23 ديسمبر، 2024 12:35 ص

حروب استمرت لسنين طوال واضطهاد وقتل وتهجير ومؤامرات من دول الجوار وغيرها وهضم للحقوق من السلطة الحاكمة ، ولكل  المآسي التي تقع والمواجهات والحروب كان لا بد من تقديم تبريرات لحشد الناس ، وكان اختلاف القومية هو قميص عثمان الذي تتمسك به كل الأطراف سواء المتحاربة أو التي توقد بالنار مع العلم أن الكل يعرف أن دول العالم المتحضر يعيش فيها المواطن آمنا رغم اختلاف القوميات والألسن والديانات والمذاهب والأفكار والعقائد ، ولكنه التفرد بالسلطة والمصالح الشخصية والفهم السطحي والمؤامرات والفساد تدخلت في الأمر ليكون الصراع ونتيجته كم هائل من الضحايا بين قتيل  وجريح ومهجر وكم هائل من الأرامل والأيتام  وآلام وحسرات وآهات ، ورغم أن الصورة غير الصورة في وقتنا الحاضر لكنها للمتبصر يمكن أن تعود في أي لحظة إلى ما كانت عليه أو أسوء ، ويرى الكثير إن الحل في الانفصال فهو الضامن للشعب الكردي من تكرار المظالم ، ولكني اعتقد أن الانفصال لن يحل المشكلة مع وجود الكثير من الظروف التي تؤجج الصراع لإضعاف الجميع لأجل المحافظة على الأمن القومي لدول أخرى ، وكذلك فان حل الإقليم رغم أنه كان الخلاص لشعبنا الكردي في حكم صدام من الاضطهاد إلا إنه لن يكون الملاذ الآمن للكرد والدليل هو الوضع الحالي الذي يعيشه العراق ، فبعد تغيير النظام لم يحصل أبناء العراق بكل قومياتهم وطوائفهم على حقوقهم كمواطنين من الدرجة الأولى ولم تتحقق العدالة الاجتماعية على أرض العراق رغم اختلاف الحكومات ورغم مشاركة الكل فيها ، فإن انتشار الفساد والحكم على أساس التحزب أو العائلة منتشر بصورة جلية حتى وإن ظلل عليه غمام التعصب الطائفي أو القومي المنتشر ، وفي ظل هذه الظروف سوف يكون الإنسان البسيط هو الضحية وسوف تنشأ لدينا دول القبائل أو العشائر أو العوائل ، وسوف يكون فيها المواطن مجرد عدد لإكمال مسمى الدولة أو لاستخدامهم في الحروب أو لعدم القدرة في القضاء عليهم وإلا فهم لن تكون لديهم حقوق كما في دول العالم المتقدم ولن تستطيع شعوبنا سواء كانت كردية أو عربية سنية أو شيعية من أن تحاسب الحاكم فهو مازال الإنسان الكامل والذي لا يخطأ والذي يعرف المصلحة حتى لو أدى ذلك إلى ذبح الشعب ودفنه في المقابر ، والسؤال المطروح إلى متى يستمر هذا الوضع المأساوي وهذه الحروب التي تصنع صناعة في مختبرات الدول الأخرى من أجل تدمير وتخلف شعوب المنطقة ؟ وما هو الحل ؟ فلا ما يسمى بالحكم الذاتي ولا الإقليم ولا الدولة أو تعدد الدول سوف يكون الحل فما زالت الأطراف تحمل في نفوسها أسباب التفرق والتخوين والخوف وعدم الاطمئنان والهضم ، وسوف يكون الحل ليس في شكل التنظيم الذي يحكمنا بقدر ما يكون في كيفية التمكن من الوصول إلى حالة الهدوء والراحة النفسية والعدالة الاجتماعية التي يفقدها المواطن في مناطقنا والتي يعيشها ويشعر بها المواطن في الدول المتقدمة ، والرقي به إلى تلك الحالة التي عاشها الإنسان في بعض فترات الدولة الإسلامية التي لم تُهضم فيها حقوق الفقير وكان الناس سواسية وعندها لن يكون هدف المواطن هو هذا الوطن أو ذاك ، أو تلك القطعة من الأرض ، أو ذلك البئر من النفط لأن الأرض لله وقد خلقها للناس جميعاً وجعلهم شعوباً وقبائل ليتعارفوا لا ليتقاتلوا . وستبقى كردستان أو غيرها من مناطق العراق في حيرة من الأمر لأن الحلول ليست منطقية بقدر ما هي ترقيعية تحمل في طياتها سبب خرابها وفنائها وعودتها للتناحر والصراع .