23 ديسمبر، 2024 6:11 م

كرسي الاعتراف

كرسي الاعتراف

كثيرة هي مشاكلنا وامراضنا نخاف ان  ننطقها ونعترف بها خوفاّ من الفضحية , نخدع انفسنا بمسميات ونعطي  قدر اكبر من الوقائع ونقنع انفسنا ان المشاكل قدر لنا , لا نتخلص من مشكلة الا وندخل بمشكلة اكبر منها  ولا نعرف متى الخلاص , امسنا افضل من يومنا ويومنا افضل من غدنا , مشاكلنا متكررة والتاريخ يعيد نفسه واجيالنا سوف ترضى كما رضينا ان تكون شعوب نائمة ونجملها ونقول نامية وهي في تراجع في سباق التكنلوجيا والحضارة والمفاهيم الانسانية , وإن تعرفنا على عيوبنا لا نبحث عن جذورها وحقائقها واسبابها  نكابر على المشاكل الصغيرة ونعدها تافهة  لتكبر  ومن الصعب حلها , سياسيون لم يخرجوا  من ارث  الهيمنة وتحريف الاتجاهات وانكروا حقيقة الواقع متعالين متكابرين معتبرين انفسهم نخب مختارين  يصورون وردية المستقبل وضعوا القطن في اّذانهم لا يسمعون من يتكلم ومن يألم وتركوا الناصح والشاكي مشككين به بالخيانة والتأمر والعمالة والاجندات الخارجية والمصالح الذاتية , جعلوا لأنفسهم مرصاد لتقييم ردود فعل الأخر  بعينهم التي لا تبصر الاّ افعالهم بصورتها الجميلة في اعينهم وصوتهم بصوت صداه ومادحيهم لتكبر المشكلة البسيطة الى ازمة ومن ثم عقدة تحل بالأعقد , لم يتركوا للعقل ان يتكلم ولم ينصت احدهم للاخر , شجاعة الاعتراف انطمرت بالتعنت والعناد والعودة للارتباط بالعشيرة والعرق  ليصل المجتمع الى انقسامات عرقية مذهبية طائفية مرجعية فكرية حزبية ومناطقية , حقائق لا يمكن تجاوزها حينما لا نقر بالتشخيص  ومرض لابد للطبيب من اخبارنا بأسبابه قبل ان نصل الى ساعات الموت فنلومه ونلوم انفسنا لماذا سكتنا عن الألحاح لمعرفة الحقائق  واخذنا العلاج , وليس عيب على الكل الاعتراف  بالأخطاء الكبيرة والمراجعة دون التراجع ونترك الشعارات والتفكير للأطاحة بالاخر , لا بأس ان نختلف ونشبع القضايا نقاش وليس  بالضرورة ان نقول امام كاميرات الاجتماعات ان وجهات النظر متطابقة ونرسم الابتسامة العريضة وفي داخل كل واحد غي ّ للاخر  , انما اختلافنا في طريق الوصول الى نفس الهدف , المواطن لم يعد غافلاّ وطبيعة حياته جعلته متمرس في السياسة يقرأ لماذا يضحك الساسة في الاجتماعات ويعرف من يضحك عليه ومن يضحك على شريكه , فقد سأم حلول التوافق والتراضي والصفقات والسلة الواحدة وفوائد الاطراف السياسية وترك  المشاكل عالقة يتفق على الشكليات ويختلف في التطبيقات , سأم السرية والمساومة والمزايدة والمخداعة ويبحث عن السياسي الناجح من يشارك الرأي العام ويتنفس همومه ويجد لصوته صدى في  افعاله  ولا يريد ان يزج في معركة ظاهرها وطنية وباطنها شخصية  ويريد العمل وفق قنوات القانون وترك قنوات الفضاء , يتسأل  لماذا يتشاتمون ويتهم احدهم الاخر بالخيانة ويصمتون امام ما متاح لهم من قانون وحصانة ووسائل تواصل واجتماعات  ؟ ولماذا التضليل على الرأي العام  وجعله يعيش حالة من الخوف والترقب من خطورة الارهاب وعودة الدكتاتورية  الاّ  بوجودهم ؟  ولماذا يجعل امام خيارات من سيء لأسوء وازمات مفتوحة واقناع الشعب انهم كتب لهم في التاريخ وكتب المنجمين  الحروب والدماء والمشاكل وانهم بضاعة رخيصة  ؟  ولماذا لا يدرك الساسة انهم  في مركب واحد وثقب صغير من احدهم سوف يغرقهم جميعاّ  وان النار ان اشتعلت سوف تحرق النار تحت اقدامهم قبل ان تحرق العراقيين  ؟  ومتى نجلس على كرسي الاعتراف مع انفسنا للبحث عن حلول لمشاكلنا قبل ان نلوم الأخر في اخطائنا , ومتى يدرك ساسة العراق ان هنالك شعب يعاني من سوء الخدمات والبطالة وأزمة في السكن وبحاجة الى حلول جذرية …