الانتخابات أقتربت ، التحاليل تزايدت ، الانظار طالت ، القلوب تدق بسرعة ، الخيال يطير بنا من من سعيد الحظ الذي سيجلس على كرسي الرئيس ؟، بالتاكيد لااقصد الكرسي المغطى بـالقماش الأبيض ، ولاالقصر الرئاسي الذي هجره رئيسه المريض ، المعزول ، المفقود، الذي ضاعت اخباره علينا، والذي يدور في مستشفيات العالم، من أختصرت ذكراه على صور تظهر بين فترة وآخرى كلما اشتدت حرارة الحديث عن موته أو فقدانه للذاكره او شلله الكلي ، ليظهر الرئيس جلال الطالباني وبجواره زوجته بابتسامتها المسرحية، فلم نعد نفكر بذلك ابدا .
بل اعني كرسي رئيس الوزراء المقبل ، الذي تحوم انظار ائتلاف دولة القانون وجماعته ، وكتلة الاحرار ومحبيها ، وكتلة متحدون ومؤيديها ،و كتلة المواطن وانصارها ، وكتلة علاوي التي تبكي على اطلال الحكومة الأنتقالية والعالماني السابق والمتدين الجديد أحمد الجلبي وحتى عزت الشابندر المقال والمنشق مع كل انتخابات نيابية ، محط ثقة المالكي الذي منحه كرسيه النيابي، وهو يبحث عن ايجار كتلة سياسية جديدة ، والحاج والمهندس ورجل الأمن والاقتصادي باقر الزبيدي وملفاته وذكرياته الوزاريه التي لاتنتهي وغيرهم !، اختصروا الأنتخابات النيابية بمن هو الرئيس المقبل،وماشكل الحكومة ؟ وماهي الامتيازات وكم سنحصل من مقاعد لتأليف الحكومة المقبلة؟ من دون ادنى شك ليس ذلك عيباً وثلمة ولامنقصة ، من أن تفكر الكتل السياسية بمن هو رئيس الوزراء المقبل ؟، لكن العيب أن يتحول “الكرسي الرئاسي ” إلى غاية تفقده عنصر الوسيلة.
المرحلة المقبلة اشبه بتوصيف “العب بالنار “، فالقاعدةأو ماتسمى حديثاً بـ”داعش ” تقسم العراقين بحسب منهجياتها إلى نوعين، الاول هم : الرافضة (جميع الشيعة ) والمرتدين (جميع السنة الذين لم ينضموا إلى رايتهم والكفرة(الاديان الاخرى ) وهولاء جميعهم واجب قتلهم بلا عذر أو مُسبب والنوع الثاني : وهم القتلة الذين تجندوا تحت رايتها الدموية والذين تبنوا مشروعاً لتصفية كل من يخالفها بالفكر والعمل والرأي والنظرة!، لذلك الامر يتطلب ولادة كتل سياسية منسجمة قادرة على التفاعل بعضها البعض.
وعلى الرغم من أن شكل الكتل السياسية التي اعلنت عنها مفوضية الانتخابات اخذت طابعا اكثر طائفية ومناطقية من الأنتخابات الماضي ، لكن لانحمل سوى الناخبين مسؤولية اختيار نوابا يمثلون العراق لامذاهبهم ولامناطقهم ولايخضعون لارادة رؤساء كتلهم وليس على رؤسهم الطير ،لانريد مزيدا من النواب المغمورين الذين لانذكرهم سوى أيام الانتخابات وهم يصطنعون التواضع والتواصل مع الناس فتراهم يمشون مع المشاية إلى كربلاء ويطبخون ويلبسون السواد ويصلون في جامع ابي حنيفة النعمان ، وعند بدر كل انتخابات يدقون ابوابنا ومعهم ارقامهم الانتخابية ، كذلك لانريد نائبات يتحدثن فقط عندما يطلب رئيس الكتلة منهن ذلك ، وهنّ ماهرات في صناعة الازمات وتبادل الاتهمات بلا أدلة مقنعة ، ولانريد النائبات اللواتي لاذكر لهن حتى في جلسات مجلس النواب سوى وجوه شاحبة صعدت واحدتهن بـ600 صوت فقط !
لانجافي المنطق أن قلنا اذا اجاد العراقيون هذه المرة اختيار نواباً متميزين بغض النظر عن مذهبهم ولونهم ومناطقهم وعبر حدود الطائفية ليشكلوا برلماناً عراقيا متصالحاً مع نفسه يعرف اعضاؤه وظائفهم بالصورة الصحيحة ، سينتج عنه حكومة منظمة تستطيع إدارة الازمات وتفكيكها ومحاربة فكر الابادة الذي تنتجه بعض المؤسسات الدينية المتطرفة.
معلوم أن “كرسي الرئيس” سيكون بلا طعم أو رائحة مالم يختر الجالس عليه أن يكون وسيلة لتحقيق الأمن المنشود وتوفير الخدمات ومتابعة الحاشية ورفع القيود، مايدمر الرؤساء على مر الازمنة ، تلك الحواشي التي تبعد القريب وتقرب البعيد وهي اشبه بـ”مرآة ” مشوه لاتعطي الصورة الواضحة.
كرسي الرئيس بحاجة إلى جالس ٍ ذكي وقادر على حرق المراحل يفكر بعقلية مؤسساتية لايفكر بشطب يوم ، لاشك أنكرسي الرئيس محرقة وليس مكرمة اذا كان هو الهدف والغاية ، .. كما يتخيل للبعض ذلك ! .