معلوم أن الشعرة لاتنقطع -رغم وهنها وضعفها- لو تجاذبها اثنان مادام أحدهما عاقل.! وقد أخذ “ابو المثل” على عاتقه إيضاح هذا الأمر فقال: “شعرة بين عاقل ومجنون ماتنكطع”.. وأظنني أصيب القول وأحسن التشبيه إن مثلت المحافظة العراقية.. العراقية.. العراقية كركوك بالشعرة، والطرفين المتجاذبين أحدهما “ابو الملك الأصلي” والثاني يريد لصقها بأملاكه وضمها اليها عنوة أو كما نقول “كوتره” مع أن أملاكه برمتها ليست ملكه وحده، بل يشاركه فيها الطرف الأول. والطرف الأول هنا هم العراقيون جميعا؛ عربا.. كردا.. تركمانا.. وباقي القوميات ومن الأديان والطوائف كلها. أما الطرف الثاني فهم كاكه مسعود وأزلامه وزبانيته حصرا، وهم قطعا غير الشعب الكردي..! فأولئك في وادٍ والأخيرين في وادٍ. وفي مراجعة سريعة لتصريحات السياسيين الأكراد خلال الأشهر التي أعقبت أحداث الموصل، نستشف الدس والنيات المبيتة في كلامهم المبطن، والذي يرومون من خلاله استحواذ أراضٍ شاسعة من محافظتنا كركوك، بالالتفاف على القانون تارة.. والانقضاض على واقع الحال تارة أخرى، دون الاستناد على قانون او الرجوع الى عرف اجتماعي او أخلاقي، مستغلين هشاشة الوضع الأمني في المحافظة، وكذلك انشغال العراقيين بتحرير أراضيهم من الهجمة البربرية، والتي أسهم الأكراد أنفسهم في نجاحها ووقوع ثلث مساحة العراق تحت سيطرة الغزاة.
فقد عزف كاكه مسعود على وتر ضم الأراضي المتنازع عليها بكل درجات السلم الموسيقي، بعد أن أمضى من عمره وعمر حكومة كردستان العراق سنين طويلة في الطبخ والنفخ تحت مرجل صناعة المادة 140 للتأثير في نكهتها بما يلائم مايرنو اليه، فمن تصريحاته: “شكلنا لجنة للتفاوض مع القوى السياسية وهناك خيارات أخرى لشعب كردستان”، أما رئيس برلمان الإقليم فقد قال: “كركوك جزء من الاقليم ولن نسمح بتكرار سيناريو الموصل فيها”. وجلنا يذكر ماصرح به مسعود عندما دخلت قوات البيشمركة مناطق من كركوك، بُعيد اجتياح عصابات داعش مساحات شاسعة منها، حيث قال: “إن المادة 140 من الدستور العراقي الخاصة بالمناطق المتنازع عليها قد “انجزت وانتهت” بعد دخول قوات البيشمركة الى المناطق المتنازع عليها عقب انسحاب قطعات الجيش منها”. ولم يفت أعضاء مجلس النواب من الكتل النيابية الكردستانية أن يشاركوا في هذه الـ (قصعة) وينتهزون دخول العراق في مأزق منظم ومبيت له، فمن تصريح لأشواق الجاف قالت فيه: “داعش دخل مناطق المادة 140 وعلى الحكومة صرف مستحقات البيشمركة لمواجهته”. وقالت ايضا: “بارزاني يشترط تطبيق الشراكة الحقيقية “عملياً” للمشاركة في الحكومة المقبلة”. أما رئيس حكومة الإقليم فقد قال: “لقد صبرنا 10 سنوات مع الحكومة الاتحادية لحل قضية المناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 لكنها كانت دون جدوى، ودخول قوات البيشمركة إلى تلك المناطق جاء لحمايتها ومنع سقوطها بأيدي الإرهابيين بعد إنسحاب القوات الحكومية منها”.
وأختتم ماقاله الأكراد بمختلف مناصبهم ومراكزهم السياسية وانتماءاتهم الحزبية، بماقاله (راس الشليله) مسعود بشكل يؤكد البت والحكم القطعي بما ينوي فعله، ويثبت عليه من دون تراجع، لاسيما وقد قالها بعد اسبوعين من أحداث الموصل، إذ قال بالحرف الواحد: “الآن بالنسبة لنا المادة 140 أنجزت وانتهت ولن نتحدث عنها بعد الآن”. فهل نسي كاكه مسعود أن كركوك عراقية عربية تركمانية بالدرجة الأولى منذ قرون، قبل نزوح أجداده من أواسط آسيا وغربها، ومن الأناضول وجنوبها، واستوطنوا شمال أرض كركوك في جبال العراق وشكلوا أقلية تسمى الأكراد؟! أم أنه نسي أن أكراد كركوك بقوا أٌقلية فيها طيلة الحقب التي مرت على العراق، على الرغم من تغيير الحكومات وسياساتها مع القضية الكردية، إذ لم يتزايد تعداد الأكراد في كركوك بشكل سريع جدا إلا بعد عام 1991 يوم انفرد الحزبان الكرديان بمحافظات العراق الشمالية الثلاث!.
فياكاكه مسعود حافظ على الشعرة التي بينك وبين قادة بلدك لئلا تنقطع..