتحاد التي دعته للاستمرار بنشاطه حتى عودة تلك المناطق الى سابق عهدها، فهو بنظرهم قائداً شاباً ينصر المظلومين، باعتقادي المتواضع توضيح الحقائق لا يحتاج اكثر من تلك الادلة.

إن قضية كركوك لن تنتهي باثارة الاوضاع الامنية فقط، لكنها شملت مصادرة جميع الاموال التي كان يودعها محافظها السابق نجم الدين كريم في بنوك اربيل، لتخبرنا النائبة عن التحالف الكردستاني آلا الطالباني بان “ادارة بنك كردستان اعترفت بوجود اكثر من اثنين وستين مليون دولار مودعة لديها من أموال البترودولار لكنها طلبت تأجيل المطالبة بها بسبب افلاس البنك”.

الخلاصة.. ان عودة الاستقرار الأمني والسياسي لكركوك بحاجة لتدخل من الحكومة المركزية لا يقل قوة عن عملية “فرض القانون”،، لكن السؤال هل سيفعلها رئيس الوزراء مرة اخرى ويضع النقاط على الحروف ام ستترك لما بعد الانتخابات؟.