23 ديسمبر، 2024 5:47 م

كرسي المثقف العاجي

كرسي المثقف العاجي

 يحتاج المرء الكثير من الوقت والجهد  ليصبح مثقف,ويحتاج أكثر  للمحافظة على اللقب وكسب احترام من حوله, فليس كل من تصدى الى الخطابة واللقاء الكلمات الرنانة ليبين مقدار ما يكتنز من علوم ومعرفة بالشخصيات الأدبية والتاريخية  دون ان يترجم ما يحمل من فكر وأخلاق وسمو وعفه ونزاهه على الواقع العملي هو مثقف,المثقف الحقيقي او ما يحلوا للبعض ان يسميه “عضوي” هو الذي تنطبق علية عبارة ,الثقافة فكر وممارسة وأخلاق وتواضع,  فصعوبة بناء الشخصية الثقافية وما تتحمله من  معاناة ومطاردة من قبل السلطة ومن كل من يختلف معهم بالرأي من أبناء جلدتهم و وصف ضريبة الحصول على اللقب بمثابة الحصول على شهادة وفاة(كريم مطلك), الكثير من المهتمين بالثقافة يؤشرون تنامي ظاهرة  التعالي والغرور والجلوس على الكراسي العاجية والنظر بدونية الى الآخرين من بعض المثقفين,وهذه حقيقة نلمسها وللأسف في المنتديات واللقاءات وخصوصا”من بعض الأسماء المعروفة في الوسط الثقافي والأدبي  من الذين تسلط عليهم الأضواء في وسائل الإعلام,  هؤلاء في اغلب اللقاءات يحولون الجلسة او المناقشة الى درس في القواعد والنحو والصرف ويضربون الموضوع والمحتفى به عرض الحائط,هؤلاء أصحاب الشخصية الازدواجية كما يسميهم “الـ د علي الوردي”  في كتابه (شخصية الفرد العراقي )  يركزون على الفاعل والمفعول به والجار والمجرور,وتحويل  المنتديات إلى دروس المدارس المتوسطة, وكأنهم خرجوا من رحم سيبويه ويمارسون الفصحى حتى في بيوتهم وتتراء على وجههم علامات الامتعاض لمجرد انتقادهم او مداخلتهم, وإذا أراد أن يكتب مقالة او عمود اتخمه بالمصطلحات والكلمات والأسماء الأجنبية وكأنه يريد الاستعراض,ينسى او يتناسى  بان  ستة ملاين آمي ومثل هاذا العدد ممن لم يكملوا المتوسطة والإعدادية , وانه(المتعالي)  جزء من تنامي هذه الظاهرة كونه يدعي الثقافة ولا يمارسها,ويفترض بدل التعالي ومجاملة  مشاعر المؤسسات المسئولة عن هذا الخلل, أن يكتب وينتقد ويضع الحلول والمعالجات والتواضع والنزول من كرسيه العاجي إلى جزئيات المجتمع والفقراء,لم يصل ولن يصل الى الرموز التي بنت لها صروح من خلال الاهتمام بالفقراء والمعدمين والتمسك بالمبادئ و جعلوا من أرواحهم مشاريع استشهاد,ولازالت فالأمس استشهد محمد الشمري صحفي وأكاديمي, والفنان التشكيلي والشاعر محمد الصكر الذي مات بعيدا” عن الوطن ولم يبقى سوى أدبهم الفكري وأخلاقهم(لثورة الفكر تاريخ يحدثنا//بان ألف مسيح دونه صلبا( ليخرج احدهم ويقول أين الضمة والفتحة في شعر الجواهري), هؤلاء المتواضعين في كتاباتهم وتعاملهم  وممارساتهم هم من يخلدهم التاريخ ,علي ابن أبي طالب سيد البلغاء والمتكلمين إمبراطور الدولة الإسلامية يلقب أبو الفقراء قمة في التواضع والزهد عالم أمام سيد النقطة أستاذ أبو الأسود الدؤلي وسبوية وغيره وكذلك أولاده, مرورا”بغاندي ومارتن لوثر وعلي الوردي  والقائمة طويلة من العظماء المتواضعين الذين لم ولن تتوصلوا أليهم  إيه المتعالين عوذوا ينحنوا بدل كلمة أنا.