23 ديسمبر، 2024 10:01 ص

كربلاء كان ياما كان ونديمكم هذا المساء

كربلاء كان ياما كان ونديمكم هذا المساء

كثيرون رحلوا وتركوا غصة وجرح عميق من الذكريات في زمن الابداع المسرحي لازالت ذكراهم عبارة عن جرح عميق ينزف دمآ في شرايين القلب¡ وخاصة إذا كان الشهيد فنانآ أستشهد غيلة وغدرآ. فنان ومخرج مسرحي يحمل في صدره صندوق الدنيا وقلب كبير شراينه تصب في نهر الحسينية مشاعر إنسانية ورقة
القلب ¡ قليل الكلام يمتاز بهدوئه وإذا تكلم يتحدث عن الجمال وعن المسرح وانسانية الانسان , نعمة أبو سبع عملنا سوية في المسرح الكربلائي في السبعينات ومنتصف الثمانينات وكان المسرح العراقي وخاصة في مدينة كربلاء في أوج نشاطه وعز إزدهاره من مسرحيته كان ياما كان الى مسرحيتي نديمكم هذا المساء وجمهور كربلاء الرائع والمثقف والمتابع أيام زمان , وكثرة المسارح والمراكز الثقافية والفرق الموسيقية مهرجان الاخيضر
هكذا كانت كربلاء مدينة تروى من نبع الحسينية في كل شارع وفي كل مسرح لنا ذكرى¡
أرض الطف عبر التأريخ
والازمان رغم قلبها الهجير وحل فيها الجدب وزحف عليها
تصحر الطار لكن كلام وايقاع أهلها يصدر من القلب ويصل
مباشرة الى القلب ويصل بدون أية موانع لأن القلوب العامرة ذات اللغة النبيلة والشفافة مفتوحة على بعضها
إنها كالسواقي الطافحة بماء الزلال¡ واهلها ذوي القلوب العامرة هم جيش من الشرفاء والخيرين..
وفناننا نعمة ابو
سبع قتل في زمن الموت والقتل ¡القاتل يطلق الرصاص
على أجساد بشرية وتحلق الارواح ويخلق حالة الفجيعة
طالما درسها الفنان نعمة في كتب وثأريخ المسرح اليوناني ومسرح الغدر والخيانة في مسرح شكسبير
رصاص القاتل لايميز مابين الفنان أو الشاعرالمهم إغتيال
والغاء الصوت الاخر ويسقط الشهيد مضرجآ بأحلامه ويسيل ويلعق دمه إسفلت الشوارع. وفي مسرحيته كان يا ما كان شاهدتها في بغداد وكانت تنساب بعذوبة
كربلائية مبنية على الايقاع والغناء الكربلائي والغزل وارتعاشات الروح في أزقة كربلاء الضيقة وجنة بساتينها
وعطر الجوري الفواحة من مدخل شارع باب بغداد الى شارع العباس مرورآ بشارع صاحب الزمان وزغردة طيور الحب والحواري الكربلائيات العفيفات مابين الحرمين. ومن
قلب الغنائية والرقة المنهمرة كسحب سماوية لاتعرف إلا
الالفة والهطول مابين دموع الفرح وهطول دموع المطر
في عاشورا.. ياحسافة فناننا الجميل أبو عمر إستطاعت
رصاصات الغدر أن تخدش مشاعر الرومانسية الفجة لتفجر الالم المكبوت وبشاعة الغدر الذي يحيا بيننا¡ ويتم
إغتيال الفرح في وضح النهار ويبدا الضجر الذي يملأ عوالمنا. وكان الفنان نعمة ابو سبع يختار عناوين مسرحياته مابين سلالم الحب والغربة والالم¡ كانت الشموع والفوانيس والطقوس الكربلائية وحلم الطفولة والحرية ويهتف لكل المقهورين ولمجد الانسان. لقد رحل الفنان نعمة ابو سبع دون أن أودعه كما ترحل السنونو في الخريف ولم يعد الربيع من بعده ¡قتلته أسلحة الطيش لم يبقى لنا سوى بطاقة وداع لروح الفنان وجيل من طيور الحب تغرد على مسارح كربلاء الادارة المحلية
ونقابة الفنانين¡ عشرون عامآ على رحيلك وعشرون رصاصة في القلب لتخلق فجيعة في المسرح الكربلائي
من بعدك..في مسرحيتك اللصوص ربما كنت تعلم بقدوم
الاوباش والدهماء قادمين مع الظلام لكي يطفئوا ضياء الامل والحب¡ وفي مسرحية طلوع القمر شاهد على
جريمة القتل¡ وكنت تبحت في مسرحيتك عن عريس لبنت السلطان¡ وعن سر الكنز وعن عيد سعيد¡ وانت تحمل القنديل ومصباح المصابيح بحتآ عن تراجي تسواهن ¡ودور ياناعور وشجرة العائلة والشهيد ويالكثرتهم يانعمة في زمن القتل الجماعي وفرق الموت
ياصديقي الغائب والحاضر, كنا نعيش في السبعينات ومنتصف التمانينات في مدينة المحبة واسدلت الستار
على روحك الطاهرة وكانت نهاية اللعبة المسرحية.
وكان
العراق خيمة المحبة وصفاء القلوب.
أما كربلاء كانت الحبيبة وليالي الحصاد

مخرج وناقد مسرحي
ستوكهولم