22 نوفمبر، 2024 7:19 م
Search
Close this search box.

كردستان بين العرب وإسرائيل

كردستان بين العرب وإسرائيل

ارتفعت فى الفترة الأخيرة دعوات التطبيع بين العرب وإسرائيل سواء على مستوي النظم الحاكمة أو فى أوساط نخبة من يسمون أنفسهم المثقفون والمفكرون بصورة أصبح الحديث عن التطبيع مع اسرائيل أمر قابل للنقاش العلني وليس وراء الكواليس .
لم يعد الأمر سرا، بل صار علنا وأمام الكاميرات، دخل العرب وإسرائيل مرحلة الجهر بالحب، فها هي كاتبة كويتية تغرد بالعبرية، وتجري حوارات مع وسائل الإعلام الإسرائيلية، وهذه وفود بحرينية وعراقية تزور تل أبيب ، وهذا زعيم يعترف بالتعاون الكامل مع إسرائيل ولا يجد غضاضة فى ذلك…
وفى وسط هذه الأجواء المفعمة بالحب بين العرب وإسرائيل تذكرت أجواء استفتاء كردستان (سبتمبر 2017 ) عندما أراد الأكراد بالعراق تقرير مصيرهم وتحديد علاقتهم بالحكومة المركزية ببغداد، وكيف تعاملت الدول العربية ووسائل إعلامها مع الاستفتاء الكردي.
“اسرائيل الثانية” كلمة سمعتها كثيرا ممن يسمون أنفسهم سياسيون ومحللون وإعلاميون عرب خلال تعليقهم على استفتاء كردستان، زاعمين أن دولة كردستان حال قيامها ستكون اسرائيل جديدة بالمنطقة وسترتبط بعلاقات قوية مع تل أبيب وتتآمر معها على العرب !!
وقف العرب والترك والفرس فى وجه الاستفتاء الكردي، وأجهضوا الحلم الكردي، وتأمروا على الأكراد، وحاصروهم وفرضوا عليهم العقوبات.
اليوم وبعد أكثر من عام على الاستفتاء الكردي وفشل قيام دولة “اسرائيل الثانية” كما وصفها العرب، نري نفس العرب يولون وجوههم شطر تل أبيب، ويطوفون حول اسرائيل الأولي، ويتغزلون فى زعمائها .
تغيرت وجهة النظر العربية، وأصبحت إسرائيل “الأولي” دولة شقيقة، ولكنهم مازالوا ينظرون لكردستان بتوجس وترقب دون سبب مبرر أو مقنع .
يتحدث العرب دوما عن مخاوفهم من التمدد الشيعي والنفوذ الإيراني ومحاولة نظام الملالي اختراق الدول العربية دون ان يقوموا بخطوات فعالة لمواجهة هذا النفوذ، وهذا الإختراق.
ترك العرب العراق فريسة للإيرانيين بصورة أصبحت بغداد جزء من الأمبراطورية الفارسية كما وصفها أحد مستشاري خامنئي قبل ذلك، وبدلا من قيام العرب بدعم كردستان التي تمثل شوكة فى ظهر التمدد الإيراني بالعراق سقط العرب فى فح مقاطعة وحصار كردستان عقب أزمة الاستفتاء.
يحتاج العرب لاعادة النظر فى علاقتهم بكردستان وتطبيع العلاقات مع أربيل التي هى بالتأكيد أفضل بكثير من التطبيع مع تل أبيب فى ظل أواصر الدين والتاريخ والقواسم المشتركة بين العرب والكورد.
يحتاج بعض المثقفون العرب للتعرف على القضية الكردية وتاريخها وحجم المظالم والمذابح التي تعرض لها الكورد بصورة ربما تدفعهم لاعادة النظر فى مواقفهم من التطبيع مع إسرائيل وتحويل قبلة التطبيع مع كردستان .
حقيقة أشعربحزن وأنا أضع الكورد بتاريخهم المشرف فى الإسلام فى مقارنة مع الكيان الصهيوني المجرم، الأزمة ليست فى الكورد بالتأكيد ولكنها فى انتكاسة الفطرة التي أصابت بعض العرب، فجعلت العدو صديق، والأخ عدو !!
وأنني من هذا المكان أدعو السيد نيجرفان رئيس حكومة كردستان ورئيس الإقليم المنتظر أن يخطو خطوة من خطواته الجريئة كما اعتدناه دوما ويطلق مبادرة للتقارب الكردي العربي يتم فيها تبادل الزيارات والوفود المشتركة مع الدول العربية .
يمكن لحكومة كردستان أن تعتبر عام 2019 عام الانفتاح على العرب وتعريف المثقفين والمفكرين العرب بالتاريخ الكردي، والدور الذي لعبه الكورد فى دعم شعوب المنطقة، على حكومة الإقليم أن تُطبع العلاقات وتًعقد الاتفاقيات وتشارك فى الفعاليات الثقافية والمنتديات والمهرجانات الفنية بالدول العربية.
يستطيع نيجرفان برزاني أن يحول القبلة العربية من تل أبيب لآربيل، ويجعل كردستان مزارا عربيا كما جعلها قبلة للساسة الأوروبيين.
يستطيع نيجرفان أن يجعل أربيل عاصمة الثقافة الشرق أوسطية، ومحور سياسة المنطقة، وقبلة المفكرين و الاقتصاديين والمستثمرين العرب بصورة تنقذ هؤلاء من فخ التطبيع وتحميهم من وصمة الخيانة.. فهل يفعلها نيجرفان ؟…

أحدث المقالات