23 ديسمبر، 2024 4:45 ص

كربلاء مازلتِ منبع للعطاء 

كربلاء مازلتِ منبع للعطاء 

كثيرةً هي المُدن في ارجاء الارض المعمورة، لكن البعض  منها لها خصوصية واهمية بالغة للبشرية ولا سيما في ما يخص البلدان الاسلامية لما له تأثير في نفوس المسلمين؛ كمكة المكرمة، والمدينة المنورة، وارض النجف، و لاننسى “كربلاء” ايضاً، ان الله قد خصها بعنياته جاعلاً منها كعبةٍ لِاحرار العالم يهتدي اليها الثوار الطالبون بالحرية والكرامة والتحرر من قيود العبودية من حُكام الجور.
   مدينة كربلاء حالها كسائر المدن الاخرى، لا تختلف عمن سواها من نظيراتها من حيث مكوناتها، من خصوبة ارض ومجرى المياه فيها “نهر الفرات” وكثافة بساتينها بنخيلها واشجارها المثمرة، كل هذا لم يجعل لها صبغة خاصة بها لكي تتميز عن باقِ المدن الاخرى من العالم. 
   اذاً اين يكمن سر الخلود لهذه المدينة، ومن اين اكتسبت المكانة العظيمة والقداسة في نفوس المسلمين والبشرية معاً؟ لابد من وراء هذا سر عظيم ارتبط بها مما جعلها محط انظار العالم بأسره؟ الاجابة تكتمن بكلمة واحدة، تغني الجميع والباحثين عن السر فلا يحتاج الباحثون الى وقت طويل لتآمل او الحيرة لمعرفة اللغز الخاص بها، الكلمة هي الحُسين ابن علي “ع”، سر خلود هذه المدينة.
   قد تطلول الاعمار لا خير فيها *** ويظم الامجاد يومُاً قصيرُ اصحاب الاعمار الطويلة “المُعُمرون” في هذه الدنيا كثيرون ولكن عند الوقوف على تسلسل حياتهم لا نجد اي اثر يذكر لهم ولم يقدموا شيء للبشرية، وكذالك الدُعاة والمصلحون والثوار في هذه الدنيا كثيرون، لكن صداهم ليس كصدى الحُسين “ع” اخذ مدى اكثر بُعداً من المديات الاخرى، ليس لكونه سبط النبي و عصمته من الخطء، انما كان السر من خلوده “عليه السلام”، موقفه يوم طف كربلاء الذي اصبح يوم استشهاده بمثابة يوم ولادته “عليه السلام” فاحيا الدين والانسانية بدمائه الطاهرة، ولم يك من اصحاب الاعمار الطويلة، لكن خُلد ذِكراه موقفه يوم عاشوراء. 
   يتسائل المرء عن سر العلاقة و الخلود بين الحُسين وكربلاء? مدينة كربلاء خُلقت لسبط الشهيد “ع”، والحُسين خلق لموقف طف كربلاء، التي رسمت دمائه لنا صورة الاسلام المشرق الذي جاءه به جده رسول الله “ص” والحفاظ على الخط الاصيل للاسلام المشرق بسماحته وانسانيته وعدالته، الذي اراد الامويين من اضافة الوان معتمة لصورة لكي تكون غير واضحة المعالم، لِيضلوا الناس ويجعلوا منهم عبيد لحُكام السلطة حتى لايميزوا بين الحق والباطل. فيوم الحُسين “ع” بدد احلامهم وكشف نواياهم ومزق خططهم في دق الفرقة في جسد الامة الاسلامية، فكانت دمائه كالبلسم لجراح المسلمين ولرسالة جده “صلى الله عليه وآله”